للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ (ص) تُضْمَنُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ الْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَتْ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ تَفْرِيطٌ فَتُضْمَنُ فَإِذَا سَقَطَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ يَدِ الْمُودَعِ بِفَتْحِ الدَّالِ فَأَتْلَفَهَا أَوْ سَقَطَ شَيْءُ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةُ خَطَإٍ وَهِيَ وَالْعَمْدُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ أَتَى شَخْصٌ لِصَاحِبِ فَخَّارٍ أَوْ زُجَاجٍ فَقَالَ لَهُ قَلِّبْ مَا يُعْجِبُك فَأَخَذَ شَيْئًا يُقَلِّبُهُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْأَسْفَلَ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ خَطَإٍ وَهِيَ كَالْعَمْدِ فِي أَمْوَالِ النَّاس وَحَيْثُ عَطَفَ الْمُؤَلِّفُ بِالْبَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَمُرَادُهُ ضَمَانُ الْوَدِيعَةِ وَحَيْثُ أَخْرَجَ بِلَا فَمُرَادُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ (ص) لَا إنْ انْكَسَرَتْ فِي نَقْلِ مِثْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا نَقَلَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا إذَا نَقَلَهَا نَقَلَ مِثْلَهَا حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَتُضْمَنُ وَنَقْلُ مِثْلِهَا هُوَ الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَعَدِّيًا بِهِ

(ص) وَبِخَلْطِهَا إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لِلْإِحْرَازِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ إذَا خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِهَا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ تَمْيِيزُهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ فَلَوْ خَلَطَ قَمْحًا بِمِثْلِهِ جِنْسًا وَصِفَةً أَوْ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِحْرَازِ أَوْ الرِّفْقِ وَإِلَّا ضَمِنَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ كُلٌّ عَلَى حِدَّتِهِ أَنْ يُوجَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخِرِ فَقَوْلُهُ لِلْإِحْرَازِ يَرْجِعُ لِلْأُولَى عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَلِلثَّانِيَةِ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ الْمُدَوَّنَةَ (ص) ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَبَيْنَكُمَا إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ (ش) مِنْ تَتِمَّةِ خَلَطَ مَا لَا ضَمَانَ فِيهِ أَيْ إذَا خَلَطَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ قَمْحًا وَنَحْوَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ شَبَهَهَا بِمِثْلِهَا لِلْإِحْرَازِ وَتَلِفَ بَعْضُ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّالِفَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِذَا كَانَ الذَّاهِبُ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمَا وَاحِدٌ وَلِلْآخِرِ اثْنَانِ فَعَلَى صَاحِبِ الْوَاحِدِ ثُلُثُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ التَّالِفُ وَيُعْرَفُ أَنَّهُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنْكُمَا فَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ إذْ الدَّرَاهِمُ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ عُرِفَتْ كَانَتْ مُصِيبَةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ رَبِّهَا

(ص) وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا أَوْ سَفَرِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى أَمِينٍ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ إذَا انْتَفَعَ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَهَلَكَتْ كَالْحِنْطَةِ يَأْكُلُهَا وَالدَّابَّةُ يَرْكَبُهَا فَتَهْلِكُ تَحْتَهُ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ إذَا سَافَرَ بِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ فَهَلَكَتْ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً إلَى مَحَلِّهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ ثُمَّ تَتْلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً إلَى مَحَلِّهَا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَمِينٍ وَخَافَ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَتْ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا صَحِبَهَا مَعَهُ فَتَلِفَتْ وَلَا فَرْقَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ سَفَرِ النَّقْلَةِ بِالْأَهْلِ أَوْ سَفَرِ التِّجَارَةِ أَوْ سَفَرِ الزِّيَارَةِ وَقَوْلُهُ سَالِمَةً أَيْ فِي ذَاتِهَا وَصِفَتِهَا وَسُوقِهَا فَإِنْ تَغَيَّرَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الِانْتِفَاعِ وَالسَّفَرِ وَإِذَا رُدَّتْ سَالِمَةً مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَهَلْ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي لح فِي أَوَّلِ بَابِ الْغَصْبِ أَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ رَبُّهَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ وَلَهَا نَظَائِرُ.

(ص) وَحَرُمَ سَلَفٌ مُقَوَّمٌ وَمُعْدَمٌ وَكُرِهَ النَّقْدُ الْمِثْلِيُّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ مُقَوَّمَةً يَحْرُمُ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ تُضْمَنُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ تَعْرِيفِ الْإِيدَاعِ.

(تَنْبِيهٌ) : الشَّرِيكُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ كَالْمُودَعِ فِي أَنَّهُ أَمِينٌ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى (قَوْلُهُ قَالَ أَشْهَبُ) تَنْظِيرٌ وَالشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتَلْفِت بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَنْقُلُهَا نَقَلَ مِثْلَهَا حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتُضْمَنُ) أَيْ سَوَاءٌ نَقَلَهَا نَقَلَ مِثْلَهَا أَمْ لَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ فَإِذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ لَهُ فَالضَّمَانُ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَنْقُلَهَا نَقَلَ مِثْلَهَا أَوَّلًا فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَوَّلِ وَالضَّمَانُ فِي الثَّانِي وَمِثْلُ النَّقْلِ الرَّاعِي يَضْرِبُ الشَّاةَ إنْ ضَرَبَهَا ضَرَبَ مِثْلِهَا، لَمْ يَضْمَنْ

(قَوْلُهُ وَبِخَلْطِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْخَلْطِ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَلَفٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ) أَيْ جِنْسًا وَصِفَةً فَلَوْ خَلَطَ سَمْرَاءَ بِمَحْمُولَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ أَوْ الرِّفْقِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَرْفَقَ بِهِ مِنْ شَغْلِ مَخْزَنَيْنِ بِذَلِكَ وَكِرَائِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً زَادَ تت فَقَالَ إذَا كَانَ يُقِرُّ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ اهـ) . وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ دَرَجَ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ فَجَعَلَ كَلَامَهُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ يُوجِبُ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ اهـ. مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَتَهْلِكُ تَحْتَهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً وَعَطِبَتْ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ انْتَفَعَ بِهَا انْتِفَاعًا لَا تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً وَتَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ فَإِنْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ فَالْأَظْهَرُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي الضَّمَانُ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ وَكَذَا إذَا جَهِلَ الْحَالَ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيدَاعِهَا) أَيْ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لِرَبِّهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ أَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَمِينٍ فَفِيهِ احْتِبَاكُ حَذْفٍ مِنْ الْأَوَّلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الثَّانِي وَمِنْ الثَّانِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَهَا نَظَائِرُ) مِنْهَا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً لِحِفْظِ الْوَدِيعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ وَالْآخِذُ الْعَارِيَّةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ سَلَفٌ مُقَوَّمٌ) وَمِثْلُ الْمُقَوَّمُ الْمِثْلِيُّ الَّذِي يَعِزُّ وُجُودُهُ كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ وَاَلَّذِي لَا يَنْضَبِطُ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِ كَالْكَتَّانِ يَكُونُ طَوِيلًا وَقَصِيرًا وَأَبْيَضَ وَأَسْوَدَ نَاعِمًا وَغَيْرَ نَاعِمٍ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ النَّقْدُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>