بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهَا.
وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ الْوَلِيِّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَنْ هُوَ فَقَالَ (ص) ، وَالْوَلِيُّ الْأَبُ وَلَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ رَشِيدًا هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ صَبِيًّا، أَوْ سَفِيهًا فَغَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَقَارِبِ لَا نَظَرَ لَهُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إلَّا بِإِيصَاءٍ مِنْ الْأَبِ، أَوْ الْحَاكِمِ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْأَبُ سَفِيهًا هَلْ يَنْظُرُ وَصِيُّهُ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ لَا يَنْظُرُ إلَّا بِتَقْدِيمٍ خَاصٍّ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَعَلَى الثَّانِي الْعَمَلُ وَلِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ وَلَدِهِ الَّذِي فِي حَجْرِهِ مِنْ رَبْعٍ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْأَبِ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّظَرِ، وَالسَّدَادِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ كَمَا يَأْتِي وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ (ص) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ (ش) مُنْتَقَدٌ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِبَيْعِهِ مِنْ سَبَبٍ لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَهُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ
(ص) ، ثُمَّ وَصِيُّهُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ وَهَلْ كَالْأَبِ، أَوْ إلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَبُ فَوَصِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَنْظُرُ فِي مَصَالِحِ الْيَتِيمِ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَهَلْ أَفْعَالُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّدَادِ فِي الرِّبَاعِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يُكَلَّفُ لِبَيَانِ السَّبَبِ، أَوْ تُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ وَأَنَّهُ بَاعَ لِسَبَبٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ بَلْ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ إلَّا فِي الرِّبَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ الَّذِي أَدَّى إلَى بَيْعِهَا وَيُصَدَّقُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ خِلَافٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ تَشْبِيهِ الْوَصِيِّ بِالْأَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ السَّبَبِ فِي الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَهُ الْبَيْعُ وُجِدَ سَبَبٌ أَمْ لَا بَيَّنَهُ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوَصِيِّ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، أَوْ لَا.
(ص) وَلَيْسَ لَهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِلثَّوَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ إنَّمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَالْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْحَاكِمُ كَالْوَصِيِّ
(ص) ، ثُمَّ حَاكِمٌ وَبَاعَ بِثُبُوتِ يُتْمِهِ وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ، وَالتَّسَوُّقُ وَعَدَمُ إلْغَاءِ زَائِدٍ، وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ (ش) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ مَرْتَبَةَ الْحَاكِمِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ مَرْتَبَةِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ فَيَتَوَلَّى أَمْرَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يُقِيمُ لَهُ مَنْ يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِهِ، ثُمَّ إنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ مَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى صَرْفِ ثَمَنِهِ فِي مَصَالِحِ الْيَتِيمِ إلَّا بِشُرُوطِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ يُتْمُ الصَّغِيرِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ أَبِيهِ وَإِهْمَالِهِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ وَصِيٍّ لَهُ أَوْ مُقَدَّمٍ وَمَلَّكَهُ لِلَّذِي يَبِيعُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبِيعَ مَا لَيْسَ لَهُ وَأَنَّ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ أَوْلَى مَا يُبَاعُ عَلَى الْيَتِيمِ أَيْ أَوْلَى مِنْ إبْقَائِهِ وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ حِيَازَةُ الشُّهُودِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي يُبَاعُ خَشْيَةَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعُ هُوَ الَّذِي شَهِدَ بِمِلْكِهِ لَهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَتَضَمَّنْ شَهَادَةٌ بِبَيِّنَةِ الْمِلْكِ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْحِيَازَةِ كَمَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ ذِكْرِ شُهُودِ الْمِلْكِ حُدُودَ الدَّارِ مَثَلًا وَمَحَلَّهَا وَسَائِرَ مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ فَيُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ التَّسَوُّقُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يُبَاعُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَعَدَمُ وُجُودِ مَنْ يَزِيدُ عَلَى مَا أَعْطَى فِيهَا وَأَنَّ الثَّمَنَ سَدَادٌ، أَيْ: ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ لَا نَسِيئَةً، وَلَا عَرَضًا خَوْفَ الْعُدْمِ، وَالرُّخْصِ فَإِنْ قُلْت: الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ إلَّا لِلْغِبْطَةِ بِأَنْ يَكُونَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْرَ الثُّلُثِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ قُلْت: الْحَاكِمُ تَصَرُّفُهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ عَامٌّ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُوصَى عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَخْ) إمَّا بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ، أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ وَرُوحُ الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِذَا تَأَمَّلْت نَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ، وَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ أَصْلًا، وَلَا نُقَيِّدُهُ بِمَا يَأْتِي.
[مَنْ هُوَ الْوَلِيّ]
(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَصِيُّهُ) ، أَيْ: الْأَبِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ أَيْ الْوَصِيُّ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ وَصِيَّ الْأَبِ (قَوْلُهُ: فَبِبَيَانِ السَّبَبِ) ، أَيْ: الْآتِي الَّذِي يُبَاعُ عَقَارُهُ لَهُ، وَالرَّبْعُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْزِلُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَقَارُ مُطْلَقًا وَعَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ مِنْ الْعَقَارِ كَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوَصِيِّ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ) ، أَيْ: الَّذِي هُوَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ حَاكِمٌ) الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَمَالُ يَتِيمِ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ: بِثُبُوتِ يُتْمِهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى بَعْدَ (قَوْلُهُ: وَمِلْكُهُ مَا بِيعَ) أَيْ لِمَا يُرَادُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمَلَكِيَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ) فَتَقُولُ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ، أَيْ: أَحَطْنَا بِهِ هُوَ الَّذِي نَشْهَدُ بِمِلْكِهِ لِلْيَتِيمِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ إبْقَائِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْلَى مِنْ بَيْعِ غَيْرِهِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ) ، أَيْ: إظْهَارُهُ فِي السُّوقِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَفِي شَرْحِ شب الْمُرَادُ بِهِ إظْهَارُهُ لِلْبَيْعِ وَإِشْهَارُهُ بِالْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا تَكَرُّرُ وُقُوفِهِ بِالسُّوقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَأَيْضًا الْوُقُوفُ بِهِ فِي السُّوقِ لَا يَأْتِي فِي الْعَقَارِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت: إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ لَا وُرُودَ لَهُ أَصْلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا لِلْغِبْطَةِ الَّذِي هُوَ الزِّيَادَةُ الثُّلُثُ بَلْ يَبِيعُ لِغَيْرِهَا، وَالْبَيْعُ لِغَيْرِ الْغِبْطَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الثَّمَنِ يَزِيدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يَقُولُ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ إلَخْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت: الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ إلَّا لِلْغِبْطَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي أَنَّهُ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ، أَيْ: فَيُقَالُ إنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ كَالْوَصِيِّ هَذَا مُرَادُهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ أَصْلًا، وَلَا وُرُودَ لِذَلِكَ أَصْلًا وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَصِيَّ، وَالْحَاكِمَ يَبِيعَانِ لِلْغِبْطَةِ وَلِغَيْرِهَا فَيُقَالُ مَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ، وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ مَا يُبَاعُ لَهُ، أَوْ يُرَادُ بِالسَّدَادِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَفِي الْغِبْطَةِ كَذَا وَفِي الْبَيْعِ لِحَاجَةِ كَذَا وَهَكَذَا، وَقَوْلُهُ: وَفِي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الشُّهُودَ اُنْظُرْ هَلْ يُنْقَضُ حُكْمُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْغَائِبِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَمَّى الشُّهُودَ، وَإِلَّا نُقِضَ أَمْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute