وَقَضَى بِهِ دَيْنَهُ وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ فَإِنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ مَا هُوَ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ الْوَلَدُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ نَفَاهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ الْمُقِرُّ فَيُعْطَى الْمَالُ الْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْأَبِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لِلْوَلَدِ لَا يَقْطَعُ حَقَّ وَرَثَةِ الْأَبِ وَيُقْضَى بِمَالِ الْوَلَدِ دَيْنُ الْأَبِ الْمُقِرِّ وَإِنْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ حَيٌّ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ دُيُونَهُمْ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ يُوقَفُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ.
(تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ الْمُسْتَلْحَقُ قَبْلَ الِابْنِ وَرِثَهُ الِابْنُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَالِاسْتِلْحَاقُ الَّذِي سَبَقَ وَلَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ ثُمَّ إنْ مَاتَ الِابْنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرِثَهُ عَصَبَتْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ
(بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْوَدِيعَةَ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْعُ وَهُوَ التَّرْكُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: ٣] أَيْ مَا تَرَكَ عَادَةَ إحْسَانِهِ فِي الْوَحْيِ إلَيْك لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ادَّعَوْا ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُ الْوَحْيُ. وَهِيَ لُغَةً الْأَمَانَةُ وَتُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحِفْظِ وَذَلِكَ يَعُمُّ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ وَعَرَّفَهَا الْمُؤَلِّفُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِقَوْلِهِ (ص) الْإِيدَاعُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ مُلْتَبَسٌ بِحِفْظِ مَالٍ أَوْ عَلَى حِفْظِ مَالٍ أَيْ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِ مَالٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ فِي حِفْظِ مَالٍ وَبِعِبَارَةِ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْوَدِيعَةَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهَا وَلَا يَتَوَكَّلُ وَأَجَابَ عَنْهُ تت بِتَقْدِيرٍ خَاصٍّ بَعْدَ تَوْكِيلٍ أَيْ أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيَدْخُلُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَوْكِيلٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ جَالِسٍ فَسَكَتَ فَضَاعَ كَانَ ضَامِنًا لِأَنَّ سُكُوتَهُ حِينَ وَضَعَهُ رَبُّهُ رِضًا بِالْإِيدَاعِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِحِفْظِ مَالٍ إيدَاعُ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَيَخْرُجُ إيدَاعُ الْأَبِ وَلَدَهُ لِمَنْ يَحْفَظُهُ لِانْتِفَاءِ لَوَازِمِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَالِهَا لَا حِفْظُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ تَعْرِيفُهَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ تَوْكِيلًا عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِ مَالٍ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالٌ وُكِّلَ عَلَى حِفْظِهِ أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ فِي الْوَدِيعَةَ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]
(بَابُ الْوَدِيعَةِ) (قَوْلُهُ الْوَدِيعَةُ) بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَرَّفَ الْإِيدَاعَ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) هُوَ نَفْسُ أَحْكَامِهَا (قَوْله مِنْ الْوَدْعِ) مَصْدَرُ وَدَعَ بِالتَّخْفِيفِ فَقَدْ قُرِئَ مَا وَدَعَكَ بِالتَّخْفِيفِ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْأَشْعَارِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى) أَيْ وَمِنْ مَادَّتِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى إنْ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ قُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ فَالْمُرَادُ كَمَا قُلْنَا أَيْ مِنْ مَادَّتِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَادَّةَ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً: الْأَمَانَةُ) أَيْ نَفْسُ الشَّيْءِ الْمُؤَمَّنِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَتُطْلَقُ إلَخْ ظَاهِرُهُ إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ وَقَدْ قَالَ مُحَشِّي تت أَنَّ الْوَدِيعَةَ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ الْمَالَ بِعَيْنِهِ وَلِذَا حَادَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ الْوَدِيعَةُ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظِ الْمَالِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَيْسَتْ الِاسْتِنَابَةَ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الذَّاتِ الْمُودِعَةِ لَا عَلَى الْإِيدَاعِ لَا لُغَةً وَلَا اصْطِلَاحًا.
(قَوْلُهُ وَذَلِكَ يَعُمُّ حَقَّ اللَّهِ) ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْأَمَانَةُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ رَبَّنَا اسْتَنَابَنَا فِي حِفْظِ الْأَمَانَةِ إلَّا أَنْ يَتَجَوَّزَ فَيُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الطَّلَبَ بِحِفْظِهَا الْمُنَاسِبِ لِلْبَارِي تَعَالَى وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَذَلِكَ يَعُمُّ مُتَعَلِّقَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ وَحَقَّ اللَّهِ كَالصَّلَوَاتِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْحِفْظِ (قَوْلُهُ وَعَرَّفَهَا الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَرَّفَ الْإِيدَاعَ وَلَمْ يُعَرِّفْ الْوَدِيعَةَ وَلَا يَتِمُّ كَلَامُهُ إلَّا لَوْ كَانَ عَرَّفَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَنَّ اصْطِلَاحَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ اسْمٌ لِمَا يُودَعُ لَا لِلْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ مُلْتَبِسٌ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِحِفْظِ مَالٍ لِلْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى إلَخْ أَيْ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِنَابَةٍ) إشَارَةٌ إلَى تَضْمِينِ تَوْكِيلِ مَعْنَى اسْتِنَابَةٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَخْ) الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكَّلَ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ إلَّا الصَّغِيرُ فِي لَوَازِمِ الْعِصْمَةِ وَاَلَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُمَيِّزُ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَخَالَفَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا وَوَافَقَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ عَمَلُ بَلَدِنَا (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ) ذَكَرَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَأْذُونَ لَا يَتَوَكَّلُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُقَدَّرَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ دَفْعُ الْإِشْكَالِ هُوَ قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ وَالظَّاهِرُ حَذْفُ قَوْلِهِ خَاصٌّ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا ثُمَّ إنَّ فِي قَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ اسْتِعْمَالُ مَا لَمْ يُعْلَمْ مَعْنَاهُ فِي التَّعْرِيفِ وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِيدَاعِ وَالْقَبُولِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) أَيْ بِاللَّفْظِ فَالْإِيجَابُ أَنْ يَقُولَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ أَضَعُ عِنْدَك الْوَدِيعَةَ وَالْقَبُولُ أَنْ يَقُولَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ نَعَمْ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ لَوَازِمِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الضَّمَانِ) ظَاهِرُهُ إذَا فَرَّطَ فِي حِفْظِهِ حَتَّى ذَهَبَ الْوَلَدُ وَعَدِمَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَيَأْتِي إذَا فَعَلَ بِالْحُرِّ فِعْلًا أَدَّى إلَى عَدَمِ رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ (قَوْلُهُ وَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْأَبِ أَيْ إيدَاعُ الْأَبِ وَإِيدَاعُ الْأَمَةِ.
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ تَعْرِيفُهَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَرَّفَ الْوَدِيعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا عَرَّفَ الْإِيدَاعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute