مُنَافِيَةٌ لِلْمَشْيِ (ص) وَهَلْ وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِهَا أَوْ إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ خِلَافٌ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَنَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَحَدِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَاضِلًا كَأَنْ نَذَرَ مَنْ بِمَكَّةَ الصَّلَاةَ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ وَعَكَسَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَفْضُولًا كَمَا إذَا كَانَ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ وَنَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَأْتِي مَنْ هُوَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِمَكَّةَ إذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ وَالَى هَذَا أَشَارَ بِالْخِلَافِ (ص) وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ ثُمَّ مَكَّةَ (ش) لِمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَوْ إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ أَخَذَ يُبَيِّنُ الْأَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ وَالْمَدِينَةُ إلَخْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَأَمَّا هُمَا فَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِمَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي الْفَاضِلِ مِنْهُمَا فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْبُقْعَةِ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهَا أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَنْ النُّذُورِ كَانَ هُوَ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ الْمُعِينَةِ لِلْجِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ.
(بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً التَّعَبُ وَالْمَشَقَّةُ وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ قِتَالُ مُسْلِمٍ كَافِرًا غَيْرَ ذِي عَهْدٍ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حُضُورُهُ لَهُ أَوْ دُخُولُهُ أَرْضَهُ لَهُ فَخَرَجَ قِتَالُ الذِّمِّيِّ الْمُحَارِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ نَقْضٍ وَقَوْلُهُ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ قَاتَلَ لِلْغَنِيمَةِ أَوْ لِإِظْهَارِ الشَّجَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَكُونُ مُجَاهِدًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ حَيْثُ أَظْهَرَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُهَا حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ حُضُورُهُ أَوْ دُخُولُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قِتَالٍ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْجِهَادَ أَعَمُّ مِنْ الْقِتَالِ أَوْ الْحُضُورِ لِلْقِتَالِ وَالضَّمِيرُ فِي الْحُضُورِ يَعُودُ عَلَى الْقِتَالِ وَضَمِيرُ لَهُ يَعُودُ عَلَى إعْلَاءِ أَوْ عَلَى الْقِتَالِ وَضَمِيرُ أَرْضِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِهَا إلَخْ) لَوْ قَالَ وَهَلْ مُطْلَقًا لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَلْزَمُهُ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ بِمَسْجِدِ إيلِيَاءَ) أَيْ بِمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الْمُسَمَّى بِإِيلِيَاءَ (قَوْلُهُ وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ) أَيْ ثَوَابُ الْعَمَلِ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ الْعَمَلِ فِي مَكَّةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّتِي هِيَ الْمَدِينَةُ وَمَكَّةُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي الْبِقَاعِ وَلَوْ الْمَسَاجِدَ الْمَنْسُوبَةَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَسْجِدِ قُبَاءَ وَالْفَتْحِ وَالْعِيدِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ وَغَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ ضَمَّتْ جَسَدَهُ الشَّرِيفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ مَسَّتْ أَعْضَاءَهُ لَا كُلُّ الْقَبْرِ فَمَا مَسَّ أَعْضَاءَهُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَتَّى الْكَعْبَةِ وَالسَّمَوَاتِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَاللَّوْحِ وَالْقَلَمِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَيَلِيهِ الرَّوْضَةُ وَيَلِيهَا الْكَعْبَةُ؛ فَالْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَدِينَةِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْمَسْجِدَانِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْكَعْبَةِ وَالْقَبْرِ الشَّرِيفِ فَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ وَلَمَّا زِيدَ مِنْ مَسْجِدِهِ الشَّرِيفِ حُكْمُ مَسْجِدِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ.
(فَائِدَةٌ) عَدَمُ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ قَالَ مَالِكًا الْقَفْلُ أَيْ الرُّجُوعُ أَفْضَلُ مِنْ الْجُوَارِ
[بَابٌ أَحْكَامَ الْجِهَادِ]
(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ بَعْضُهُ وَهُوَ اثْنَانِ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَتَعَيَّنَ إلَخْ (بَابُ الْجِهَادِ) اعْلَمْ أَنَّ الْجِهَادَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَ حَرَامًا ثُمَّ أُذِنَ فِيهِ لِمَنْ قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أُذِنَ فِيهِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ثُمَّ أُذِنَ فِيهِ مُطْلَقًا مِنْ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ أَحْكَامُ الْجِهَادِ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِهَادِ اعْلَمْ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقَ بِالْجِهَادِ أَحْكَامٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ فَالْعَطْفُ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ وَالْمَشَقَّةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ قِتَالُ مُسْلِمٍ) ، فَإِنْ قُلْت الْقِتَالُ الْمَذْكُورُ أَصْلُهُ الْمُفَاعَلَةُ فِي اللُّغَةِ فَهَلْ الْمَقْصُودُ هُنَا ذَلِكَ أَوْ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ قُلْت لَيْسَ بِمَقْصُودٍ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ وَإِلَّا كَانَ حَدُّهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ بِمَا إذَا قَتَلَهُ كَافِرٌ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ فَلَا تَضُرُّ فِي التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ كَافِرًا) . وَأَمَّا قِتَالُ الْمُحَارِبِ الْمُسْلِمِ فَلَا يُقَالُ لَهُ جِهَادٌ (قَوْلُهُ الْمُحَارَبِ) أَيْ الَّذِي يَقْطَعُ طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) . وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ نَقْضٌ فَيَكُونُ جِهَادًا قَالَ فِي ك بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَجَاهَرْ هَذَا الذِّمِّيُّ بِقِتَالٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِزْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِمُحَارَبَتِهِ وَيُنْتَقَضُ بِقِتَالٍ فَافْهَمْ وَيُرَدُّ عَلَى التَّعْرِيفِ الضَّالِّ بِبَلَدِنَا وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مُلْحَقٌ بِالْمُجَاهِدِ، وَالتَّعْرِيفُ إنَّمَا هُوَ لِلْجِهَادِ الْحَقِيقِيِّ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِمَا) أَيْ قَاتَلَ لَأَنْ يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَثَامِنَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ حَيْثُ أَظْهَرَ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُعْطَى مِنْ الْغَنِيمَةِ إنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ هَذَا بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمُقَاتَلَةِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت شَيْخَنَا كَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ مَا نَصَّهُ. وَأَمَّا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَيُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا مِنْ شُرُوطِ السَّهْمِ لَهُ كَوْنَهُ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ أَوْ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَادِ الْكَامِلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ إنَّمَا قَالَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الْجِهَادُ إلَّا لِلَّهِ لَا لِشَيْءٍ آخَرَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُهَا) مُطْلَقًا أَظْهَرَ ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ حَيْثُ عَلِمَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ الْحُضُورِ) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ أَوْ الدُّخُولَ (قَوْلُهُ يَعُودُ عَلَى الْقِتَالِ) الْأَظْهَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَهُ عَائِدٌ عَلَى الْقِتَالِ (قَوْلُهُ وَضَمِيرُ لَهُ يَعُودُ عَلَى إعْلَاءٍ أَوْ عَلَى الْقِتَالِ) الْأَقْرَبُ عَوْدُهُ عَلَى الْقِتَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute