بِخِلَافِ الْعَكْسِ) إلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَقَالَ إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لِابْنِي، فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ لَهُ
. (ص) وَبِرُجُوعٍ فِيهَا، وَإِنْ بِمَرَضٍ بِقَوْلٍ، أَوْ بَيْعٍ وَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ، وَإِيلَادٍ وَحَصْدِ زَرْعٍ وَنَسْجِ غَزْلٍ وَصَوْغِ فِضَّةٍ وَحَشْوِ قُطْنٍ وَذَبْحِ شَاةٍ وَتَفْصِيلِ شَقَّةٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ إجْمَاعًا فَلِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيُبْطِلَهَا مَا دَامَ حَيًّا، وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ فِيهَا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعِتْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ وَمِثْلُ هَذَا مَا إذَا وَكَّلَهُ وَشَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ فِي وَكَالَتِهِ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْته كَانَ بَاقِيًا عَلَى وَكَالَتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي وَكَالَتِهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَأَمَّا مَا بَتَّلَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ هِبَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَبَالَغَ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْمَرَضِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ انْتِزَاعٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَالرُّجُوعُ يَكُونُ بِأُمُورٍ مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ أَبْطَلْتُ وَصِيَّتِي، أَوْ رَجَعْتُ عَنْهَا وَمِنْهَا الْبَيْعُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَمِنْهَا الْعِتْقُ لِلرَّقَبَةِ الْمُوصَى بِهَا وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ، وَإِمَّا عِتْقٌ، وَلَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْكِتَابَةِ حِينَئِذٍ لِدُخُولِهَا فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا رَأَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا، وَلَا عِتْقًا مَحْضًا ذَكَرَهَا وَمِنْهَا الْإِيلَادُ لِلْأَمَةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا، وَأَمَّا الْوَطْءُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْإِيلَادِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا كَمَا يَأْتِي وَمِنْهَا الْحَصْدُ وَالدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ لِلزَّرْعِ الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ حِينَئِذٍ تَغَيَّرَ، سَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَمْ لَا فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْحَصْدِ التَّصْفِيَةُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] ؛ لِأَنَّ الْحَصْدَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْهَا نَسْجُ الْغَزْلِ الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ انْتَقَلَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا صَوْغُ الْفِضَّةِ الْمُوصَى بِهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أَوْصَى بِهِ انْتَقَلَ اسْمُهُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ
وَمِنْهَا حَشْوُ الْقُطْنِ الْمُوصَى بِهِ فِي مِخَدَّةٍ، أَوْ فِي جُبَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَفِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا حُشِيَ فِي الثِّيَابِ لَا فِي كَمِخَدَّةٍ فَلَا وَمِنْهَا ذَبْحُ مَا أَوْصَى بِهِ شَاةً أَوْ غَيْرَهَا وَمِنْهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَقَّةٍ ثُمَّ فَصَّلَهَا قَمِيصًا فَقَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ شَقَّةٍ أَيْ، وَوَقَعَ الْإِيصَاءُ بِلَفْظِ شَقَّةٍ بِأَنْ قَالَ أَعْطُوهُ الشَّقَّةَ الْحَمْرَاءَ مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِمَا سَمَّاهُ ثَوْبًا وَفَصَّلَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْقَمِيصَ يُسَمَّى ثَوْبًا
(ص) ، أَوْ إيصَاءً بِمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا قَالَ إنْ مِتّ فِيهِمَا، وَإِنْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا، وَلَوْ أَطْلَقَهَا لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا
ــ
[حاشية العدوي]
وَهُوَ الْقَبُولُ وَالْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ لَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا لِلْوَارِثِ كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا تَبْطُلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالسَّابِقَةِ عَلَيْهَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءٌ بِمَا يَصِحُّ بِهِ الْإِيصَاءُ بِهِ وَالسَّابِقَةُ بَدَأَ بِالْوَارِثِ الَّذِي لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ
. (قَوْلُهُ بِقَوْلٍ أَوْ بَيْعٍ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْبَيْعُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُسْتَوِيًا فِي أَنَّهُ فِعْلٌ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْقَوْلِ عَطَفَهُ بِأَوْ وَعَطَفَ مُشَارِكَهُ فِي الْفِعْلِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ فِي النَّوَادِرِ مَا بَتَّلَهُ الْمَرِيضُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْوَصِيَّةَ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ إلَخْ) وَلَوْ عَجَزَ عَادَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَصْدَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ إلَخْ) أَقُولُ وَحَيْثُ كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّصْفِيَةَ فَكَذَا الْحَصْدُ إذَا صَاحَبَهُ دَرْسٌ فَقَطْ لَا يُعَدُّ رُجُوعًا (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ إلَخْ) كَلَامُ التَّوْضِيحِ هَذَا ذَهَبَ إلَيْهِ عج وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدِهِ كُلٌّ مِنْ شب وعب قَائِلًا وَحَشْوُ قُطْنٍ أَوْصَى بِهِ حَشْوًا لَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ إذَا خَلِصَ إلَّا دُونَ نِصْفِهِ وَمُقَارِبِهِ كَحَشْوِهِ بِثَوْبٍ كَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ مُضَرَّبٌ بِخِلَافِ حَشْوِهِ بِنَحْوِ وِسَادَةٍ فَغَيْرُ مُفِيتٍ لِخُرُوجِ النِّصْفِ وَمُقَارِبِهِ مِنْهَا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْفَوْتِ خُرُوجُ أَكْثَرِهِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَقَّةٍ) وَمِثْلُ الشَّقَّةِ مَا شَابَهَهَا عُرْفًا كَبَفْتَةٍ وَبُرْدَةٍ وَحِرَامٍ فَيُفَصَّلُ كُلٌّ ثَوْبًا بِحَيْثُ يَزُولُ الِاسْمُ.
(قَوْلُهُ أَوْ إيصَاءٍ إلَخْ) لَمَّا قَدَّمَ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ مِنْ رِدَّةٍ وَغَيْرِهَا عَطَفَ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى نَوْعَيْنِ مِنْ الْإِيصَاءِ مُقَيَّدٌ وَمُطْلَقٌ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ (بِقَوْلِهِ وَإِيصَاءٌ إلَخْ) لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِإِيصَاءٍ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى بَطَلَ الْإِيصَاءُ أَيْ الْإِيصَاءُ بِسَبَبِ عَدَمِ الْمَوْتِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ اللَّذَيْنِ انْتَفَيَا أَيْ زَالَا أَيْ انْتَفَى الْمَوْتُ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَثَنَّاهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا نَظَرًا لِتَعَدُّدِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ انْتَفَيَا إلَخْ) مَفْهُومُهُ صِحَّتُهَا إنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ بِكِتَابٍ أَخْرَجَهُ وَرَدَّهُ وَهُوَ ظَاهِرُ تَوْضِيحِهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْيَاخُ عج تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَخَلَفَ وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ هُنَا مَانِعٌ آخَرُ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ إرَادَةُ رُجُوعِهِ عَنْهَا مِنْ رَدِّهِ الْكِتَابَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِكِتَابٍ) أَيْ هَذَا إنْ لَمْ يَكْتُبْ إيصَاءَهُ بِكِتَابٍ اتِّفَاقًا بَلْ وَإِنْ كَتَبَهُ بِكِتَابٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَيْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى صَحَّ أَوْ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ وَمَاتَ بَعْدَهُمَا فَتَبْطُلُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ فَقَوْلَانِ فِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِهِ
(قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ وَصِيَّتِهِ إنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَأَوْلَى إنْ اسْتَرَدَّهُ قَبْلَهُمَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ وَصِيَّتِهِ وَلَكِنْ بَعْدَهُمَا أَوْ قَبْلَهُمَا أَيْضًا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ انْتَفَيَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَعَهُ وَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِمَا وُجِدَ أَوْ بِمَا فُقِدَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ أَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ