عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً إلَّا أَنَّهَا أَتْلَفَتْ الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ، وَمِنْ الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ رَضِيَ بِمَا يَفْعَلُهُ الْبَائِعُ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَلَهُ الرَّدُّ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ، وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ هَكَذَا يَظْهَرُ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَفِي عِبَارَةٍ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِغَيْرِهِمَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ فَلَوْ اشْتَرَطَ لَهُمَا فَإِنَّهُ يَغْلِبُ جَانِبُ الْبَائِعِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَيْعِ الِاخْتِيَارِ الْقَسِيمِ لَهُ، وَهُوَ بَيْعُ بَتٍّ فِي بَعْضِ عَدَدٍ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ عَلَى خِيَارِ الْمُبْتَاعِ فِي تَعْيِينِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُجَامِعْ الْخِيَارَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي تَعْيِينِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ جَامَعَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَهُمَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي تَعْيِينِهِ، وَهُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالْخِيَارِ فَيُحَدُّ بِأَنَّهُ بَيْعُ بَعْضِ عَدَدٍ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ عَلَى خِيَارِ الْمُبْتَاعِ فِي تَعْيِينِهِ فَقَطْ أَوْ عَلَى خِيَارِهِ فِي تَعْيِينِهِ وَبَتِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ بَيْعُ خِيَارٍ، وَبَيْعُ اخْتِيَارٍ، وَبَيْعُ خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَالْخِيَارُ التَّرَوِّي فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ، وَالِاخْتِيَارُ فِي التَّعْيِينِ، وَالْخِيَارُ وَالِاخْتِيَارُ يَكُونُ الِاخْتِيَارَ فِي التَّعْيِينِ وَبَعْدَهُ، هُوَ فِيمَا عَيَّنَهُ بِالْخِيَارِ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ أَوْ فِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَضِيعَ الثَّوْبَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ تَمْضِيَ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ، وَحَاصِلُ ثَلَاثَةٍ فِي مِثْلِهَا تِسْعٌ وَالْمُؤَلِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى الْجَمِيعِ فَأَشَارَ إلَى الثَّالِثِ، وَهُوَ بَيْعُ الِاخْتِيَارِ مَعَ الْخِيَارِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدٌ بِالثَّمَنِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى أَحَدَ شَيْئَيْنِ يُغَابُ عَلَيْهِمَا كَثَوْبَيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ أَوْ قُرْطَيْنِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَقَبَضَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ لِيُعَيِّنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا ثُمَّ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالْخِيَارِ فِي إمْسَاكِهِ أَوْ رَدِّهِ مَعَ الْآخَرِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ مَعَ الْخِيَارِ أَوْ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالزُّورِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَقَطْ فَيَدَّعِي فِي كُلٍّ ضَيَاعَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَطْ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْآخَرِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ طَوْعِ الْبَائِعِ بِدَفْعِهِمَا وَسُؤَالِ الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ.
وَلِهَذَا حَسُنَتْ الْمُبَالَغَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا (ش) لَهُ، وَقِيلَ إنْ سَأَلَ يَضْمَنُهُمَا أَحَدُهُمَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبِيعٍ، وَالْآخَرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْتِزَامِهِ بِالثَّمَنِ وَرَدِّهِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ فَقَوْلُهُ فَقَطْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاحِدًا لَا إلَى قَوْلِهِ بِالثَّمَنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْآخَرَ بِغَيْرِ الثَّمَنِ، وَعَمَّمْنَا فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ ثُمَّ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِاللُّزُومِ أَوْ بِالْخِيَارِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّمَا قَصَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ دُونَ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ أَيْ دُونَ أَنْ يَجْعَلَهُ شَامِلًا لِلِاخْتِيَارِ أَيْ اللُّزُومِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ اخْتِيَارٌ فَقَطْ فَيَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا، وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ بَقِيَّتَهُ، وَإِلَى انْفِرَادِ الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ، وَإِلَى انْفِرَادِ الِاخْتِيَارِ بِقَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ فَقَطْ هَذَا إنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمَّا إنْ قَامَتْ فَفِيمَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَلَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ عَلَى اللُّزُومِ بَيْنَ قِيَامِهَا وَعَدَمِهِ، وَهُوَ ضَمَانٌ وَاحِدٌ فَقَطْ.
وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَأَحَدِ عَبْدَيْنِ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا عَلَى الْإِلْزَامِ فَيَهْلِكَانِ أَمَّا لَوْ هَلَكَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْعَبْدَيْنِ الْمُشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَلَى اللُّزُومِ لَلَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ كَمَا يَأْتِي فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ، وَسَوَاءٌ قَامَتْ -
ــ
[حاشية العدوي]
يَقُولَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ قِيمَةُ الْعَيْبِ إلَخْ، وَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اُشْتُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ) فَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ لَهُ الْمُشْتَرِيَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ لَهُ الْبَائِعَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَلَوْ اشْتَرَطَ لَهُمَا) مُقَابِلُ قَوْلِهِ، لِأَحَدِهِمَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ فَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي صُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِزَيْدٍ، الثَّانِيَةُ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِزَيْدٍ وَالْمُشْتَرِيَ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِعَمْرٍو فَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ بِمَثَابَةِ اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ.
[بَيْعِ الِاخْتِيَارِ]
(قَوْلُهُ وَهُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ إلَخْ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ وَاحِدًا بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنَ الثَّمَنَ خَاصَّةً (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ فِي الِاخْتِيَارِ، وَالْخِيَارِ مَعًا فَيُؤْذِنُ بِقَصْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ دُونَ جَعْلِهِ شَامِلًا لِلِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) أَيْ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ) أَيْ أَنَّهُمَا ضَاعَا (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَقُولُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْآخَرَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ أَوْ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ دُونَ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ) لَفْظُ فَقَطْ مُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمِ وَالْأَصْلُ، وَإِنَّمَا قَصَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ فَقَطْ دُونَ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَإِلَى انْفِرَادِ الْخِيَارِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ أَشَارَ لَهُمَا مَعًا بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ، وَأَشَارَ إلَى انْفِرَادِ الْخِيَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَى انْفِرَادِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ الْآتِيَةَ لَيْسَ فِيهَا ضَيَاعٌ كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ أَمَّا إنَّ قَامَتْ إلَخْ) فَإِذَا ضَاعَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلَى خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيُخَيَّرُ فِي أَخْذِ جَمِيعِ الْبَاقِي وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي إلَخْ) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَيْ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute