للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهَا وَرَمٌ فِي الْغَالِبِ وَقَيْءٌ وَخَفَقَانٌ فِي الْقَلْبِ يَحْدُثُ غَالِبًا فِي الْمَوَاضِعِ الرِّخْوَةِ وَالْمَغَابِنِ كَتَحْتِ الْإِبْطِ وَخَلْفِ الْأُذُنِ، وَالْوَبَاءُ: كُلُّ مَرَضٍ عَامٍّ وَقَالَ بَعْضٌ هُوَ مَرَضُ الْكَثِيرِ مِنْ النَّاسِ فِي جِهَةٍ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُعْتَادِ مِنْ الْأَمْرَاضِ فِي الْكَثْرَةِ وَغَيْرِهَا وَيَكُونُ نَوْعًا وَاحِدًا.

(ص) وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فِي مَفْقُودٍ وَمُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ هُوَ بِهِ وَهُوَ اعْتَدَّتْ أَيْ وَاعْتَدَّتْ فِي الْفَقْدِ فِي الْقِتَالِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتَدَّتْ أَيْضًا أَيْ تَأْخُذُ فِي الِاعْتِدَادِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَقْدِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ كَائِنَةٍ تِلْكَ السَّنَةُ بَعْدَ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَفْقُودِ مِنْ السُّلْطَانِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ تِلْكَ الْمَفَاقِيدِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ فَقَالَ (ص) وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَى (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّكْنَى وَاجِبَةٌ لِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَالْمَحْبُوسَةُ بِسَبَبِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالْمَزْنِيِّ بِهَا وَمَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا إذْ غَيْرُهَا لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فَلَا يَتَأَتَّى لَهَا سُكْنَى لَكِنْ إنَّمَا تَجِبُ السُّكْنَى لِمَنْ حُبِسَتْ حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِهِ قَبْلَ مَوْتٍ مِنْ الْحَبْسِ بِسَبَبِهِ كَأَنْ يَطَّلِعَ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ فِي حَيَاتِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَتَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ إنْ مَاتَ مِنْ الْحَبْسِ بِسَبَبِهِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعُثُورِ عَلَى مُوجِبِ الْحَبْسِ كَمَا لَوْ فُسِخَ نِكَاحُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا سُكْنَى لَهَا مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسَةِ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ الطَّلَاقُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَسْتَمِرُّ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَاتَ وَعَطْفُ الْمَحْبُوسَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِشُمُولِهِ مَا سَبَقَ وَغَيْرَهَا حَامِلًا أَوْ لَا مِنْ مُطَلَّقَةٍ أَوْ مَزْنِيٍّ بِهَا أَوْ مَنْ يَخْلَعُهَا أَوْ مَغْصُوبَةٍ أَوْ مِمَّنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادٍ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ لَا مِنْ بَابِ عَطْفِ الْمُغَايِرِ كَمَا قِيلَ نَظَرًا لِلْقَيْدِ فِي الثَّانِي وَهُوَ مَحْبُوسَةٌ وَلِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ النَّظَرُ لِمُطَلَّقَةٍ أَوْ مَحْبُوسَةٍ بِسَبَبِهِ فَإِذَا نَظَرْت لِمَفْهُومِ هَذَا وَمَفْهُومِ هَذَا كَانَ كَمَا قُلْنَاهُ وَاعْتُرِضَ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُؤَلِّفِ السُّكْنَى بِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السُّكْنَى لَا تَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ اُنْظُرْ

ــ

[حاشية العدوي]

فَالْجَمْعُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأُخُوَّةَ فِي الدِّينِ لَا تُنَافِي الْعَدَاوَةَ؛ لِأَنَّ عَدَاوَةَ الْجِنِّ لِلْإِنْسِ بِالطَّبْعِ وَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَالْعَدَاوَةُ مَوْجُودَةٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِنْسِ آدَم وَحَوَّاءُ وَأَصْلَ الْجِنِّ إبْلِيسُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِنَّ يُوصَفُونَ بِكَوْنِهِمْ أَعْدَاءَ لِلْإِنْسِ سَوَاءٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يُحْمَلُ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ لِاتِّحَادِ مَخْرَجِ الْحَدِيثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ اللَّفْظَيْنِ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ الْآخَرُ مِنْ الْمَقْصُودِ فَحَيْثُ جَاءَ لَفْظُ أَعْدَائِكُمْ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ إذْ لَا يَقَعُ الطَّعْنُ إلَّا فِي عَدُوٍّ لِعَدُوِّهِ وَيَكُونُ الْخِطَابُ لِجَمِيعِ الْإِنْسِ بِأَنَّ الطَّعْنَ يَكُونُ مِنْ كَافِرِي الْجِنِّ فِي مُؤْمِنِي الْإِنْسِ أَوْ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فِي كَافِرِي الْإِنْسِ وَحَيْثُ جَاءَ بِلَفْظِ إخْوَانِكُمْ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ أَيْضًا لَكِنَّ الْمَعْنَى بِأُخُوَّةِ التَّقَابُلِ كَمَا يُقَالُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ أَخَوَانِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ أَخَوَانِ أَوْ أُخُوَّةِ التَّكْلِيفِ كَذَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الطَّعْنَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ لَا بِإِذْنِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ لِكَثْرَةِ الزِّنَا يُحَرِّكُ الْجِنَّ لِحُصُولِ ذَلِكَ الْمَعْنَى كَمَا يَتَحَرَّكُ الْعَدُوُّ مِنَّا عَلَى عَدُوِّهِ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ دُونَ بَعْضٍ لِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ اللَّهَ لَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّاسِ وَيُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّاسِ لِبُعْدِ الْمِلْكِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَخَفَقَانٌ) أَيْ اضْطِرَابٌ (قَوْلُهُ وَالْمَغَابِنِ) أَيْ الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ.

(قَوْلُهُ كُلُّ مَرَضٍ) أَيْ فَيَشْمَلُ الطَّاعُونَ.

(قَوْلُهُ مَرَضُ الْكَثِيرِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ مَرَضٌ عَامٌّ.

(قَوْلُهُ دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَوْنِهِ فِي جِهَةٍ دُونَ أُخْرَى وَالْوَبَاءُ بِالْقَصْرِ وَالْمُدِّ.

(قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَانَ يَغْلِبُ الْمَوْتُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ وَيَكُونُ نَوْعًا وَاحِدًا) أَيْ هَذَا الْمَوْصُوفُ بِالْكَثْرَةِ نَوْعًا وَاحِدًا أَيْ يَكُونُ نَوْعًا وَاحِدًا وَإِنْ جَازَ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ

(قَوْلُهُ بَعْدَ النَّظَرِ) صِفَةٌ لِسَنَةٍ أَيْ سَنَةٍ كَائِنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ.

(قَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ كَائِنَةً تِلْكَ السَّنَةُ بَعْدَ النَّظَرِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرَيْنِ النَّظَرِ بِالِاجْتِهَادِ وَالسَّنَةِ بَعْدَهُ وَلَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ خِلَافُهُ رَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ أَجَلٌ سَنَةً مِنْ وَقْتِ النَّظَرِ لَهَا ثُمَّ يُورَثُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَتَنْكِحُ زَوْجَتُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُتَلَوَّمُ لَهُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ رَفْعِ أَمْرِهِ لِلسُّلْطَانِ

[مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ]

(قَوْلُهُ رَجْعِيًّا) إلَّا أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ حُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ فَيَأْتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا إنْ دَخَلَ وَأَمَّا الْبَائِنُ فَيَسْتَمِرُّ لَهَا الْمَسْكَنُ.

(قَوْلُهُ كَالْمَزْنِيِّ بِهَا) أَيْ الَّتِي وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ إلَّا أَنَّهَا نَائِمَةٌ وَأَمَّا الْعَالِمَةُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا سُكْنَى.

(قَوْلُهُ إذْ غَيْرُهَا لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا) فِي اعْتِبَارِ الدُّخُولِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا كَادِّعَاءِ طُرُوقِهِ لَيْلًا فَكَيْفَ يَكُونُ لَاحِقًا وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ وَإِذَا اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ لَحِقَ وَلَا يُسْتَبْرَأُ بِوَضْعِهِ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لِعَانَ الرُّؤْيَةِ الْمُتَضَمَّنَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الرُّؤْيَةِ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عج.

(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسَةِ) الْأَحْسَنُ تَعَلُّقُهُ بِمُقَدَّرٍ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْفَسْخِ أَوْ فُسِخَ أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ فَيَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ عَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ فَسْخٌ حِينَئِذٍ فَلَا سُكْنَى لَهَا مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ.

(قَوْلُهُ مِنْ مُطَلَّقَةٍ) بَيَانٌ لِمَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْبُوسَةٌ) ضَمِيرُ هُوَ رَاجِعٌ لِلثَّانِي وَالْقَيْدُ هُوَ قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ إذَا نَظَرْت لِمَفْهُومِ هَذَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نُظِرَ لِذَلِكَ يَكُونُ مُغَايِرًا (قَوْلُهُ لَا تَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْ النِّكَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>