كَشِرَائِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بَائِعُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى الدَّيْنَ مِمَّنْ هُوَ لَهُ بِقَصْدِ إعْنَاتِ مَنْ عَلَيْهِ فَإِنَّ شِرَاءَهُ يُرَدُّ وَيُفْسَخُ وَهَلْ مَحَلُّ رَدِّ الشِّرَاءِ حَيْثُ عَلِمَ الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى الْعَنَتِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يُرَدُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَقَاضَى الدَّيْنَ أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ وَيُرَدُّ مُطْلَقًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَرَى فِي الشِّرَاءِ الْخِلَافُ فِي الرَّدِّ وَلَمْ يَجْرِ فِي الْأَدَاءِ خِلَافٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَسَاوِي الْفَرْعَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالتَّفْصِيلِ فِي الشِّرَاءِ يُرَاعِي دُخُولَهُمَا عَلَى الْفَسَادِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَالْفَسَادُ مُنْتَفٍ فَلِذَا لَمْ يُرَدَّ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الْعِلْمِ فَاسِدًا وَمَعَ عَدَمِهِ غَيْرَ فَاسِدٍ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ لِقَصْدِ الضَّرَرِ فَلِذَا رُدَّ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ فِي تَوْضِيحِهِ إلَّا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَا الشَّارِحُ فَكَانَ الْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِهِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ.
قَوْلَهُ (ص) لَا إنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ فَضَمِنَ ثُمَّ أَنْكَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ غَائِبٍ بِدَيْنٍ فَضَمِنَهُ شَخْصٌ فِي الْقَدْرِ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَنْكَرَ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّ الضَّمَانَ يَسْقُطُ.
(ص) أَوْ قَالَ لِمُدَّعٍ عَلَى مُنْكِرٍ إنْ لَمْ آتِك بِهِ لِغَدٍ فَأَنَا ضَامِنٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ إنْ لَمْ آتِك بِهِ غَدًا فَأَنَا ضَامِنٌ فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي الْغَدِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ.
وَقَوْلُهُ (ص) إنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ (ش) فَإِذَا ثَبَتَ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ لَزِمَهُ الضَّمَانُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ (ص) وَهَلْ بِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا مِثْلُ الْبَيِّنَةِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ أَنْ يَكُونَ تَوَاطَأَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ لِلضَّامِنِ؟ وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ كَانَ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَمَالَةِ وَأَمَّا قَبْلَهَا فَيَلْزَمُهُ وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَلَا يُوجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْئًا قَطْعًا.
(ص) كَقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِبَيِّنَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى قِبَلَ شَخْصٍ دَيْنًا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَمَا تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ فَإِنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى بِبَيِّنَةٍ أَوْ يُقِرَّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْحَقِّ قُلْت قَوْلُهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَبْطَلَ كَوْنَ قَوْلِهِ أُوَفِّك إقْرَارًا وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إنْ أَخْلَفْتُك غَدًا فَدَعْوَايَ بَاطِلَةٌ أَوْ دَعْوَاك حَقٌّ أَوْ عَلَيَّ كِرَاءُ الدَّابَّةِ الَّتِي تَكْتَرِيهَا وَكَذَلِكَ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَقْتَ كَذَا فَالْحَقُّ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ مَنْ الْتَزَمَهُ شَيْءٌ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الضَّمَانِ وَأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ فَقَالَ (ص) وَرَجَعَ بِمَا أَدَّى وَلَوْ مُقَوَّمًا إنْ ثَبَتَ الدَّفْعُ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الضَّامِنَ كَالْمُسْلِفِ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا أَدَّى سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمَطْلُوبُ فِي دَفْعِ مِثْلِ الْمُقَوَّمِ أَوْ قِيمَتِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَإِنْ كَانَ لِفَوَاتِهِ بِيَدِ الطَّالِبِ رَدَّ لَهُ عِوَضَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ كَشِرَائِهِ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَنَتِ بِمُجَرَّدِهَا عَنْ مُشْتَرٍ أَوْ مُؤَدٍّ وَكَذَا مِنْ بَائِعٍ وَقَابِضٍ بَلْ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَنَتِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَشِرَائِهِ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ لَهُ بِلَا شِرَاءٍ كَهِبَةٍ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَيُقِيمُ الْحَاكِمُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) أَقُولُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ إلَّا عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَأَمَّا عَقْدُ غَيْرِهَا فَلَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ مَعَ أَنَّهُ يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ كَالْهِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَدَاءَ يُعْقَلُ فِيهِ الدُّخُولُ عَلَى الْفَسَادِ وَعَدَمُهُ فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الشِّرَاءِ فَلَا يَظْهَرُ لِهَذَا الْفَرْقِ صِحَّةٌ.
(قَوْلُهُ لَا إنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَمْ يُجْعَلْ مُخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ لِأَنَّهُ فِي الْمُدَايَنَةِ فَقَطْ فَيَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كَانَ قَبْلَ الضَّمَانِ عُمِلَ بِهِ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُقِرُّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَالثُّبُوتُ بِالْإِقْرَارِ مُعْتَبَرٌ هُنَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ.
(تَنْبِيهٌ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ وَلَكِنْ ذِكْرُهَا هُنَا كَالدَّلِيلِ لِلْمُتَقَدِّمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ قَوِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ الْإِقْرَارِ فَكَذَا لَا يُجْعَلُ مَا تَقَدَّمَ ضَمَانًا (قَوْلُهُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْحَقِّ) أَيْ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَبْطَلَ كَوْنَ قَوْلِهِ أُوَفِّك إقْرَارًا قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إبْطَالٌ بَلْ هُوَ مُقِرٌّ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الَّذِي تَدَّعِيهِ حَقٌّ أَيْ لَا بَاطِلٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ حَقًّا مُطْلَقًا بَلْ عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَحَيْثُ كَانَتْ حَقِيقَتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَعَدَمُ التَّوْفِيَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْحَقِيقَةُ فَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ حَصَلَ الْإِبْطَالُ فَإِنْ قُلْت هَلَّا عَدَّ قَوْلَهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ نَدَمًا لَا يَنْفَعُ قُلْت ذَكَرَ الَّذِي يَنْفَعُ إذَا وَقَعَ عَقِبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَائِدَةُ وَالْفَائِدَةُ لَمْ تَحْصُلْ بِفِعْلِ الشَّرْطِ فَقَطْ.