للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْوَلَاءَ جَرَّهُ إلَيْهَا فَالضَّمِيرُ فِي جَرَّهُ يَرْجِعُ لِلْوَلَاءِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الرُّبْعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا يَكُونُ لِمَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي أَبِيهِ هُوَ وَأُخْتُهُ فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ الرُّبْعِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا وَجَرَّ وَلَدٌ الْعِتْقَ وَالثُّمُنُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً وَلِبَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَمَا أَنَّ الرُّبْعَ الرَّابِعَ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَذَلِكَ

(بَابٌ) ذُكِرَ فِيهِ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْوَصِيَّةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا وَصَلْتُهُ، كَأَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا أَوْصَى بِهَا وَصَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا قَبْلَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ وَاخْتُلِفَ فِي الْخَيْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْمَالُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ قَدْ يَكُونُ لِلْأَحْيَاءِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّالِثِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي وَيَخْتِمُ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا الْفُرَّاضِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ وَالْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْفُرَّاضِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ خَاصَّةٌ بِمَا يُوجِبُ الْحَقَّ فِي الثُّلُثِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوصِي بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِذَا عَرَّفَهَا بِالْأَمْرِ الْعَامِّ قَوْلُهُ يُوجِبُ إلَخْ، أَخْرَجَ بِهِ مَا يُوجِبُ حَقًّا فِي رَأْسِ مَالِهِ مِمَّا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ قَوْلُهُ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ صِفَةٌ لِعَقْدٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمَرْأَةَ إذَا وَهَبَتْ أَوْ الْتَزَمَتْ ثُلُثَ مَالِهَا، وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ مَنْ الْتَزَمَ ثُلُثَ مَالِهِ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ قَوْلُهُ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى حَقًّا مَعْنَاهُ أَوْ يُوجِبُ نِيَابَةً عَنْ عَاقِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَدْخُلُ الْإِيصَاءُ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ وَانْظُرْ قَوْلَهُ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهَا تَجِبُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُوصِي دَيْنٌ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تُوجِبْ حَقًّا فِي ثُلُثِ الْعَاقِدِ بَلْ حَقًّا فِي جَمِيعِ مَالِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّيْنَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ فَالْوَصِيَّةُ لَمْ تُوجِبْهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَحِكْمَةُ الْوَصِيَّةِ زِيَادَةُ الزَّادِ فِي الْأَعْمَالِ.

(ص) صَحَّ إيصَاءُ حُرٍّ مُمَيِّزٍ مَالِكٍ وَإِنْ سَفِيهًا وَصَغِيرًا وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ -

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَبَيَانُهُ أَنَّ الرُّبْعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الرُّبْعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا وَلَهَا نِصْفُ الْوَلَاءِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَ أَبِيهِ قَالَ فِي ك فَإِنْ قِيلَ الْفَرْضُ هُنَا أَنَّ الِابْنَ مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ فَكَيْفَ تَرِثُ مِنْهُ مَا لَمْ يَرِثْهُ وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً) ظَاهِرُهُ كَانَتْ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ صَاحِبِ مُعِينِ الْحُكَّامِ اُخْتُلِفَ فِي الْعَتِيقِ إذَا كَانَ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ وَلَاءَهُ لَا يَكُونُ لِمُعْتِقِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا لِعَصَبَةِ الْعَتِيقِ أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ وَالْعَرَبُ مُخَالِفُونَ لِغَيْرِهِمْ قَالُوا وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَّا أَشْهَبَ

[بَابٌ فِي الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

[أَرْكَانُ الْوَصِيَّةِ]

(بَابُ الْوَصَايَا) (قَوْلُهُ إذَا وَصَلْتُهُ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ إذَا وَصَلْتُهُ بِهِ أَيْ وَصَلْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ (قَوْلُهُ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْمَالُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَيْ وَأَمَّا الْأَقَلُّ يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ الْمَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ وَالْأَقَلُّ عَلَى أَنَّهُ مُطْلَقُ مَالٍ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْكَثِيرِ فَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْعِيَالِ يُحْتَمَلُ فِي الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَيُحْتَمَلُ فِي السَّنَةِ وَقِيلَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيلَ سِتُّونَ دِينَارًا وَقِيلَ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَمَا فَوْقُ (قَوْلُهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَنْ شَأْنُهُ التَّكْلِيفُ لَا مَنْ كُلِّفَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ لِلْأَحْيَاءِ) وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ إلَى هُنَا مَا عَدَا بَابَ الْجَنَائِزِ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّالِثِ) وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ بَيْنَ زَائِدَةٌ أَيْ يَكُونُ لَهُمَا أَيْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَيِّتٍ لِحَيٍّ وَقَوْلُهُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ وَقَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ لِلْأَحْيَاءِ إلَخْ أَيْ قَدْ يَرْجِعُ لِلْأَحْيَاءِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ أَيْ وَقَدْ يَكُونُ مَرْجِعُهُ لِلْأَمْوَاتِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا أَيْ وَقَدْ يَكُونُ مَرْجِعُهُ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ فَبَيْنَ زَائِدَةٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ إلَيْهِ الْمُبَيَّنَ بِمَا ذَكَرَ لَيْسَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَقَدِّمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْمُكَلَّفِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا نَقُولُ إنَّ الْمَرْجِعَ فِي الْفَرَائِضِ الْأَحْيَاءُ الَّذِينَ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ مِنْ زَوْجٍ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ لَا الْأَمْوَاتُ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ وَقَدْ يَكُونُ لِلْأَمْوَاتِ فَإِنْ قُلْت الْمَرْجِعُ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَالَ الْمَقْسُومَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مَالُ الْمَيِّتِ قُلْت وَكَذَلِكَ الْوَصَايَا الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ مَالُ الْمَيِّتِ وَقَدْ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ لِمَا بَيْنَهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ النِّسْبَةُ التَّامَّةُ وَأَرَادَ بِالْمُكَلَّفِ مَنْ قَدْ يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ يَكُونُ مُكَلَّفًا وَهُوَ الْآدَمِيُّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ تَفْصِيلًا لِلْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ أَيْضًا فِي الْفَرَائِضِ فَإِنَّ النِّسَبَ التَّامَّةَ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ إنَّمَا مَرْجِعُهَا وَمُتَعَلَّقُهَا الْأَحْيَاءُ حَيْثُ يَقُولُ الْمُصَنِّفُ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ إلَخْ وَيَأْتِي السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ الْمُتَقَدِّمُ فَحَرِّرْ هَذَا الْبَحْثَ (قَوْلُهُ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ) أَيْ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَنْ وَصِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ إلَخْ أَيْ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَعَمَّ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي شَيْئًا آخَرَ ثَالِثًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ وَصِيَّةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ زِيَادَةُ الزَّادِ فِي الْأَعْمَالِ) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيْ زِيَادَةُ الزَّادِ مِنْ الْأَعْمَالِ أَيْ إذَا كَانَتْ مَنْدُوبَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهَا يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ فَتَجِبُ إذَا كَانَ دَيْنٌ أَوْ نَحْوُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>