فَاعْتُبِرَ فِي الِاسْتِئْنَافِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سِتُّونَ يَوْمًا لَا أَقَلُّ (ص) وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا (ش) لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ كَالْحَيْضِ وَإِنْ دُفْعَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا أَكْثَرُ زَمَنِهِ إذَا تَمَادَى مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا سِتُّونَ يَوْمًا عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى السِّتِّينَ كَبُلُوغِ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُعَوِّلُ عَلَى عَادَتِهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْإِرْشَادِ
(ص) فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا فَنِفَاسَانِ (ش) الْفَاعِلُ الْمُسْتَتِرُ لِلسِّتِّينَ، وَالْمَفْعُولُ الْبَارِزُ لِلتَّوْأَمَيْنِ أَيْ فَإِنْ تَخَلَّلَ السِّتُّونَ التَّوْأَمَيْنِ فَنِفَاسَانِ فَتَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا كَمَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ فِي بَطْنِهَا آخَرُ فَلَمْ تَضَعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلِلْوَلَدِ الثَّانِي نِفَاسٌ آخَرُ أَمَّا إنْ تَخَلَّلَهُمَا أَقَلُّ مِنْ السِّتِّينَ يَوْمًا فَنِفَاسٌ وَاحِدٌ فَتَبْنِي بَعْدَ وَضْعِ الثَّانِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَضَعَتْ الثَّانِيَ قَبْلَ السِّتِّينَ بِيَسِيرٍ ثُمَّ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا النَّقَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ حَصَلَ لَهَا النَّقَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ لَهُ نِفَاسًا لِانْقِطَاعِ حُكْمِ النِّفَاسِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (ص) وَتَقَطُّعُهُ وَمَنْعُهُ كَالْحَيْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَقَطُّعَ أَيَّامِ دَمِ النِّفَاسِ قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ كَتَقَطُّعِ أَيَّامِ دَمِ الْحَيْضِ فَتُلَفِّقُ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ سِتِّينَ يَوْمًا وَتَلْغِي أَيَّامَ الِانْقِطَاعِ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَيَمْنَعُ صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ لَا قِرَاءَةً، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا تَقْرَأُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ جَمَاعَةَ التُّونِسِيَّ فِي كِتَابِهِ فَرْضُ الْعَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ (ص) وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَادِيَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِنْ الْحَامِلِ يُجْمَعُ فِي وِعَاءٍ عِنْدَ وَضْعِ الْوَلَدِ أَوْ السِّقْطِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ هُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ وَسَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ الْحَمْلِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا غَلَبَةً فَهُوَ فِي حُكْمِ السَّلَسِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ لَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ وَأَرَى أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ نَفْيُهُ أَيْ نَفْيُ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ نَجِسٌ فَإِنْ لَازَمَ الْمَرْأَةَ وَخَافَتْ خُرُوجَ الْوَقْتِ صَلَّتْ بِهِ.
(بَابٌ)
لَمَّا أَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَى كِتَابِ الطَّهَارَةِ الَّذِي أَوْقَعَ الْبَابَ مَوْقِعَهُ إذْ هِيَ آكَدُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ اتَّبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمُبْطِلَاتِهَا وَتَرْجَمَ عَنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِبَابٍ مَكَانَ تَرْجَمَةِ غَيْرِهِ عَنْهَا بِكِتَابٍ وَحَذَفَ الْمُتَرْجَمَ لَهُ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْبَابُ فَلَمْ يَقُلْ بَابُ الصَّلَاةِ كَقَوْلِ غَيْرِهِ كِتَابُ الصَّلَاةِ اخْتِصَارًا وَالصَّلَاةُ لُغَةً الدُّعَاءُ وَبِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ إلَخْ) أَيْ فَمُفَادُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سِتُّونَ فَالْجَمِيعُ نِفَاسٌ وَاحِدٌ وَلَا اسْتِئْنَافَ (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ دَفْعَةً مَعْنَاهُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَفْعَةً بَلْ وَإِنْ دَفْعَةً (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قِيلَ أَرْبَعُونَ وَقِيلَ يُسْأَلُ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا فِي الْإِرْشَادِ) أَيْ يَقُولُ تُعَوِّلُ عَلَى عَادَتِهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَضَعَتْ إلَخْ) قَالَ فِي ك يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَ الْوَضْعِ قَبْلَ تَمَامِ السِّتِّينَ مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ كَحُكْمِ وِلَادَتِهَا بَعْدَ تَمَامِ السِّتِّينَ فَتَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا كَانَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَهُمَا حَمْلَانِ فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَمْلٌ وَاحِدٌ فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ إلَّا بِوَضْعِ الثَّانِي، وَفَائِدَةُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا مَعَ شَغْلِ بَطْنِهَا حَرَامٌ عَدَمُ لُحُوقِ الثَّانِي بِمَنْ لَحِقَ بِهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَتُلَفِّقُ) مَحَلُّ التَّلْفِيقِ مَا لَمْ يَجْرِ الدَّمُ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ حَيْضًا (قَوْلُهُ التُّونِسِيُّ) بَدَلٌ مِنْ ابْنِ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافٌ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَقْرَأُ (فَإِنْ قُلْت) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قُلْت) تَكْرَارُ الْحَيْضِ وَنَدُورُ النِّفَاسِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هُوَ الْوِعَاءُ) أَيْ الْوِعَاءُ الَّذِي فِي الْبَطْنِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ الْحَمْلِ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ عِنْدَ صَيْرُورَتِهِ عَلَقَةً فَمَا بَعْدَهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَوَّلِيَّةِ أَوْ الْوَسَطِ لَا يَكُونُ إلَّا سَقْطًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَكَلَامِ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إلَخْ) كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ السَّلَسِ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّلَسَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يُلَازِمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِ السَّلَسِ أَيْ أَنَّهُ فِي حُكْمِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَقُلْ فَهُوَ مِنْ السَّلَسِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ أَيْ خَارِجٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ أَيْ لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ الْمُتَكَرِّرَةُ كُلَّ وَقْتٍ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُعْتَادٌ لِلْحَوَامِلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَازَمَ الْمَرْأَةَ) أَيْ سَاعَةَ نُزُولِهِ.
[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]
(قَوْلُهُ: لَمَّا أَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَى كِتَابِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَصْلَ التَّعْبِيرِ بِكِتَابٍ إمَّا لِأَنَّهُ طَرِيقَةُ الْأَوَائِلِ فَتُتَّبَعُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلُّ بَابٍ يُقْصَدُ بِالذَّاتِ بِحَيْثُ يَصِحُّ أَنْ يُفْرَدَ عَلَى حِدَةٍ نَاسَبَ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِكِتَابٍ (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ آكَدُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَكْمَلَ بِمُلَاحَظَةِ قَيْدِ الْأَوَّلِيَّةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَمَّا أَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى بَقِيَّةٍ (قَوْلُهُ: عَنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ) أَيْ عَنْ دَالِّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ الْقَضَايَا لِأَنَّ مُسَمَّى التَّرَاجِمِ الْأَلْفَاظُ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ لُغَةً الدُّعَاءُ) أَيْ وَبِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَإِنْ شِئْت قُلْت أَوْ الرَّحْمَةِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَتُسْتَعْمَلُ الصَّلَاةُ بِمَعْنَى الِاسْتِغْفَارِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْت إلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لِأُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ» ، فَإِنَّهُ فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ أُمِرْت لِأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَ وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute