للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ الْإِضْرَابِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي أَوَّلًا وَظَاهِرُهُ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ أَمْ لَا فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ آخَرَ فَإِنَّهُ لِلْأَوَّلِ وَلِلثَّانِي قِيمَتُهُ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ جَمِيعُهُ لِلثَّانِي فَالْجَوَابُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا لَمْ يُعْذَرْ بِخَطَئِهِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ عُذِرَ هُنَا بِالْخَطَأِ أَوْ أَنَّ ذَاكَ لَا مِلْكَ لَهُ وَهَذَا مَالِكٌ اتِّفَاقًا.

(ص) وَإِنْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ فَلَهُ مِنْهَا السُّدُسُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ أُمَّهُ وَأَخَاهُ فَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَخٍ آخَرَ لِلْمَيِّتِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ يَأْخُذُ مِنْ الْأُمِّ نِصْفَ مَا نَابَهَا وَهُوَ السُّدُسُ وَالسُّدُسُ الْآخِرُ بِيَدِ الْأُمِّ لِاعْتِرَافِهَا أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مَعَ الْأَخَوَيْنِ إلَّا السُّدُسُ فَقَطْ لِأَنَّهَا تُحْجَبُ بِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ الْمُنْكِرِ مِنْ السُّدُسِ الْمُقَرِّ بِهِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ الْأُمَّ تَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ غَيْرَ الثُّلُثَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِنْكَارُ ابْنِ عَرَفَةَ كَوْنَهَا فِي الْمُوَطَّإِ تَعَقُّبٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَخُ الْمُقَرُّ بِهِ لِأَبٍ وَالْأَخُ الثَّابِتُ شَقِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَخَ الَّذِي لِلْأَبِ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأَخُ الثَّابِتُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ لَهَا السُّدُسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا بِإِقْرَارِهَا تُعْطِيهِ لِلْمُقَرِّ بِهِ

(ص) وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا وَنَسِيَتَهَا الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَهُنَّ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَعَيَّنَهَا بِاسْمِهَا وَالْحَالُ أَنَّ لِلْجَارِيَةِ الْمُقَرِّ بِهَا ابْنَتَيْنِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِ وَنَسِيَتْ الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ اسْمُ الْبِنْتِ الْمُقَرِّ بِهَا أَنَّهَا مِنْهُ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ الْوَرَثَةُ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مَعَ نِسْيَانِهِمْ لِاسْمِهَا فَإِنَّ أَوْلَادَ الْجَارِيَةِ الثَّلَاثَةِ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى قَوْلِهِ إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا اهـ.

وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفْ الْوَرَثَةُ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تَعْتِقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا وَمَفْهُومُ وَنَسِيَتْهَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَنْسَ الْبَيِّنَةُ الِاسْمَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَقَطْ وَلَهَا الْمِيرَاثُ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَوْ اعْتَرَفُوا فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ أَيْ مَنْ صَارَ مَيِّتًا بَعْدَ إقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا مِنْهُ فَلَهُنَّ الْمِيرَاثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَيْ صَدَّقُوا إقْرَارَ الْمُقِرِّ مَعَ نِسْيَانِهِمْ اسْمَهَا وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ إذَا كَانُوا مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُمْ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ نَحْوِ الصَّبِيِّ وَانْظُرْ الْحُكْمَ لَوْ أَقَرَّ بَعْضٌ مِنْ الْوَرَثَةِ دُونَ بَعْضٍ

(ص) وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَا يَرِثُهُ وَوَقَفَ مَالَهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

بَعْضَ الشُّيُوخِ أَفَادَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ عج ذَلِكَ وَهَذَا إذَا قَصَدَ الْإِضْرَابَ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهَا بَيَانَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إخْوَةٌ فَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ دَفْعِهِ لِلْأَوَّلِ النِّصْفَ فَإِنَّ الْمَالَ يَكُونُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا دَفَعَ لِلْأَوَّلِ كَانَ لِلثَّانِي ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ.

هَذَا حَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ حُلُولُو وَإِنَّمَا كَانَ ثُلُثُ الْبَاقِي لِأَنَّ حُجَّةَ الْمُقِرِّ أَنْ يَقُولَ لِلْمُقِرِّ لَهُ أَنْتَ كَوَاحِدٍ مِنَّا فَلَكَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَتَأْخُذُ مِنْ حِصَّتِي ثُلُثَهَا لَا أَزْيَدَ لِئَلَّا تَنْقُصَ عَنْ الثُّلُثِ وَيَبْقَى لَك سُدُسٌ ظَلَمَك فِيهِ الْآخَرُ عَلَى مُقْتَضَى إقْرَارِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ الْإِضْرَابِ (قَوْلُهُ قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي صُورَةِ مَا إذَا أَقَرَّ بِثَانٍ يُرِيدُ بِالْأَوَّلِينَ الْمُقِرَّ وَالْمُقِرَّ لَهُ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِثَالِثٍ يُرِيدُ بِالْأَوَّلِينَ الْمُقِرَّ بِهِمَا أَوَّلًا وَثَانِيًا أَيْ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ جَمِيعُهُ لِلثَّانِي) أَيْ لَا نِصْفَ الْبَاقِي فَقَطْ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ عُذِرَ هُنَا بِالْخَطَأِ) فَلِذَا قُلْنَا لِلثَّانِي نِصْفُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَهَذَا مَالِكٌ اتِّفَاقًا) أَيْ فَلِذَا لَمْ يَغْرَمْ النِّصْفَ بِتَمَامِهِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا فَلَا يَنْتَزِعُ مِنْ مِلْكِهِ بِحَيْثُ يَدْفَعُ لِلثَّانِي النِّصْفَ الْبَاقِي وَإِذَا تَأَمَّلْت تَجِدَ الْحُكْمَ وَاضِحًا فَلَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ

(قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ الْمُنْكِرِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَوَافَقَهَا لَكَانَ لَهُ الْكُلُّ مَا عَدَا سُدُسَ الْأُمِّ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ لَهُ

(قَوْلُهُ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) قَالَ عج الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي مِنْ أَنَّهُ لَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ الشَّكَّ هُنَاكَ حَصَلَ ابْتِدَاءً وَهُنَا طَرَأَ بَعْدَ التَّعْيِين قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا كَانُوا هُنَا أَحْرَارًا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ وَالْوَرَثَةَ عِنْدَهُمْ نَوْعُ تَفْرِيطٍ لِأَنَّهُ لَا إبْهَامَ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ وَفِي مَسْأَلَةِ: أَحَدُهُمْ وَلَدِي الْإِبْهَامِ فِيهَا مِنْ جِهَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَفْرِيطٌ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ فِي هَذِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْمِيرَاثُ لِأَحَدٍ فِي قَوْلِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَإِنَّ تَحَقُّقَ الْوَلَدِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ احْتَمَلَ ثُبُوتَ الْوَلَدِيَّةِ لَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ بِهَا مَانِعُ مِيرَاثٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ (أَحَدُهُمْ وَلَدِي) فَإِنَّ بِبَعْضِهِمْ الْمَانِعَ وَهُوَ الرِّقُّ وَبِبَعْضِهِمْ وَهُوَ مَنْ تَحَرَّرَ جَمِيعُهُ الشَّكُّ فِي وَلَدِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفْ الْوَرَثَةُ بِمَا شَهِدْت بِهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ عِنْدَ الِاعْتِرَافِ يَكُونُ الْعَمَلُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا هُوَ بِقَوْلِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَضَمَّنَتْ شَيْئَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ الثَّانِي أَنَّهَا فُلَانَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ بِالتَّعْيِينِ الَّذِي هُوَ الثَّانِي بَطَلَتْ كُلُّهَا فَلَا تَصِحُّ لِلشَّهَادَةِ بِالْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُلْغَزُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ شَخْصٌ لَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ وَرِثَهُ الْوَلَدُ دُونَ الْعَكْسِ ثَانِيهِمَا شَخْصٌ لَهُ مَالٌ يُوَفِّي مِنْهُ دَيْنَهُ وَأَخَذَهُ وَارِثُهُ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>