الْقَتْلِ أَيْ يَعْلَمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي الْخَطَأِ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ فِي الْمَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقَاتِلَهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَيَعْلَمَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ فَهَلْ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لَهُ أَوْ تَبْطُلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ نَافِذَةٌ لَهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَكُونُ فِي الْمَالِ وَفِي دِيَةِ الْخَطَإِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا طَرَأَ الْقَتْلُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهَا، فَإِنْ عَلِمَ بِذِي السَّبَبِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَقَوْلُهُ بِالسَّبَبِ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَوْ مَعْطُوفٍ أَيْ بِذِي السَّبَبِ، أَوْ بِالسَّبَبِ وَصَاحِبِهِ هَكَذَا قَالُوا، وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ فِي كَلَامِهِ السَّبَبُ الْفَاعِلِيُّ أَيْ السَّبَبُ الْفَاعِلُ لِلْقَتْلِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَاتِلِ وَالسَّبَبُ يَكُونُ فَاعِلِيًّا وَصُورِيًّا وَمَادِّيًّا وَغَائِبًا كَمَا قَالُوهُ فِي السَّرِيرِ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ
. (ص) وَبَطَلَتْ بِرِدَّةٍ، وَإِيصَاءٍ بِمَعْصِيَةٍ وَلِوَارِثٍ كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ، وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصِي أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَلِذَا نَكَّرَ الرِّدَّةَ مَا لَمْ يَرْجِعْ لِلْإِسْلَامِ، وَإِلَّا جَازَتْ إنْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا رِدَّةُ الْمُوصَى بِهِ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا كَانَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ مَثَلًا وَيَبْقَى الْمَالُ لِلْوَرَثَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِمَنْ يَصُومُ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَكَذَلِكَ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ عَهِدَتْ بِعَهْدٍ لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهَا فَهُوَ نَافِذٌ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ وَهُوَ رَأْيُ شُيُوخِنَا قَالَ وَكَذَلِكَ رَأَى إنْفَاذَ الْوَصِيَّةِ بِضَرْبِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ عِتْقُ مُسْتَغْرَقِي الذِّمَّةِ وَوَصَايَاهُمْ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَلَا تُورَثُ أَمْوَالُهُمْ وَيُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ الْفَيْءِ، وَنَحْوُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ عَتَّابٍ لِبَعْضِ الْوُلَاةِ قَالَ إلَّا مَا ثَبَتَ كَسْبُهُ بِوَجْهٍ حَلَالٍ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بِأَنْ يُوصِيَ بِمَا يُخَالِفُ حُقُوقَهُمْ أَوْ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» كَمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ، وَلَا يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْمَوْتِ، وَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُمْ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ لَا أَنَّهُ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِالْحِيَازَةِ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِلْمُجِيزِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا فَمِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ الْإِجَازَةُ وَمِنْهُ مَا يَبْطُلُ
. ثُمَّ بَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُجِيزُوا فَلِلْمَسَاكِينِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَقَالَ إنْ لَمْ تُجِزْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ لَهُ فَهُوَ لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِضْرَارَ لِلْوَرَثَةِ بِتَبْدِئَةِ مَنْ أَوْصَى لَهُ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُوصِي {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢] ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ فَيُعْتَبَرُ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ إلَخْ) وَنَصَّ ك فَالْعِلَّةُ الْفَاعِلِيَّةُ هِيَ الْمُؤْثَرَةُ حَقِيقَةً وَهُوَ الْبَارِئُ وَإِطْلَاقُ الْعِلَّةِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ يَحْتَاجُ لِتَوْقِيفٍ أَوْ عَادَةٍ كَالنَّجَّارِ لِلسَّرِيرِ وَالْعِلَّةُ الصُّورِيَّةُ مَا مَعَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِالْفِعْلِ كَالصُّورَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ تَرَكُّبِ الْأَجْزَاءِ وَالْعِلَّةُ الْمَادِّيَّةُ هِيَ مَا مَعَهُ ذَلِكَ الْمُرَكَّبُ بِالْقُوَّةِ كَأَجْزَاءِ الْخَشَبِ لِلسَّرِيرِ وَالْعِلَّةُ الْغَائِيَّةُ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى إيجَادِ ذَلِكَ كَالْجُلُوسِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ وَهَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعِلَّةِ الْعَادِيَّةِ وَأَمَّا الْفَاعِلُ حَقِيقَةً فَتَعَالَى أَنْ يَبْعَثَهُ شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَاعِثِ مَا يَشْمَلُ الْمُنَاسِبَ؛ لِأَنَّهُ بَاعِثٌ لِلْمُكَلَّفِ عَلَى الِامْتِثَالِ فَإِنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ لَا تَخْلُو عَنْ الْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهَا ثَمَرَاتٌ تَابِعَةٌ لِلْأَفْعَالِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا عِلَلٌ غَائِبَةٌ بَاعِثَةٌ عَلَى الْأَفْعَالِ انْتَهَى
[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَصِيَّةُ]
. (قَوْلُهُ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصِي) أَيْ وَكَذَا وَصِيَّةُ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ مَنْ عَهِدَتْ إلَخْ) أَيْ أَوْصَتْ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَأْيُ شُيُوخِنَا) أَيْ شُيُوخِ ابْنِ عَتَّابٍ.
(قَوْلُهُ بِضَرْبِ قُبَّةٍ) أَيْ بِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا لِلتَّمْيِيزِ أَيْ لِلْمُبَاهَاةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى ضَرْبُ قُبَّةٍ أَيْ قُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَيْ عَلَى هَيْئَةِ الْقُبَّةِ مِنْ الْبِنَاءِ تُوصَى بِأَنْ تُضْرَبَ حِينَ وَضْعِهَا فِي قَبْرِهَا بِحَيْثُ لَا تُرِي ذَاتَهَا لِلْحَاضِرِينَ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ لِبَعْضِ الْوُلَاةِ) أَيْ أَفْنَاهَا لِبَعْضِ الْوُلَاةِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) اعْتَمَدَ مُحَشِّي تت الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ مُسْتَشْهِدًا بِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصِحُّ لِلْوَارِثِ وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَزَائِدِ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ وَكَوْنُهَا بِالْإِجَازَةِ تَنْفِيذًا أَوْ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ قَوْلَانِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ عَطِيَّةً حَقِيقَةً إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا سَمَّوْهَا إجَازَةً لِفِعْلِ الْمُوصِي وَقَدْ عَبَّرَ عِيَاضٌ بِأَنَّهَا كَالْعَطِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بَاطِلَةً مَا عَبَّرُوا بِالْإِجَازَةِ إذْ الْبَاطِلُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَجَعَلُوهُ مُقَابِلًا ابْنَ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُجِيزَ مَا زَادَهُ الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت فَرَّعُوا عَلَى الْعَطِيَّةِ افْتِقَارَهَا لِلْحَوْزِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمِلَاءِ أَمَّا الْمَدِينُ بِدَيْنٍ مُحِيطٍ فَلَا إجَازَةَ لَهُ وَزَادَ ج أَيْ الْأُجْهُورِيُّ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْعَطِيَّةِ افْتِقَارَهَا لِلْقَبُولِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْإِجَازَةِ يُنَافِيهِ أَيْ فَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا صَحِيحًا وَقَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ الْمُجِيزُ مَرِيضًا فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إجَازَةِ وَارِثِ الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا يَبْطُلُ أَيْ كَإِجَازَةِ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ
. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْبَعْضِ الْمُجِيزِ لِلْبَعْضِ الْمُوصَى لَهُ أَيْ فَيُنْظَرُ فِي الْمُجِيزِ إنْ كَانَ رَشِيدًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَا دَيْنَ صَحَّتْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عَطِيَّةً لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا وَصِيَّةً لِبُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ)