وَلِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ قَدْ عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى (ص) وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَى سِنِّ الْمَفْقُودِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّقْدِيرِ أَيْ عَلَى مَا يُقَدِّرُونَهُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِمْ أَيْ أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمْ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلتَّعَذُّرِ (ص) وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ (ش) أَيْ وَإِذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى سِنِّ الْمَفْقُودِ عَلَى التَّقْدِيرِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ فَإِنَّ الْوَارِثَ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ يَحْلِفُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْقَطْعِ فَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى التَّقْدِيرِ أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِتَارِيخِ الْوِلَادَةِ فَلَا يَمِينَ.
(ص) وَإِنْ تَنَصَّرَ أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ أَمْرُهُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ طَائِعًا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَأَقْوَالِهِمْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ مَعَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ ثَبَتَ إكْرَاهُهُ فَحَالُهُ كَحَالِ الْمَفْقُودِ فِي زَوْجَتِهِ فَتَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي وَقِيلَ لَا تَفُوتُ بِالدُّخُولِ كَحَالِ الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا.
(ص) وَاعْتَدَّتْ فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فُقِدَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ الْحَاصِلِ لِأَجْلِ الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا قَرُبَتْ الدَّارُ أَوْ بَعُدَتْ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّهُ حَضَرَ الْمُعْتَرَكَ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ مِنْ حِينِ فَرَاغِ الْقِتَالِ وَيُحْمَلُ أَمْرُ مَنْ فُقِدَ فِي ذَلِكَ الْقِتَالِ عَلَى الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ الْجَيْشِ فَقَطْ فَتَكُونُ زَوْجَتُهُ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ قَالَهُ ح وَاعْتَذَرَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ بِقَوْلِهِ إمَّا؛ لِأَنَّ يَوْمَ الِالْتِقَاءِ هُوَ يَوْمُ الِانْفِصَالِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَتَحْسِبُهَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ (ص) وَهَلْ يُتَلَوَّمُ وَيُجْتَهَدُ تَفْسِيرَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يُتَلَوَّمُ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَهَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ تَفْسِيرٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ فَإِنَّهُ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ أَصْلًا فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بِإِثْرِ الِانْفِصَالِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ آخَرُ وَبِعِبَارَةٍ اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا قَالَ إنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْتَقْصَى أَمْرُهُ وَيُسْتَبْرَأُ خَبَرُهُ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَعْلُومٌ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ يُتَلَوَّمُ إلَخْ فَأَطْلَقَ التَّلَوُّمَ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ وَالِاجْتِهَادَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ الْوَارِدَيْنِ فِي كَلَامِ أَصْبَغَ قَالَهُ الشَّارِحُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَأَطْلَقَ التَّفْسِيرَيْنِ عَلَى حَمْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِكَلَامِ أَصْبَغَ عَلَى الْوِفَاقِ وَحَمْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَهُ عَلَى الْخِلَافِ (ص) وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ (ش) أَيْ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا صَادِقٌ بِقَوْلِهِ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَحِينَ انْقِضَاءِ التَّلَوُّمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالْمُنْتَجِعِ) أَيْ الْمُرْتَحِلِ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ بَلَدِهِ (لِبَلَدِ الطَّاعُونِ) فَفُقِدَ (أَوْ) فُقِدَ فِي بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِجَاعٍ لَكِنْ (فِي زَمَنِهِ) أَيْ فِي زَمَنِ الطَّاعُونِ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ ذَهَابِ الطَّاعُونِ إلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ يُحْمَلُ مَنْ فُقِدَ فِي بَلَدِهِ زَمَنَ الطَّاعُونِ أَوْ فِي بَلَدٍ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَفِيهِ طَاعُونٌ عَلَى الْمَوْتِ إلَخْ وَلَا مَفْهُومَ لِلطَّاعُونِ بَلْ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا يَكْثُرُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَبَاءِ لَشَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَالطَّاعُونُ بَثْرَةٌ مِنْ مَادَّةٍ سُمِّيَّةٍ مَعَ لَهَبٍ وَاسْوِدَادٍ حَوْلَهَا مِنْ وَخْزِ الْجِنِّ يَحْدُثُ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّوْعُ فَخِلَافُهُ يَكُونُ خَفِيًّا فَلِذَلِكَ قَالَ عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى التَّحْقِيقِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْقَطْعِ) مُعْتَمِدًا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ لَكِنْ بَلْ الظَّاهِرُ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي سِنِّهِ
(قَوْلُهُ فَعَلَى الطَّوْعِ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَسَرَهُ مَنْ اُشْتُهِرَ عَنْهُ أَنَّهُمْ يُكْرِهُونَ الْأَسِيرَ الْمُسْلِمَ عَلَى الْكُفْرِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَأَحْرَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ عَلَى الطَّوْعِ فَإِنْ عُلِمَ إكْرَاهُهُ فَكَالْمُسْلِمِ تَبْقَى زَوْجَتُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ عِلْمِنَا بِحَالِ مَوْتِهِ فَإِذَا جَهِلْنَا فَيُحْمَلُ عَلَى ارْتِدَادِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ أَنَّ التَّفْرِيقَ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ كَائِنٌ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَفُوتُ بِالدُّخُولِ) ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ) أَيْ فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ.
(قَوْلُهُ تَفْسِيرَانِ) لَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ هَلْ يُتَلَوَّمُ بِالِاجْتِهَادِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عَطْفَ الِاجْتِهَادِ مُغَايِرٌ وَهُوَ الْحَقُّ.
(قَوْلُهُ فَأَطْلَقَ التَّلَوُّمَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَطْفَ فِي كَلَامِ أَصْبَغَ مُغَايِرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُرَادِفٌ وَأَمَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُغَايِرًا فَقَدْ قَالَ الزَّرْقَانِيِّ الْمُرَادُ بِالتَّلَوُّمِ انْتِظَارُ مُدَّةٍ تَعْتَدُّ بَعْدَهَا وَبِالِاجْتِهَادِ الِاجْتِهَادُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ) أَيْ التَّلَوُّمُ وَالِاجْتِهَادُ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ تَفْسِيرَانِ فِيهِ تَغْلِيبٌ؛ لِأَنَّ التَّفْسِيرَ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى التَّقْيِيدِ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ مَوْتِ النَّاسِ بِهِ.
(قَوْلُهُ بَثْرَةٌ) أَيْ: خُرَّاجٌ.
(قَوْلُهُ سُمِّيَّةٍ) نِسْبَةٌ لِلسُّمِّ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي يَطْعَنُ بِهَا فِيهَا سُمٌّ أَوْ كَأَنَّ فِيهَا سُمًّا وَهُوَ أَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ مِنْ وَخْزِ الْجِنِّ) أَيْ طَعْنِ الْجِنِّ الْحَاصِلُ أَنَّ «الطَّاعُونَ قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ وَخْزُ إخْوَانِكُمْ وَلَمْ تَصِحَّ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا وَوُرُودِهَا