حَائِطَيْنِ لِرَجْلٍ مُكْتَنِفِي الطَّرِيقِ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّينَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً إلَى الْفَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ رَوْشَنًا أَوْ سَابَاطًا إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَلَوْ رَفَعَهُمَا رَفْعًا بَيِّنًا وَلَا يَكْفِي إذْنُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَالْإِشْرَاكِ لَكِنْ فِي الْكَافِي مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إذْنُ مَنْ يَمُرُّ بِمَنْزِلِهِ مِنْ تَحْتِ الرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ مِمَّنْ مَنْزِلُهُ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ دُونَ مَنْ لَمْ يَمُرَّ تَحْتَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ انْتَهَى وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فَلَا يُمْنَعُ إنْ نَكَبَهُ عَلَى بَابِ جَارِهِ بِحَيْثُ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى مَا فِي دَارِ جَارِهِ وَلَا قَطْعَ لَهُ مُرْفَقًا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً إلَى الْقَضَاءِ وَتَقَدَّمَ الْجَوَازُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُنْكَبْ فَقَوْلُهُ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ رَاجِعٌ لَهُمَا وَالرِّوَايَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ قِيلَ الْمَحَلُّ لِلضَّمِيرِ فَكَانَ يَقُولُ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ لَاحْتُمِلَ رُجُوعُهُ لِلسِّكَّةِ لَا بِقَيْدِهَا فَلِذَلِكَ أَتَى بِالظَّاهِرِ الْمُقَيَّدِ وَقَوْلُهُ فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا تَامًّا وَإِلَّا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَحْجُرُوهَا عَلَى النَّاسِ بِغَلْقٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْجَمِيعِ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ.
(ص) وَصُعُودِ نَخْلَةٍ وَأَنْذَرَ بِطُلُوعِهِ (ش) يَجُوزُ نَصْبُ وَصُعُودٍ عَطْفًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مَانِعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فِي دَارِهِ نَخْلَةٌ أَوْ شَجَرَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطْلُعَ لَهَا لِيَجْنِيَ ثَمَرَهَا أَوْ لِأَجْلِ إصْلَاحِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْذِرَ جَارَهُ بِطُلُوعِهِ إيَّاهَا خَوْفَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى عَوْرَةِ جَارِهِ وَقِيلَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِنْذَارِ بِخِلَافِ الْمَنَارَةِ الْمُحْدَثَةِ أَوْ الْقَدِيمَةِ حَيْثُ كَانَتْ تَكْشِفُ عَلَى الْجِيرَانِ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الصُّعُودَ لِجَنْيِ الثَّمَرَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ نَادِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ.
(ص) وَنُدِبَ إعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبِهِ وَإِرْفَاقٌ بِمَاءٍ وَفَتْحُ بَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ جِدَارَهُ لِيَغْرِزَ فِيهِ جَارُهُ خَشَبَةً وَنَحْوَهَا وَأَنْ يُرْفِقَهُ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ فَتْحِ بَابٍ وَإِرْفَاقٍ بِمَاءٍ وَجَوَازٍ فِي طَرِيقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبَةً تُغْرَزُ فِي جِدَارِهِ» رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ خَشَبَةً بِلَفْظِ الْوَاحِدِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ خَشَبَهُ عَلَى الْجَمْعِ وَبِعِبَارَةٍ خَشَبَهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالشَّيْنِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مَعَ ضَمِّ الْخَاءِ وَالشِّينِ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْجِيرَةِ فَقِيلَ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَالْجَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ جَارٌ لَهُ عَلَيْك حَقَّانِ وَهُوَ الْجَارُ الْمُسْلِمُ الْأَجْنَبِيُّ، وَجَارٌ لَهُ عَلَيْك ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ وَهُوَ الْجَارُ الْمُسْلِمُ الَّذِي بَيْنَك أَوْ بَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَجَارٌ لَهُ عَلَيْك حَقٌّ وَاحِدٌ وَهُوَ الْجَارُ الذِّمِّيُّ
(ص) وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَفِي مُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ تَرَدُّدٌ. (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَعَارَهُ عَرْصَتَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ وَفِي بَابٍ آخَرَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تَرَكْتَهُ إلَى مِثْلِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّك أَعَرْته إلَى مِثْلِهِ فِي الْأَمَدِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِيمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ فَمَنْ قَالَ وِفَاقٌ جَعَلَ مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَا أَنْفَقَ عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ ثَمَنًا وَأَصْرَفَهُ فِي الْمُؤَنِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَنَ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ وَقِيمَتِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً) ضَعُفَ هَذَا التَّفْصِيلُ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا فِي التَّمْكِينِ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ الرَّوْشَنُ وَالسَّابَاطُ بِأَهْلِ السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فِي ضَوْءٍ وَلَا مَمَرِّ رَاكِبٍ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّرِيفُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَفُورِ الْعِمْرَانِيُّ وَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَوَازِلِ الْمِعْيَارِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْكَافِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ عج (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلسَّابَاطِ وَالرَّوْشَنِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ.
(قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَيْهَا) أَيْ حَتَّى يَجْعَلَ بِهَا سَاتِرًا يَمْنَعُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْجِيرَانِ مِنْ أَيْ جِهَةٍ حَتَّى لَا يَتَبَيَّنَ بِهِ أَشْخَاصٌ وَلَا هَيْئَاتٌ وَلَا ذُكُورٌ وَلَا إنَاثٌ، قَرُبَتْ دَارُهُمْ أَوْ بَعُدَتْ لِتَكَرُّرِ طُلُوعِهَا.
(قَوْلُهُ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ) أَيْ لِاسْتِنَادٍ عَلَيْهَا أَوْ سَقْفٍ (قَوْلُهُ وَإِرْفَاقٍ بِمَاءٍ) أَيْ بِفَضْلِ مَاءٍ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ جَارُهُ لِشُرْبٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَنَحْوَهَا) أَيْ كَحَجَرٍ (قَوْلُهُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ بَابٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى يَفْتَحُهُ لَهُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ لِقُرْبِهِ مِنْ السُّوقِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَجَوَازٍ فِي طَرِيقٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى فَتْحِ بَابٍ وَفِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ وَالْمَعْنَى مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَ لِجَارِك طَرِيقٌ خَاصَّةٌ بِهِ يَذْهَبُ مِنْهَا لِلسُّوقِ فَيَأْذَنُ لَك بِالْمُرُورِ فِيهَا لِأَجْلِ قُرْبِ السُّوقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إلَخْ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِرِوَايَاتٍ ثَلَاثَةٍ وَالْجَمْعُ لَهُ صِيغَتَانِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِفَتْحَتَيْنِ يَكُونُ اسْمَ جَمْعٍ فَتَجُوزَ فِي قَوْلِهِ جَمْعٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَقِيلَ أَرْبَعُونَ إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ سِتُّونَ دَارًا عَنْ يَمِينِهِ وَسِتُّونَ عَنْ يَسَارِهِ وَسِتُّونَ خَلْفَهُ وَسِتُّونَ أَمَامَهُ هَكَذَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) أَيْ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَرْصَةٍ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ لِجَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْعَارِيَّةَ بِعَمَلٍ وَلَا أَجَلٍ وَإِلَّا لَزِمَتْ لِانْقِضَائِهِ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَاءٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ إلَخْ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي دَفْعِ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ فَلَوْ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ وَفِيهِ أَيْضًا قِيمَتُهُ؛ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ فِي الْأَمَدِ) أَيْ مِنْ الْأَمَدِ أَيْ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ إلَخْ)