للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُودَعِ أَنْ يَتَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْمُقَوَّمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ مَلِيئًا أَوْ مُعْدَمًا وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُودَعِ بِفَتْحِ الدَّالِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ حَيْثُ كَانَ مُعْدَمًا سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَوَّمَةً أَوْ مِثْلِيَّةً لِأَنَّ رَبَّهَا يَتَضَرَّرُ بِعَدَمِ الْوَفَاءِ حِينَئِذٍ وَيَدْخُلُ فِي الْمُعْدَمِ مِنْ عِنْدِهِ مِثْلُ الْوَدِيعَةِ أَوْ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ سَيِّئُ الْقَضَاءِ وَالظَّالِمِ وَمَنْ مَالُهُ حَرَامٌ وَيُكْرَهُ لِلْمُودَعِ الْمَلِيءِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ النُّقُودِ أَوْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَعَطْفُ الْمِثْلِيِّ عَلَى النَّقْدِ مِنْ عِطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (ص) كَالتِّجَارَةِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُودَعِ التِّجَارَةُ الْوَدِيعَةِ كَانَتْ مِمَّا يَحْرُمُ تَسَلُّفُهَا أَوْ يُكْرَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّلَفِ وَبَيْنَ التَّجْرِ أَنَّ الْمُتَسَلِّفَ قَصَدَ تَمَلُّكَهَا وَأَنْ يَصْرِفَهَا فِيمَا يَصْرِفُ فِيهِ مَالَهُ وَالْمُتَّجِرُ إنَّمَا قَصَدَ تَحْرِيكَهَا لِيَأْخُذَ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ رِبْحٍ وَقَوْلُهُ (ص) وَالرِّبْحُ لَهُ (ش) مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَإِذَا قُلْنَا إنَّ التَّجْرَ بِهَا مَكْرُوهٌ فَالرِّبْحُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ عَرْضًا فَإِنْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَرْضَ بِعَرْضٍ وَهَلُمَّ جَرًّا فَلَا رِبْحَ لَهُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَأَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ وَالرَّدُّ وَإِنْ فَاتَ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَأَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ أَوْ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَقَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُبْضَعَ مَعَهُ وَالْمُقَارَضَ فَلَا رِبْحَ لَهُمَا وَالْفَرْقُ إنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ وَالْمُقَارَضَ إنَّمَا دُفِعَ الْمَالُ إلَيْهِمَا عَلَى طَلَبِ الْفَضْلِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمَا دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُودِعُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى طَلَبِ الْفَضْلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ حِفْظَ مَالِهِ فَلَهُ أَصْلُ مَالِهِ دُونَ الرِّبْحِ وَالْوَصِيُّ أَيْضًا إنَّمَا عَلَيْهِ حِفْظِ مَالِ الْيَتِيمِ فَهُوَ كَالْمُودَعِ

(ص) وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى رَدَّ مَا تَسَلَّفَهُ إلَى مَحَلِّهِ ثُمَّ ضَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ صَاحِبُهَا فَإِنَّ الْمُودَعَ يَبْرَأُ مِنْهَا وَيُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ كَانَ تَسَلُّفُهُ مَكْرُوهًا وَهُوَ تَسَلُّفُ الْمِثْلِيِّ وَالنَّقْدِ لِلْمَلِيءِ وَسَوَاءٌ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ رَبِّهَا بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَأَمَّا التَّسَلُّفُ الْمُحَرَّمُ وَهُوَ الْمُقَوَّمُ فَإِنَّهُ إذَا تَسَلَّفَهُ الْمَلِيءُ أَوْ غَيْرُهُ وَأَذْهَبَ عَيْنَهُ ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَزِمَتْهُ بِمُجَرَّدِ هَلَاكِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّدِّ لِرَبِّهِ وَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى رَدِّهِ لِمَحَلِّ الْوَدِيعَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ادَّعَى رَدَّ صِنْفِ مَا تَسَلَّفَهُ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّ غَيْرِ صِنْفِهِ لَمْ يَبْرَأْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ أَوْدَعَهُ دَنَانِيرَ فَتَسَلَّفَهَا وَرَدَّهَا دَرَاهِمَ لَمْ يَبْرَأْ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ تت وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ شَامِلًا لِلْمَكْرُوهِ وَالْجَائِزِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَإِنَّ الْجَائِزَ كَالْمَأْخُوذِ بِإِذْنِ رَبِّهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ قَالَ (ص) إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ يَقُولُ إنْ احْتَجْت فَخُذْ (ش) أَيْ إنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ إذَا قَالَ لِلْمُودَعِ أَذِنْت لَك فِي أَخْذِهَا سَلَفًا أَوْ قَالَ إنْ احْتَجْت إلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَخُذْ سَلَفًا فَإِنَّهُ إذَا تَسَلَّفَهَا أَوْ تَسَلَّفَ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ الْإِذْنِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَضَاعَ بَعْدَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ مِثْلَهُ كَعَيْنِهِ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ كَلَا تَصَرُّفٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ مَحَلُّهُ حَيْثُ جُهِلَ حَالَ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ وَأَمَّا إنْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ يَعْلَمُ سَمَاحَةَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجَمِيعِ وَأَمَّا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ يَعْلَمُ كَرَاهِيَتَهُ لِذَلِكَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ مَنْ عِنْدَهُ مِثْلَ الْوَدِيعَةِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ ذَهَابِ مَا بِيَدِهِ أَوْ نَقْصِهِ عَنْهَا عِنْدَ إرَادَةِ رَدِّهَا لِحِفْظِهِ.

(تَنْبِيهٌ) : مِثْلُ الْمُودَعِ فِي تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَجَابِيهِ وَالرِّبْحُ لِكُلٍّ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ) وَجَعَلَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ تَشْبِيهًا تَامًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ سَلَفِ الْمُقَوَّمِ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي التِّجَارَةِ وَمَا أَبْدَاهُ مِنْ الْفَرْقِ لَا يَظْهَرُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الرِّسَالَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُ) أَيْ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا رِبْحَ لَهُ) تَأَمَّلْ هَذَا الْكَلَامَ فَإِنَّهُ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا وَلَمْ يَذْكُرْ عج هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَا تَظْهَرُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعُرُوضِ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِعُرُوضٍ مِنْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَالْفَسْخُ فِي الْقِيَامِ أَخْذُ السِّلْعَةِ وَفِي الْفَوَاتِ أَخْذُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُبْضَعِ مَعَهُ وَالْمُقَارَضِ) إذَا اتَّجَرَا لِنَفْسِهِمَا فَلَا يَكُونَ الرِّبْحُ لَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرِّبْحَ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْمُبْضَعِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَأَمَّا الْمُقَارَضُ فَهَلْ الرِّبْحُ لَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ أَوْ يُقَالُ حَيْثُ نَوَى ذَلِكَ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّل ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا مَا يُقَوِّيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ اتَّجَرَا لِأَنْفُسِهِمَا فَيَكُونُ الرِّبْحُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ الْمُبْضَعُ لِرَبِّهَا وَفِي الثَّانِي أَعْنِي الْمُقَارَضَ لَهُمَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْمُودَعِ) أَيْ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْوَصِيِّ إذَا اتَّجَرَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ الْوَصِيَّ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً بِكُلِّ حَالٍ بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّ مَطْلُوبٌ بِتَنْمِيَةِ مَالِ الْيَتِيمِ لَهُ لَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَطْلُوبًا بِتَنْمِيَةِ الْوَدِيعَةِ

(قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) أَيْ ادَّعَى الرَّدَّ فَضَاعَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَبَرِئَ إنْ ادَّعَى الرَّدَّ كَمَا وَقَعَ لِابْنِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُقَوَّمُ) سَكَتَ عَنْ سَلَفِ الْمُعْدَمِ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ التَّوْضِيحِ وَقَضِيَّةُ نُسْخَةِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ يَبْرَأُ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُقَوَّمِ أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَزِمَتْهُ) الْأَوْلَى زِيَادَةُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَرَدَّهَا دَرَاهِمَ) أَوْ رَدَّ بَدَلَ الْقَمْحِ شَعِيرًا وَعَكْسُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>