للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَتُهُ وَمَا دَفَعَهُ فِي صَرْفِهِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَبِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَتَّى فِي صَرْفِهِ فِي غَيْبَتِهِ الِاحْتِمَالُ السَّابِقُ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْمَسْكُوكِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَكْسُورَ وَالتِّبْرَ فِي مَعْنَاهُ (ص) وَبِتَصْدِيقٍ فِيهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي نَقْدٍ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَحَرُمَ الصَّرْفُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِتَصْدِيقٍ فِيهِ مِنْ وَزْنٍ وَعَدَدٍ وَجَوْدَةٍ وَالْعِلَّةُ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي مَنْعِ التَّصْدِيقِ فُرُوعًا خَمْسَةً بِقَوْلِهِ (ص) كَمُبَادَلَةٍ رِبَوِيَّيْنِ (ش) أَيْ مِنْ نَقْدَيْنِ أَوْ طَعَامَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ أَوْ مُخْتَلِفَيْهِ لِئَلَّا يُوجَدَ نَقْصٌ فَيَدْخُلُ التَّفَاضُلُ أَوْ التَّأْخِيرُ فَالْمُرَادُ مَا يَدْخُلُهُ الرِّبَا فَضْلًا أَوْ نَسَاءً فَيَشْمَلُ الطَّعَامَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مِمَّا يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ أَمْ لَا.

(ص) وَمُقْرَضٍ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ وَرَأْسِ مَالٍ سُلِّمَ وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ التَّصْدِيقُ فِي الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ بِفَتْحِ الرَّاءِ لِاحْتِمَالِ وِجْدَانِ نَقْصٍ فَيَغْتَفِرُهُ الْمُقْتَرِضُ لِحَاجَتِهِ أَوْ عِوَضًا عَنْ مَعْرُوفِ الْمُقْرَضِ فَيَدْخُلُهُ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ، وَفِي الْمَبِيعِ لِأَجَلٍ لِئَلَّا يُغْتَفَرَ أَخْذُهُ نَقْصًا فِيهِ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَفِي الْمُعَجَّلِ قَبْلَ أَجَلِهِ لِئَلَّا يَغْتَفِرَ فِيهِ نَقْصًا فَيَصِيرَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ مُسَلِّفٌ وَلَا فَرْقَ فِي رَأْسِ الْمَالِ بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ أَوْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ لِئَلَّا يَجِدَ نَقْصًا فَيَقْتَضِيَ تَأْخِيرَهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَجَلِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ فَيُؤَدِّيَ إلَى فَسَادِ السَّلَمِ وَلَا يُقَالُ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَمَبِيعٌ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ أَعَمُّ وَهَذَا أَخَصُّ.

وَأَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ بَعْدَ الْأَجَلِ ثُمَّ إنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ حَوَاشِي الْفِرْيَابِيِّ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ فِي الْقَرْضِ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ فِي الْمَبِيعِ لِأَجْلِ عَدَمِ الْفَسْخِ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بِظَاهِرِهَا وَحَكَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يُفْسَخُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ رَأْسَ مَالِ الْمُسْلَمِ كَالْمَبِيعِ لِأَجَلٍ، وَأَنَّ الْمُعَجَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ يُرَدُّ وَيَبْقَى حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ وَأَنَّ الصَّرْفَ يُرَدُّ وَكَذَا مُبَادَلَةُ الرِّبَوِيَّيْنِ

(ص) وَبَيْعٌ وَصَرْفٌ (ش) أَيْ وَحَرُمَ جَمْعُ بَيْعٍ وَصَرْفٍ فِي عَقْدٍ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا وَدِينَارَيْنِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مَثَلًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ كَرِهَهُ قَالَ، وَإِنَّمَا الَّذِي كَرِهَهُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مَعَهُمَا سِلْعَةٌ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مَعَهُمَا سِلْعَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ وَعَلَّلَ الْمَشْهُورَ بِتَنَافِي الْأَحْكَامِ لِجَوَازِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ دُونَهُ، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَرَتُّبِ الْحِلِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ) تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ صَرْفَ الْمَصُوغِ وَكَانَ فِضَّةً يُعْطِيهِ صَرْفَهُ ذَهَبًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ تَلِفَ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيمَةَ الْفِضَّةِ ذَهَبٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ مَثَلًا فَيَئُولُ الْحَالُ إلَى بَيْعِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَهَذَا تَفَاضُلٌ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَبِتَصْدِيقٍ فِيهِ) سَوَاءٌ وَقَعَ فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ أَوْ وَزْنِهَا أَوْ جَوْدَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ طَعَامَيْنِ) وَبِيعَا كَيْلًا أَوْ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مَكِيلٌ وَالْآخَرُ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ لَا جُزَافَيْنِ عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَصْدِيقٌ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ التَّفَاضُلُ) أَيْ فِي النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ الْمُتَّحِدِي الْجِنْسِ، وَقَوْلُهُ أَوْ التَّأْخِيرُ أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَمُقْرَضٍ إلَخْ) يَعْنِي الطَّعَامَ الْمُقْرَضَ فَفِيهَا وَلَا تَفْرِضُ لِرَجُلٍ طَعَامًا عَلَى تَصْدِيقِك فِي كَيْلِهِ، وَكَذَا فَرَضَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْقَابِسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ) فَرَضَهَا الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ فِي الطَّعَامِ الْمَبِيعِ نَسِيئَةً، وَكَذَا فِي ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَالْقَابِسِيِّ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ التَّصْدِيقِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ رُخْصَةٌ (قَوْلُهُ وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ) لَيْسَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمُقْرَضٍ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَيْسَ سَلَفًا حَقِيقَةً بَلْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ) مَفْرُوضٌ أَيْضًا فِي الطَّعَامِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ الْكَاتِبِ فِي الطَّعَامِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ يُنْهَى عَنْ التَّصْدِيقِ فِيهِ لِئَلَّا يَقَعَ فِي ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْكَاتِبِ فِي الَّذِي أَخَذَ مِنْ غَرِيمِ الطَّعَامِ عَلَى التَّصْدِيقِ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَصْدِيقُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِمَا يَدْخُلُ ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا صَدَّقَهُ مِنْ أَجْلِ تَعْجِيلِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ فَيَدْخُلُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ مَعْنَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ انْتَهَى.

فَلَمْ يَجْزِمْ بِالْمَنْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ سَرَدَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ كَمَا سَرَدَهَا فِي مُخْتَصَرِهِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ وَلَا بَيَانِ مَا الرَّاجِحُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْجَوَازُ وَفِي مُبَادَلَةِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ قَوْلَانِ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ انْتَهَى مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ ذَاكَ أَعَمُّ) أَيْ قَوْلُهُ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَخَصُّ أَيْ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ سَلِّمْ الْمُغَايَرَةَ وَلَكِنْ ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ النُّكْتَةَ الرَّدُّ عَلَى الْمُقَابِلِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاصْطِلَاحُ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَثَمَنُهُ رَأْسُ الْمَالِ جَرَى عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْبَائِعَ لِأَجَلٍ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ بَاعَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْفَسْخِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الصَّرْفَ يَرِدُ) وَكَذَا مُبَادَلَةُ رِبَوِيَّيْنِ أَيْ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفْسَخُ

[الْجَمْعُ بَيْن بَيْع وَصَرْف فِي عَقْدٍ]

(قَوْلُهُ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعَقْدَ اشْتَمَلَ عَلَى أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عَلَى انْفِرَادِهِ فَلَا يُمْنَعُ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ كَرِهَهُ) أَيْ حَرَّمَهُ.

(قَوْلُهُ مَعَهُمَا سِلْعَةٌ) أَيْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الْمُصَاحِبَةَ لِلنَّقْدِ تُقَدَّرُ نَقْدًا (قَوْلُهُ بِتَنَافِي الْأَحْكَامِ) أَيْ وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>