للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَهُ عَلَى الْقِتَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْأَوَّلَ عَائِدٌ عَلَى الْقِتَالِ وَالثَّانِي لِلْقِتَالِ أَوْ لِإِعْلَاءِ الْكَلِمَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ مُحَافَظَةً عَلَى ذِكْرِ الْجَلَالَةِ فِي الرَّسْمِ لِلْبَرَكَةِ، وَإِضَافَةُ الْكَلِمَةِ إلَى اللَّهِ عَلَى مَعْنَى الْكَلِمَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] ثُمَّ إنَّ الْجِهَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ جِهَادٌ بِالْقَلْبِ وَهُوَ مُجَاهِدَةُ الشَّيْطَانِ وَالنَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَجِهَادٌ بِاللِّسَانِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَجِهَادٌ بِالْيَدِ وَهُوَ زَجْرُ الْأُمَرَاءِ أَهْلِ الْمَنَاكِرِ بِالضَّرْبِ وَالْأَدَبِ بِاجْتِهَادِهِمْ وَمِنْهُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَجِهَادٌ بِالسَّيْفِ وَلَا يَنْصَرِفُ حَيْثُ أَطْلَقَ إلَّا إلَيْهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (ص) الْجِهَادُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ كُلَّ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَيِّنَ طَائِفَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِجِهَادِ الْكُفَّارِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَكُونُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ لِلْعَدُوِّ مَعَ قِلَّةِ خَوْفِ غَيْرِهَا لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَإِنْ تَسَاوَى الطَّرِيقَانِ خَوْفًا فَالنَّظَرُ لِلْإِمَامِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْلِمِينَ كَفَاءَةٌ لِجَمِيعِ الْجِهَاتِ وَالْأَوْجَبُ سَدُّ الْجَمِيعِ.

(ص) ، وَإِنْ خَافَ مُحَارِبًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَإِنْ حَصَلَ الْخَوْفُ مِنْ الْمُحَارِبِينَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُحَارَبُ فِي طَرِيقِ الْمُجَاهِدِينَ أَوْ عَلَى حِدَةٍ أَيْ فِي جِهَةٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ (ص) كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ (ش) الْمُرَادُ بِزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ إقَامَةُ الْمَوْسِمِ أَيْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فِي كُلِّ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ زِيَارَةَ الْكَعْبَةِ لَيْسَتْ فَرْضًا فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُرْسِلَ جَمَاعَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ لِإِقَامَةِ الْمَوْسِمِ إنْ كَانَ إمَامٌ وَإِلَّا فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَكْفِي إقَامَتُهُ بِالْعُمْرَةِ (ص) فَرْضُ كِفَايَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ مَعَ خَوْفِ مُحَارِبٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: ٩٥] فَلَمَّا وَعَدَ اللَّهُ الْقَاعِدَ وَالْمُجَاهِدَ الْحُسْنَى عُلِمَ أَنَّ الْخِطَابَ بِهِ لِلْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْأَعْيَانِ لَكَانَ الْقَاعِدُ بِلَا ضَرَرٍ عَاصِيًا.

(ص) ، وَلَوْ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَوْ مَعَ الْوَالِي الْجَائِرِ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَضَعُ الْخُمُسَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يَفِي بِعَهْدٍ ارْتِكَابًا لِأَخَفْ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَزْوَ مَعَهُمْ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى جَوْرِهِمْ، وَتَرْكُ الْغَزْوِ مَعَهُمْ خِذْلَانٌ لِلْإِسْلَامِ وَنُصْرَةُ الدِّينِ وَاجِبَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْوَالِي أَمِيرُ الْجَيْشِ (ص) عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَإِضَافَةُ الْكَلِمَةِ) إطْلَاقُ الْكَلِمَةِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] وَالْعِبَادَةُ مَأْمُورٌ بِهَا وَمِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَةِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَأَرَادَ بِهَا الطَّاعَةَ، وَالدَّلِيلُ إذَا كَانَ يَشْمَلُ الْمُدَّعِي وَغَيْرَهُ لَا يَضُرُّ نَعَمْ إذَا كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْمُدَّعِي وَغَيْرِهِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْجِهَادَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجِهَادَ لَهُ مَعَانٍ أُخَرُ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ) بَلْ وَالْمُبَاحَةِ؛ لِأَنَّ الِانْهِمَاكَ فِيهَا لَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ أَهْلُ الْمُنَاكِرِ) جَمْعُ مُنْكَرٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الْجِهَادِ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْصَرِفُ حَيْثُ أَطْلَقَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُلِّ شَرْعًا إلَّا أَنَّهُ أَظْهَرَ فِي جِهَادِ الْكُفَّارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِيقَةُ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ عَيْنِيٌّ وَالْجِهَادُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْأُمَّةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَكَيْفَ يَقُولُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْقَى الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ ثُمَّ يَقُولُ وَالْمَطْلُوبُ بِتَحْصِيلِ ذَلِكَ أَيْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْإِمَامُ عَيْنًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ طَائِفَةً (قَوْلُهُ وَيَكُونُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي أَهَمِّ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ لَا بِالْجِهَادِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ حَيْثُ تَعَدَّدَتْ الْجِهَةُ وَفِيهَا أَهَمُّ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي الْأَهَمِّ مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ حَيْثُ كَانَ الْخَوْفُ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جِهَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا أَهَمُّ أَوْ فِيهَا أَهَمُّ وَجَاهَدَ فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَ مُحَارَبًا) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُحَارَبُ هُوَ الَّذِي يَقْطَعُ طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ الْخَوْفُ مِنْ الْمُحَارَبِينَ) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرُ الْمُحَارَبِينَ أَعْظَمَ، وَالْأَقْدَمُ (قَوْلُهُ أَيْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) تَفْسِيرٌ لِلْمَوْسِمِ، وَلَوْ كَانَتْ إقَامَتُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَرْضَ عَيْنٍ وَلَا يَكْفِي إقَامَتُهُ بِالْعُمْرَةِ وَمَنْ حَجَّ الْفَرْضَ بِطَلَبٍ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْكِفَايَةِ فَيَكُونَ أَكْثَرَ ثَوَابًا وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِقِيَامِ الْبَعْضِ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ يَحْصُلُ الْقِيَامُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ أَوْ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ تَفْسِيرًا لِلْمَوْسِمِ ثُمَّ رَأَيْت فِي عب مَا يُؤَيِّدُهُ أَوْ بِالتَّحَلُّلِ (أَقُولُ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ الْفَرْضُ وَقُلْتُمْ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ هَلْ ثَوَابُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا؟ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُرْسِلُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِهَادَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْلِمِينَ كِفَايَةً وَعَيْنًا وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا بَلْ يُقَالُ هُوَ وَاجِبُ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ فَقَطْ، فَإِنْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ فَقَدْ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ وَإِلَّا أَثِمُوا كُلُّهُمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي إقَامَتُهُ بِالْعُمْرَةِ) أَيْ الْمَوْسِمُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى النُّسُكِ الَّذِي يُفْعَلُ فِي تِلْكَ الْأَمَاكِنِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَمَا قَارَبَهَا لَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ جَمِيعِ الْبُلْدَانِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ حَيْثُ قَالَ وَقَطَعَةُ الطَّرِيقِ مُخِيفُوا السَّبِيلَ أَحَقُّ بِالْجِهَادِ مِنْ الرُّومِ لِاتِّصَالِ ضَرَرِهِمْ دُونَ الْكُفَّارِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ الْحُسْنَى) أَيْ دُخُولُ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَفِي بِعَهْدٍ) الرَّاجِحُ أَنَّ الَّذِي لَا يَفِي بِالْعَهْدِ لَا يُقَاتَلُ مَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>