للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَبَ أَيْ بِزِيَادَةٍ، وَعَبَّرَ مَعَ الْغَلَطِ بِالنَّقْصِ، وَمَعَ الْكَذِبِ بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ لِأَنَّ الْغَلَطَ يُنَاسِبُهُ النَّقْصُ، وَالْكَذِبَ يُنَاسِبُهُ الزِّيَادَةُ فَعَبَّرَ مَعَ كُلٍّ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَإِلَّا فَالْكَذِبُ، وَالْغَلَطُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ

(ص) وَإِنْ فَاتَتْ فَفِي الْغِشِّ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعُ إذَا غَشَّ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ رِبْحٍ عَلَيْهَا (ص) وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ قِيمَتِهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ (ش) أَيْ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فِي حَالَةِ الْكَذِبِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ أَيْ الْكَذِبِ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي هُوَ الصَّوَابُ كَمَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ مَا لَمْ تَزِدْ إلَخْ فَلَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَمَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ فِيهِ عَنْ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُهَا الْبَائِعُ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ وَلَمَّا كَانَ الْغَاشُّ أَعَمَّ مِنْ الْمُدَلِّسِ لِأَنَّ مَنْ طَالَ زَمَانُ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ غَاشٌّ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ مُدَلِّسٌ أَوْ بَاعَ عَلَى غَيْرِ مَا عَلَيْهِ عَقْدٌ أَوْ نَقْدٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ غَاشٌّ عِنْدَ سَحْنُونَ، وَلَيْسَ بِمُدَلِّسٍ أَفْرَدَ الْمُدَلِّسَ بِحُكْمٍ يَخُصُّهُ فَقَالَ (ص) وَمُدَلِّسُ الْمُرَابَحَةِ كَغَيْرِهَا (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ كَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرَّدِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّمَاسُكِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ، وَيَحْتَمِلُ كَغَيْرِهَا فِيمَا مَرَّ مِنْ الْمَسَائِلِ السِّتِّ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ إلَخْ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ تَارَةً، وَوُضِعَ مِنْهُ أُخْرَى شَرَعَ فِيمَا يُشْبِهُهَا، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِبَابِ التَّدَاخُلِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَبِيعِ تَارَةً، وَنَقْصٌ مِنْهُ أُخْرَى فَقَالَ

{فَصْلٌ} فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَمِنْهُ مَا يُخَالِفُ فِيهِ عُرْفُ الشَّرْعِ اللُّغَةَ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) تَنَاوَلَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ، وَالْأَرْضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى بِنَاءٍ أَوْ عَلَى شَجَرٍ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ الَّتِي هُمَا فِيهَا لَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى يُشْتَرَطَ أَفْرَادُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ عَنْهَا، وَالْعَقْدُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا أَوْ وَصِيَّةً أَوْ رَهْنًا أَوْ وَقْفًا أَوْ هِبَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (ص) وَتَنَاوَلَتْهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأَرْضِ يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ اللَّذَيْنِ فِيهَا بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

يَدْفَعُ الثَّمَنَ الْأَصْلِيَّ وَحْدَهُ فَفِي الْغِشِّ أَقَلُّ الثَّمَنِ، وَلَا يُضْرَبُ رِبْحٌ عَلَى ذَلِكَ الْأَقَلِّ

(قَوْلُهُ أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا) وَكَذَا نَقُولُ فِي الْكَذِبِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَلَطِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت) أَيْ الْقَائِلِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْمُبْتَاعِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّخْيِيرُ لِلْمُبْتَاعِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ، وَرِبْحِهِ مَعْنًى صَحِيحٌ الثَّالِثُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْقِيمَةُ عَنْ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ غَاشٌّ عِنْدَ سَحْنُونَ إلَخْ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ غَاشًّا أَنَّهُ عِنْدَ الْفَوَاتِ يَلْزَمُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ عج، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ بِمَا نَقَدَ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَفِي حَالَةِ الْقِيَامِ لَهُ الرَّدُّ وَالتَّمَاسُكُ بِمَا نَقَدَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْغِشِّ، وَقَدْ عَلِمْته، وَلَا لَهُ حُكْمُ التَّدْلِيسِ لِأَنَّ الْمُدَلِّسَ بِالْعُيُوبِ يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغِشِّ عِنْدَ سَحْنُونَ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغِشِّ عِنْدَهُ، وَلَا حُكْمَ الْكَذِبِ، وَلَا حُكْمَ الْعَيْبِ، وَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ غَيْرَ سَحْنُونَ يَقُولُ إنَّهُ مُدَلِّسٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمُدَلِّسُ الْمُرَابَحَةِ) لَوْ قَالَ عَيْبُ الْمُرَابَحَةِ كَغَيْرِهَا لَكَانَ أَشْمَلَ لَكِنَّهُ تَبِعَ عِبَارَةَ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ أَتَى فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ فَجَاءَ كَلَامُهُ حَسَنًا مُحَشِّي تت، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّف بِالْمُدَلِّسِ مَنْ فِي سِلْعَتِهِ عَيْبٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ تَارَةً يَكُونُ مُفِيتًا، وَتَارَةً يَكُونُ مُتَوَسِّطًا، وَتَارَةً يَكُونُ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَتَارَةً لَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يَرُدَّ، وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْحَادِثِ أَوْ يَتَمَاسَكَ، وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ، وَلَوْ كَانَ مُدَلِّسًا لَكَانَ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ يَرُدُّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ أَيْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ إنْ نَقَصَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) تَقَدَّمَ تَبْيِينُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَكَانَ مُتَوَسِّطًا، وَرُدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ فَإِذَا رُدَّ يَدْفَعُ أَرْشَ الْحَادِثِ

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَابِ التَّدَاخُلِ]

(قَوْلُهُ وَنَقَصَ) تَرَكَ الْمُسَاوَاةَ مَعَ أَنَّهَا هِيَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُرَابَحَةِ {فَصْلٌ تَنَاوَلَ الْبِنَاءَ إلَخْ} (قَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا يُخَالِفُ عُرْفَ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ) أَيْ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ، وَأَمَّا اللُّغَةُ فَلَا تَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ (قَوْلُهُ الَّتِي هُمَا فِيهَا) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ حَرِيمُهَا كَذَا أَفَادَهُ السَّنْهُورِيُّ وتت، وَالشَّيْخُ خَضِرٌ، وَاسْتَظْهَرَ دُخُولَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الذَّخِيرَةِ يَتَنَاوَلُ لَفْظُ الشَّجَرِ الْأَغْصَانَ وَالْأَوْرَاقَ وَالْعُرُوقَ اهـ.

وَالْعُرُوقُ يَتَّسِعُ مَحَلُّهَا بِبَعْضِ الشَّجَرِ، وَفِي شَرْحِ شب تَرْجِيحُ مَا لِلسَّنْهُورِيِّ وتت أَيْ تَبَعًا لعج قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلِيُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عج عَزَاهُ لِجَمَاعَةٍ، وَأَقُولُ بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ، وَإِلَيْهِ نَحَا عب (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ إلَخْ) وَمِثْلُ الشَّرْطِ الْعُرْفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>