لِسَيِّدِهِ فَإِنَّ الْجُعْلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسْبِ فِعْلَيْهِمَا فَإِنْ جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الطَّرِيقِ مَثَلًا وَالثَّانِي ثُلُثَاهُ كَانَ لِلْأَوَّلِ ثُلُثُ الْجُعْلِ وَلِلثَّانِي ثُلُثَاهُ أَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ الثَّانِي بَعْدَ رُجُوعِهِ لِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ فَالضَّمِيرُ فِي نِسْبَتِهِ يَرْجِعُ لِكُلٍّ أَيْ: بِحَسْبِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فِي الطَّرِيقِ لَا بِحَسْبِ الْمَسَافَةِ (ص) وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ وَذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ لِلدِّرْهَمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْآبِقِ إذَا جَعَلَ لِرَجُلٍ يَأْتِي بِعَبْدِهِ الْآبِقِ دِرْهَمًا ثُمَّ جَعَلَ لِآخَرَ نِصْفَ دِرْهَمٍ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَتَيَا بِهِ جَمِيعًا فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الدِّرْهَمِ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ ثُلُثَيْهِ وَيَأْخُذُ الثَّانِي ثُلُثَهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ نِصْفِ الدِّرْهَمِ إلَى دِرْهَمٍ وَنِصْفِ ثُلُثٍ وَنِسْبَةَ الدِّرْهَمِ لِذَلِكَ ثُلُثَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلَوْ جَعَلَ لِلثَّانِي دِرْهَمًا كَالْأَوَّلِ فَأَتَيَا بِهِ جَمِيعًا كَانَ لِكُلٍّ نِصْفُ مَا سُمِّيَ لَهُ اتِّفَاقًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْعُرُوضِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعُرُوضِ وَالْمُرَادُ بِالشَّرِكَةِ اللُّغَوِيَّةُ لَا الِاصْطِلَاحِيَّةُ وَإِلَّا كَانَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا بِحَسْبِ نِسْبَةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ.
(تَتِمَّةٌ) لَوْ كَانَ الْجُعْلُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً امْتَنَعَ وَلِلْجَاعِلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَيَغْرَمُ الْمِثْلَ إذَا أَتَى الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مَوْزُونًا لَا يُخْشَى تَغَيُّرُهُ إلَى وُجُودِ الْآبِقِ أَوْ ثَوْبًا جَازَ وَيُوقَفُ وَإِنْ خُشِيَ تَغَيُّرُهُ كَالْحَيَوَانِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.
(ص) وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَاعِلَ وَالْمَجْعُولَ لَهُ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَحِلَّ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْجَعَالَةِ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِطْلَاقُ الْفَسْخِ عَلَى الْعَقْدِ الْجَائِزِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ يَجُوزُ؛ إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ إلَّا بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ وَالْعَلَاقَةُ هِيَ مُشَابَهَتُهُ لِلْعَقْدِ اللَّازِمِ.
(ص) وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَعَالَةَ إذَا شَرَعَ الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ فِيهَا فَإِنَّهَا تَلْزَمُ الْجَاعِلَ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ فِي الْحَلِّ عَنْ نَفْسِهِ وَالْبَقَاءِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى خِيَارِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَا حَصَلَ بِهِ الشُّرُوعُ لَا بَالَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْجَاعِلِ هُنَا مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَ الْجُعْلِ.
(ص) وَفِي الْفَاسِدِ جُعْلُ الْمِثْلِ إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا فَأُجْرَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجُعْلَ الْفَاسِدَ فِيهِ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ تَمَّ الْعَمَلُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْإِجَارَةُ فَيَأْخُذُ بِحِسَابِ الْإِجَارَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْعِوَضَ تَمَّ الْعَمَلُ أَوْ لَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ كَذَا وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فَلَكَ كَذَا أَوْ فَلَكَ النَّفَقَةُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ عَلَى حَسْبِ فِعْلَيْهِمَا) ، فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا لَهُ بَالٌ وَالْآخَرِ لَا بَالَ لَهُ أُعْطِيَ مَنْ لَهُ بَالٌ دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِكُلٍّ نِصْفُ مَا سُمِّيَ لَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَعَلَ لِلثَّانِي دِرْهَمًا كَالْأَوَّلِ إلَخْ) أَقُولُ بَقِيَ مَا إذَا سَمَّى لِأَحَدِهِمَا وَوَجَبَ لِلْآخَرِ جُعْلُ مِثْلِهِ لِاعْتِيَادِهِ طَلَبَ الْأُبَّاقِ وَلَمْ يَسْمَعْ رَبُّهُ فَاسْتَظْهَرَ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْأَكْثَرِ حَيْثُ اخْتَلَفَا قَدْرًا.
(قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعُرُوضِ) فَلَوْ جُعِلَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ عَرْضٌ وَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَاهَا وَيُخَيَّرُ الْآخَرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ أَوْ مَا يُقَابِلَ ذَلِكَ مِنْ الْعَرْضِ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لِهَذَا نِصْفُ الْعَشَرَةِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الْعَرْضِ وَلَوْ جَعَلَ لَهُمَا عَرْضًا وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ اتَّفَقَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَذَا ذَكَرُوا.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) أَيْ: لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَتَى أُطْلِقَتْ تَنْصَرِفُ لِلْمُنَاصَفَةِ أَيْ: بَلْ الْمَدَارُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ فَيَقْتَسِمَانِ الدِّرْهَمَ أَثْلَاثًا (قَوْلُهُ عَيْنًا) أَيْ: دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً مَطْبُوعًا عَلَيْهَا كَذَا فُسِّرَتْ تِلْكَ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ وَلِلْجَاعِلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَخْ) أَيْ: فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا (قَوْلُهُ أَوْ مَوْزُونًا) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ؛ لِأَنَّ الْمَوْزُونَ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَانْظُرْ مَا النُّكْتَةُ وَقَوْلُهُ لَا يُخْشَى تَغَيُّرُهُ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ لَمْ يَجُزْ وَهَلْ يَفْسُدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الْفَسَادُ فَكَمَا أَنَّهُ فِي الْحَيَوَانِ يَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ كَمَا قَالَ: وَسَكَتَ عَنْ كَوْنِ الْعَقْدِ فَاسِدًا وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمَا كَالْإِجَارَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ الْجَاعِلَ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الْفَسْخِ عَلَى الْعَقْدِ الْجَائِزِ) أَيْ: تَرْكُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ الْفَسْخَ (قَوْلُهُ هِيَ مُشَابَهَتُهُ لِلْعَقْدِ) أَيْ مُشَابَهَةُ تَرْكِهِ لِتَرْكِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ.
(قَوْلُهُ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَ الْجُعْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ عَقَدَ تَعَاطِيَ عَقْدِ الْجُعْلِ قَدْ يَكُونُ وَكِيلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَاعِلَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ تَعَاطَى عَقْدَ الْجُعْلِ وَلَوْ وَكِيلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ.
(قَوْلُهُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ وَالْمَعْنَى إنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ التَّفْصِيلُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ أَيْ: الْجُعْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنْ تَمَّ الْعَمَلُ أُعْطِيَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ لَيْسَ فِيهِ جُعْلُ الْمِثْلِ بَلْ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ جُعْلِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ يَسْتَحِقُّهَا تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا بِخِلَافِ جُعْلِ الْمِثْلِ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا إذَا تَمَّ الْعَمَلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَيْ: تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ رَدًّا لَهُ إلَخْ إنْ قُلْت: رَدُّهُ لِلْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ لِلْمُسَمَّى وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى الرَّدِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَضِيعُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ بَلْ يَأْخُذُ أَجْرًا تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فَيَأْخُذُ بِحِسَابِ الْإِجَارَةِ أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَنْ لَوْ تَمَّ الْعَمَلُ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ مَثَلًا فَيُعْطَاهَا وَمَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ فَيُعْطَاهَا وَلَا تَقُلْ إنَّ الْحِسَابَ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ لِلْمُسَمَّى وَإِنَّمَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ أَصْلًا لِلْجُعْلِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ لِلْجُعْلِ الْتَزَمُوا فِيهِ مَا اُلْتُزِمَ فِي عَاقِدِ الْأُجْرَةِ فَلِذَا أَحَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَلَكَ كَذَا أَوْ فَلَكَ النَّفَقَةُ)