للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاهِنِ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ فَلَا تُرَدَّ وَيَخْتَصَّ بِهَا دُونَ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ مُرْتَهِنُهَا وَإِنْ رَهَنَ الْمُسْلِمُ عَصِيرَ الْمُسْلِمِ، أَوْ ذِمِّيٍّ فَتَخَمَّرَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُهْرِيقُهُ بِأَمْرِ حَاكِمٍ إنْ كَانَ حَاكِمٌ فِي الْمَوْضِعِ يَحْكُمُ بِبَقَائِهَا وَتَخْلِيلِهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلْأَمْنِ مِنْ التَّعَقُّبِ أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ ذِمِّيًّا فَإِنَّهَا لَا تُرَاقُ عَلَيْهِ وَتُرَدُّ إلَيْهِ وَاكْتَفَى الْمُؤَلِّفُ بِذِكْرِ التَّخَمُّرِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِالْعَصِيرِ إذْ لَا يَتَخَمَّرُ غَيْرُهُ

(ص) وَصَحَّ مَشَاعٌ وَحِيزَ بِجَمِيعِهِ إنْ بَقِيَ فِيهِ لِلرَّاهِنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشَاعَ مِنْ رِيعٍ وَحَيَوَانٍ وَعَرَضٍ وَعَقَارٍ يَصِحُّ رَهْنُهُ كَمَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَهِبَتُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ، أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِ الرَّاهِنِ اُقْتُصِرَ فِي الْحَوْزِ عَلَى حِصَّةِ الرَّاهِنِ، وَإِلَّا حِيزَ جَمِيعُ مَالِهِ مَا رَهَنَ وَمَا لَمْ يَرْهَنْ لِئَلَّا تَجُولَ يَدُهُ فِي الرَّهْنِ فَيَبْطُلَ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُزْءَ الْمَشَاعَ يُحَازُ بِسَبَبِ حَوْزِ الْجَمِيعِ، أَيْ: جَمِيعِ الشَّيْءِ الَّذِي اُرْتُهِنَ بَعْضُهُ مَشَاعًا إنْ كَانَ الْفَاضِلُ مِنْهُ بَعْدَ الْجُزْءِ الْمَرْهُونِ يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ، أَيْ: وَحِيزَ الْجُزْءُ الْمَشَاعُ الْمَرْهُونُ بِسَبَبِ حَوْزِ جَمِيعِهِ، أَيْ: مَعَ حَوْزِ جَمِيعِهِ، أَيْ: جَمِيعِ الْمَشَاعِ لَا جَمِيعِ الْجُزْءِ الْمَرْهُونِ، أَيْ: جَمِيعِ الْمَشَاعِ الَّذِي لِلرَّاهِنِ مَا رَهَنَ وَمَا لَمْ يَرْهَنْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ بَقِيَ فِيهِ لِلرَّاهِنِ فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَوْ بِمَعْنَى مَعَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ

(ص) ، وَلَا يُسْتَأْذَنُ شَرِيكُهُ (ش) ، أَيْ: إنَّ مَنْ لَهُ جُزْءٌ مَشَاعٌ فِي عَرَضٍ، أَوْ حَيَوَانٍ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ، أَوْ مِمَّا يَنْقَسِمُ لَهُ رَهْنُ حِصَّتِهِ، أَوْ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ يَتَصَرَّفُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَمْنَعُهُ رَهْنُ الشَّرِيكِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ شَرِيكَهُ عِنْدَ رَهْنِ حِصَّتِهِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ

(ص) وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ وَيَبِيعَ وَيُسْلِمَ (ش) ، أَيْ: وَلِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ أَنْ يَقْسِمَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَلَا كَلَامَ لَهُ، وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ إلَّا بِحِصَّتِهِ الْمُرْتَهَنَةِ وَلِلشَّرِيكِ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَ مَنَابَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْبَيْعِ عَلَى الشَّرِيكِ ضَرَرًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِيهِ الرَّهْنُ مُؤَجَّلٌ وَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ غَيْرُ الرَّاهِنِ حِصَّتَهُ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ تِلْكَ الْحِصَّةَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى تَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَاءَ وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ فَالضَّمِيرُ فِي وَلَهُ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الرَّهْنِ كَمَا قَرَّرْنَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَيَبِيعُ، إذْ الرَّاهِنُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ.

(تَنْبِيهٌ) : وَإِذَا كَانَتْ تَنْقُصُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً فَإِنَّهُ يُجْبِرُ الرَّاهِنَ عَلَى الْبَيْعِ، ثُمَّ إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا، أَيْ: ثَمَنُ حِصَّةِ الرَّاهِنِ وَإِنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ قَضَى مِنْهُ الدَّيْنَ إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ مِثْلِهِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ

(ص) وَلَهُ اسْتِئْجَارُ جُزْءٍ غَيْرِهِ وَيُقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ رَهْنُ جُزْئِهِ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ جَوَلَانِ يَدِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ حَوْزَ الْمُرْتَهِنِ بَلْ الْمُرْتَهِنُ يَقْبِضُ هَذَا الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ، أَيْ: يَقْبِضُ أُجْرَتَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعُهَا لِلْمُؤْجِرِ وَهُوَ شَرِيكُهُ الَّذِي رَهَنَ حِصَّتَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَوْلُهُ: فَلَا تُرَدَّ، أَيْ: بَعْدَ التَّخْلِيلِ لِرَاهِنِهَا الذِّمِّيِّ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَزِيدَ، وَلَا تُرَاقَ، وَالتَّقْدِيرُ: إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ فَلَا تُرَدَّ لِرَاهِنِهَا الذِّمِّيِّ، وَلَا تُرَاقَ عَلَى رَاهِنِهَا الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ ذِمِّيًّا) ، أَيْ: الذِّمِّيُّ رَهَنَ الْعَصِيرَ، ثُمَّ تَخَمَّرَ (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ إلَيْهِ) أَيْ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ فَإِنْ أَسْلَمَ أُرِيقَتْ وَهَلْ بِحَاكِمٍ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ أَيْضًا أَمْ لَا.

[رَهْنُ الْمَشَاعَ]

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمَشَاعَ) ، أَيْ: الْجُزْءَ الْمَشَاعَ، فَالْمَشَاعُ اسْمٌ لِلْجُزْءِ الْمَرْهُونِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ رَبْعٍ، أَيْ: بَعْضِ رَبْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حِيزَ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ، أَيْ: كُلُّهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ يَمْلِكُ نِصْفَ شَيْءٍ مَشَاعًا وَرَهَنَ نِصْفَ النِّصْفِ فَإِنَّهُ يَحُوزُ مِلْكَ الرَّاهِنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَيْ: مَعَ حَوْزِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِيَّةِ الْمَعِيَّةُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا حَاجَةَ لَهُ، وَلَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدُ فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَوْ بِمَعْنَى مَعَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيمَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ بَعْضَهُ أَنْ يَرْهَنَ حِصَّتَهُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ بَيْعَ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيُتَأَمَّلْ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَوَّبَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُفْتَقَرُ لِإِذْنِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ بَيْعَ حِصَّتِهِ أَوْ دُعَاءَهُ لِبَيْعِ جَمِيعِهِ فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا وَإِنْ كَانَ بِجِنْسِهِ قَضَى مِنْهُ الدَّيْنَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ مِثْلِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّحِيحُ عِنْدِي مَا قَالَ الْبَاجِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ قَدْ يَدْعُو لِبَيْعِ الْجَمِيعِ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّصِيبِ الْمَرْهُونِ وَمِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَوَثَّقَ فِي الرَّهْنِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ حَقٌّ فِي إزَالَةِ بَدْءٍ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِذَا اُسْتُؤْذِنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ لِبَيْعِ الْجَمِيعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ مَقُولُ قَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ.

(قَوْلُهُ: وَلِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ) مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَقْسِمَ مَنَابَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ شَرِيكُهُ فِي الْقَسْمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُبَاشِرَ الْقَسْمَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ شَرِيكِهِ، أَوْ وَكِيلِهِ، وَلَكِنَّ مُحَشِّي تت أَخَذَ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ فَاعْتَرَضَهَا قَائِلًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهَا فَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ قَاسَمَ ذَلِكَ الرَّاهِنَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ أَقَامَ الْإِمَامُ مَنْ يَقْسِمُ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ تِلْكَ الْحِصَّةَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَظْهَرُ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ رَهَنَ حِصَّتَهُ، وَالشَّرِيكَ الْآخَرَ يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرَكِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رَهْنِيَّةٌ كَفَرَسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>