للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِئَلَّا تَجُولَ يَدُهُ عَلَى الرَّهْنِ وَهُوَ شَائِعٌ فَيَبْطُلُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُقَاسِمَ الرَّاهِنَ فِي الرِّقَابِ، أَوْ فِي مَنَافِعِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، فَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ رَاجِعَانِ لِلرَّاهِنِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَيُقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ لَهُ، أَيْ: وَلِلرَّاهِنِ اسْتِئْجَارُ جُزْءِ شَرِيكِهِ وَيُقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْجُزْءَ لِلرَّاهِنِ يُرِيدُ: أَوْ يُقَاسِمُهُ فِي الرِّقَابِ، أَوْ الْمَنَافِعِ، وَالضَّمِيرُ فِي يُقْبِضُهُ رَاجِعٌ لِلْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ، أَيْ: وَالْأُجْرَةُ تُدْفَعُ لِلرَّاهِنِ

(ص) وَلَوْ أَمَنَّا شَرِيكًا فَرَهَنَ حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّنَا الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ بَطَلَ حَوْزُهُمَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ إذَا أَمَّنَا الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ عَلَى الْحِصَّةِ الْمُرْتَهَنَةِ وَهِيَ شَائِعَةٌ، ثُمَّ إنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّنَا الشَّرِيكَ الْأَوَّلَ عَلَى هَذِهِ الْحِصَّةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ شَائِعَةٌ بَطَلَ حَوْزُ الْحِصَّتَيْنِ وَفَسَدَتْ الْعُقْدَةُ مِنْ أَصْلِهَا لِجَوَلَانِ يَدِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا رَهَنَهُ؛ بِسَبَبِ أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ الرَّاهِنِ الثَّانِي، وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ حِصَّتَهُ تَحْتَ يَدِهِ، وَالرَّاهِنُ الثَّانِي جَائِلَةٌ يَدُهُ أَوَّلًا عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِالِاسْتِئْمَانِ الْأَوَّلِ وَلَوْ جَعَلَا حِصَّةَ الثَّانِي عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ بَطَلَ رَهْنُ الثَّانِي فَقَطْ لِحَوْزِهِ لِحِصَّةِ الْأَوَّلِ

(ص) ، وَالْمُسْتَأْجَرُ، وَالْمُسَاقَى وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ كَافٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَشَاعٍ أَيْ وَصَحَّ رَهْنُ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ لِمَنْ هُوَ مُسْتَأْجِرُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ وَكَذَلِكَ رَهْنُ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى لِعَامِلِهِ وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ بِالْإِجَارَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ كَافٍ عَنْ حَوْزٍ ثَانٍ لِلرَّهْنِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُمَا فَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُجْعَلُ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقَى رَجُلًا أَوْ يَتْرُكَانِهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَرْضَيَانِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَاهُ بِيَدِ غَيْرِ مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ عَامِلٍ، أَوْ أَجِيرٍ، وَمِثْلُ الْمُسْتَأْجَرِ الْمُسَاقَى الْمُودَعُ، وَالْمُعَارُ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَثَلًا يُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فَيُقَالُ لَهُ إذَا بِعْت حِصَّتَك لَا تُسَلِّمُ تِلْكَ الْفَرَسَ لِلْمُشْتَرِي بَلْ إذَا كَانَ شَرِيكُك حَاضِرًا فَسَلِّمْ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُشْتَرَكُ تَحْتَ يَدِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ، أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيَدِهِمَا مَعًا النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُرِدْ الْبَيْعَ غَائِبًا فَإِنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي يُرِيدُ الْبَيْعَ يَرْفَعُ أَمْرَهُ إلَى الْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَاءَ وَحِينَئِذٍ إنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ بِبَيْعِهَا مُفْرَدَةً فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُ بِبَيْعِ جَمِيعِهَا وَيَكُونُ ثَمَنُ حِصَّةِ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ تَكُونُ حِصَّةُ الْغَائِبِ تَحْتَ نَظَرِ الْحَاكِمِ إمَّا أَنْ يُبْقِيَهَا تَحْتَ يَدِهِ، أَوْ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْدَمَ صَاحِبُهَا الْغَائِبُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ الشِّرَاءُ مِنْ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، وَالْمَشْهُورُ امْتِنَاعُهُ أَمْ لَا اهـ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ، أَيْ: إلَى الشَّرِيكِ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَسْلِيمُ الْحِصَّةِ لِلْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ: وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ، أَيْ: يَدِ الْحَاكِمِ وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْحِصَّةُ الْمُشْتَرَاةُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ هُوَ حِصَّتُهُ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْصِ عِنْدَ الْبَيْعِ، أَوْ ثَمَنُهَا عِنْدَ النَّقْصِ كَمَا بَيَّنَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلًا بِمِيرَاثٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا، وَالشَّافِعِيَّةُ؛ لِأَنَّ أَخَسَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُودَعِ فِي الْأَمَانَةِ، وَالْمُودَعُ إذَا وَضَعَ يَدَ أَجْنَبِيٍّ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ.

فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ قُلْت: إنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، أَوْ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَاءَ الْحَاكِمُ وَوُضِعَ مَالُ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا غَيْرَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، أَيْ: فِي إقْبَاضِهَا لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ حِصَّةً تَبَعًا لِإِقْبَاضِهِ حِصَّتَهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّتِهِ بِالْبَيْعِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ فَبَيْعُهُ لِحِصَّةِ نَفْسِهِ جَائِزٌ، وَلَكِنْ يُحْتَاجُ فِي إقْبَاضِهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ وَغَيْرَ مُنْقَسِمَةٍ إلَى إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ أَقْبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ضَمِنَ كَذَا أَفَادَهُ مَنْ حَقَّقَ.

فَإِنْ قُلْت: إذَا فَرَضْت مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي مَوْضُوعٍ غَيْرِ مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَلَّمَ قُلْت: مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ إذَا كَانَ شَيْءٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ كَفَرَسٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَرَهَنَ عَمْرٌو حِصَّتَهُ فَيَجُوزُ لِزَيْدٍ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَيُسَلِّمَهَا لِلْمُشْتَرِي إنْ اقْتَضَى نَظَرُ الْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِزُ هُوَ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ اقْتَضَى نَظَرُ الْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِزُ الْمُرْتَهِنَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُقْبِضُهُ) ، أَيْ: أُجْرَةَ الْجُزْءِ وَكَذَا يُؤْجِرُهُ لَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْجَوَلَانِ، وَلَا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ إلَّا إذَا قُسِّمَتْ الذَّاتُ إذَا كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهَا بِأَنْ اتَّفَقَ مَعَ شَرِيكِهِ عَلَى أَخْذِ كُلِّ حِصَّتِهِ، أَوْ قُسِّمَتْ الْمَنْفَعَةُ حَيْثُ أَمْكَنَ أَيْضًا كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَارَانِ عَلَى الشِّيَاعِ رَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: فِي الرِّقَابِ، أَيْ: بِأَنْ تُجْعَلَ الدَّارُ نِصْفَيْنِ بِضَرْبِ حَائِطٍ وَسَطَهَا وَقَوْلُهُ، أَوْ فِي مَنَافِعِهَا كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَارَانِ عَلَى الشِّيَاعِ رَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَهَنَ دَارًا كَامِلَةً عَلَى حِدَةٍ بَلْ رَهَنَ لَهُ نِصْفَ دَارٍ مِنْ كُلٍّ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَسَمَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ الْغَلَّةَ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ غَلَّةَ دَارٍ وَجَعَلَ لِنَفْسِهِ غَلَّةَ أُخْرَى فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ وَقَبْضَ الْأُجْرَةِ لَكِنَّ مُقَاسَمَةَ الْمَنَافِعِ لَا تَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ اشْتَرَطَ الْمَنَافِعَ لِنَفْسِهِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَنَافِعِ لِلرَّاهِنِ مِنْ حَيْثُ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فَلَا مَعْنَى لِمُقَاسَمَةِ الْمَنَافِعِ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: مَعَ الْمُسَاقَى رَجُلًا) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَقَوْلُهُ: رَجُلًا، أَيْ: يَكُونُ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَتْرُكَانِهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَرْضَيَانِهِ، أَيْ: وَلَوْ أَحَدُهُمَا خِلَافُ الْقَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ وَمُفَادُ عب أَنَّ الْمُرَادَ رَجُلٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُسَاقَى وَلَمْ يَظْهَرْ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>