للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَطَارَحَاهُمَا كُلُّ دِينَارٍ بِكَذَا إنْ تَأَجَّلَا أَوْ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا.

فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ حَلَّا مَعًا جَازَ وَلَا يُقَالُ هَذَا مُقَاصَّةٌ لَا صَرْفٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُتَحَدِّي الصِّنْفِ فَلَا تَكُونُ فِي دَيْنَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ وَلَا فِي صِنْفَيْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِهَا مُتَارَكَةً مَطْلُوبٌ بِمُمَاثِلٍ صَنَّفَ مَا عَلَيْهِ لِمَالِهِ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا

(ص) أَوْ غَابَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ عَقْدُ الصَّرْفِ إذَا تَصَارَفَ مُرْتَهِنٌ مَعَ رَاهِنِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ أَوْ مُودَعٌ مَعَ مُودَعٍ وَغَابَ رَهْنٌ مُصَارَفٌ عَلَيْهِ أَوْ وَدِيعَةٌ كَذَلِكَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ اتِّفَاقًا وَأَشَارَ قَوْلُهُ (وَلَوْ سُكَّ) الْمُصَارَفُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ لِرَدِّ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ جَوَازَ صَرْفِ الْمَرْهُونِ الْمَسْكُوكِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ إمَّا لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَبُولِ أَوْ لِلِالْتِفَاتِ إلَى إمْكَانِ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ فَأَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ إذْ هُوَ عَلَى الضَّمَانِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ.

وَمَفْهُومُ إنْ غَابَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا مَنْعَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ الْمَصُوغِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْكُوكِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَلَوْ سَكَّا بِالْمُطَابَقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ إذَا كَانَ بِأَوْ يَجُوزُ عَدَمُ الْمُطَابَقَةِ نَحْوُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: ١١] (ص) كَمُسْتَأْجِرٍ وَعَارِيَّةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ فِي الْمَنْعِ إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَالصِّحَّةُ إنْ حَضَرَ لَا فِيهِمَا وَفِي سَكٍّ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمَسْكُوكِ فِيهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ لَا نَقْلًا بِهِ قَرْضًا فِي الْعَارِيَّةِ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ.

(ص) وَمَغْصُوبٍ إنْ صُبِغَ إلَّا أَنْ يَذْهَبَ فَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ فَكَالدَّيْنِ (ش) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُشَبَّهِ قَبْلَهُ أَيْ وَيَجُوزُ صَرْفُ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الصَّرْفِ حَيْثُ كَانَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مَصُوغًا كَحُلِيٍّ لَا إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِهِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَاخْتَارَ رَبُّهُ قِيمَتَهُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْمُصَارَفَةُ عَلَيْهَا كَصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَاحْتَرَزَ بِالْمَصُوغِ مِنْ الْمَسْكُوكِ وَالتِّبْرِ وَالْمَكْسُورِ فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُ صَرْفِهِ غَائِبًا وَبِعِبَارَةٍ وَفِي مَعْنَى الْمَسْكُوكِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْمَكْسُورِ وَالتِّبْرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ قُلْت لِمَ امْتَنَعَ صَرْفُ الْمَصُوغِ مَعَ غَيْبَتِهِ وَجَازَ صَرْفُ مَا عَدَاهُ مَعَ الْغَيْبَةِ؟

قُلْت: لِأَنَّ الْمَصُوغَ إذَا هَلَكَ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَقَبْلَ ذَلِكَ يَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ فَيَحْتَمِلُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ أَنَّهُ هَلَكَ وَلَزِمَتْهُ

ــ

[حاشية العدوي]

لِأَنَّ أَصْبَغَ يَقُولُ بِالْفَسْخِ إنْ وَقَعَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَيَحْيَى لَا يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ حُرْمَةَ الْمُوَاعَدَةِ تُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ تَأْخِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالصَّرْفُ يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ) أَيْ فَبِوُقُوعِ عَقْدِ الصَّرْفِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَجِّلًا لِمَا فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ فَيُعَدُّ مُسَلِّفًا، وَقَوْلُهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ أَيْ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ الَّذِي سَلَّفَهُ لِنَفْسِهِ أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ، وَهُنَا تَحَقَّقَ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةٍ فَقَطْ وَأَرَادَ أَنْ يُصَارِفَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ حَلَّ وَدَفَعَ الْعِوَضَ سَاعَتَهُ (قَوْلُهُ فَلَا تَكُونُ فِي دِينَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَقَوْلُهُ وَلَا فِي صِنْفَيْ نَوْعٍ كَإِبْرَاهِيمِيٍّ وَمُحَمَّدِيٍّ.

(قَوْلُهُ بِمُمَاثِلِ صُنِّفَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ إنْ صُنِّفَ مَا عَلَيْهِ مَاثَلَ الَّذِي لَهُ عَلَى طَالِبِهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُتَارَكَةً أَيْ تَارَكَهُ مِنْ الَّذِي ذُكِرَ عَلَيْهِمَا أَيْ فِي الَّذِي ذُكِرَ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ كَائِنًا عَلَيْهِمَا، وَيَنْحَلُّ لَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ تُرِكَ مَطْلُوبٌ بِاَلَّذِي مَاثَلَ صِنْفَ مَا عَلَيْهِ مَالُهُ عَلَى طَالِبِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الرِّكَّةِ؛ لِأَنَّ مَدْخُولَ الْبَاءِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ وَيُضْطَرُّ إلَى جَعْلِ إضَافَةِ صِنْفٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَلَوْ قَالَ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِشَيْءٍ مُمَاثِلٍ مَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِي الصِّنْفِيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ تَارِكُهُ فِي الَّذِي ذُكِرَ لَكَانَ أَحْسَنَ

(قَوْلُهُ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَيْ رَضِيَ بِالصَّرْفِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ الْمُبْتَاعِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إمَّا لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَبُولِ) أَيْ فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أُعْطِيكَ صَرْفَ الرَّهْنِ الْمَسْكُوكِ وَقَبِلَ الرَّاهِنُ حَصَلَتْ الْمُنَاجَزَةُ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ عَلَى الضَّمَانِ) أَيْ الْمَسْكُوكِ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِتَلَفِهِ أَيْ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ تَلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ.

(قَوْلُهُ لَا نَقْلًا بِهِ قَرْضًا فِي الْعَارِيَّةِ) بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ عَيْنِهِ وَهَلْ قَرْضٌ حَرَامٌ حَيْثُ تَلَفَّظَ بِهِ بِالْعَارِيَّةِ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ يَتَزَيَّنُ بِهِ فِي الْأَعْرَاسِ لَا حُرْمَةَ وَإِنْ انْقَلَبَ قَرْضًا (قَوْلُهُ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ) لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ، وَمَحَلُّ الْحُكْمِ قَوْلُهُ فَكَالدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمِثْلِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَجُوزُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلْمَفْهُومِ، وَإِلَّا فَالْمَنْطُوقُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ مِنْ غَاصِبِهِ) ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ مُقِرًّا، وَتَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ.

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْمُصَارَفَةُ عَلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَصُوغُ ذَهَبًا فَقِيمَتُهُ فِضَّةٌ فَيَقَعُ الصَّرْفُ عَلَى الْفِضَّةِ بِذَهَبٍ أَوْ بِفُلُوسٍ (قَوْلُهُ كَصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ حُلُولِهِ) كَأَنْ يَكُونَ لَك عَلَيْهِ دِينَارٌ حَلَّ فَتَأْخُذُ مِنْهُ صَرْفَهُ عَاجِلًا (قَوْلُهُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ يُقْصَدُ لِذَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>