للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَسَافَةَ الَّتِي فَوْقَ دَعْوَى الْمُعِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَقَوْلُهُ (ص) وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ (ش) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ إنْ لَمْ يَزِدْ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَإِنْ زَادَ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ: وَإِنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرَتْ فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْعَارِيَّةِ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الرَّسُولَ لَمَّا قَبَضَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُعِيرِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَابِضُ فَقَدْ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَمِثْلُ مَا هُنَا شَهَادَةُ الْأَمِينِ بَعْدَ الْمَانِعِ بِحَوْزِ الرَّهْنِ فِي أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالتَّعْلِيلُ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ.

(ص) كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي تَصْدِيقِ دَعْوَى الْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا إلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ وَالتَّلَفِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ إلَى مَنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ مَعَ رَسُولِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهَا أَوْ تَلَفَهَا إلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَارِيَّةِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَنَحْوِهِ فِي شَرْحِهِ وَصَرَّحَ فِي الشَّامِلِ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُسْتَعِيرِ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَضْمَنْ هُنَا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَمَا شَابَهَهَا قِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مَعْرُوفًا اُغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا فَجَعَلُوا قَبُولَ قَوْلِهِ مِنْ تَمَامِ الْمَعْرُوفِ.

(ص) وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لِاسْتِعَارَةِ حُلِيٍّ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ مُرْسِلُهُ إنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا أَتَى إلَى قَوْمٍ فَقَالَ لَهُمْ أَرْسَلَنِي فُلَانٌ لِأَسْتَعِيرَ لَهُ مِنْكُمْ حُلِيًّا فَصَدَّقُوهُ وَدَفَعُوا لَهُ مَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ إنَّهُ تَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَإِنْ قَالَ أَوْصَلْتُهُ لَهُمْ فَإِنْ صَدَّقَهُ مَنْ أَرْسَلَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ وَيَبْرَأُ الرَّسُولُ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لِاسْتِعَارَةِ مَا ذَكَرَ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرْسَلَهُ وَيَبْرَأُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ أَرْسَلَهُ وَيَبْرَأُ وَتَكُونُ الْعَارِيَّةُ هَدَرًا أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَوْلُهُ وَتَلِفَ عَطْفٌ عَلَى مُرْسَلٌ أَيْ وَزَعَمَ أَنَّهُ تَلِفَ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ تَلَفُهُ وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُرْسِلُ عَلَى الْإِرْسَالِ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِ الضَّمَانِ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ وَاوُ الْحَالِ وَمَفْهُومُ حُلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَالدَّابَّةِ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْعَدَاءِ.

(ص) وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعَدَاءِ ضَمِنَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا اعْتَرَفَ بِالتَّعَدِّي فِي أَخْذِ الْعَارِيَّةِ وَتَلِفَتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَاجِلًا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا مَا لَا فِي رَقَبَتِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا) لَكِنْ إذَا رَكِبَ الْبَعْضَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا رَكِبَ فَقَطْ لَا فِيمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَارُ قَبَضَهُ رَسُولُ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ قَبَضَهُ الْمُسْتَعِيرُ نَفْسُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مُصَدِّقًا لِلْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعِيرِ أَوْ مُكَذِّبًا لَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ رَسُولُ الْمُسْتَعِيرِ لَا تَظْهَرُ الْمُبَالَغَةُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ فِعْلَ الرَّسُولِ هُوَ إتْيَانُهُ بِالدَّابَّةِ مِنْ الْمُعِيرِ لِأَنَّ فِعْلَهُ السَّيْرُ لِأَزْيَدَ مِنْ الْمَسَافَةِ وَأَجَابَ عج بِأَنَّ الْمُرَادَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْهُ وَسَمَّاهُ فِعْلًا لِأَنَّهُ فِعْلُ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى الصِّيغَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا صَدَقَةً فَلِذَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِذَا تَأَمَّلْتَ تَجِدُ الشَّاهِدَ هُنَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقْبَلْ وَفِي بَابِ الْوَدِيعَةِ شَهِدَ عَلَيْهِ وَقُبِلَ مَعَ أَنَّهُ رَسُولٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَيُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ لَا يَنْفَعُ أَصْلًا لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ لَا يُسَلَّمُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّسُولَ مُخَالِفٌ لِلْمُسْتَعِيرِ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا لَهُ (قَوْلُهُ بِحَوْزِ الرَّهْنِ) أَيْ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهُ حَازَ الرَّهْنَ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْأَمِينِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَلِذَا احْتَاجَ لِلتَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ فِي رَدِّ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ لَا فِيمَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَبَضَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ لَهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ) وَحَاصِلُ مَا نَقَلَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ مَا قَالَهُ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ فَقَدْ قَالَ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَنْكَرُوا الْإِرْسَالَ أَوْ لَا الْأَوَّلُ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الثَّانِي فَالرَّسُولُ دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيَغْرَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَقَوْلُ الزَّرْقَانِيِّ إنْ أَقَرُّوا بِالْإِرْسَالِ ضَمِنُوا غَيْرُ ظَاهِرٍ

(قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) أَيْ إمَّا عَاطِفَةٌ وَإِمَّا الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَيْ بِالزَّعْمِ لَا بِالْبَيِّنَةِ لِيَتَوَافَقَ الْعَطْفُ وَالْحَالِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ) أَيْ كَمَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ عِنْدَ التَّصْدِيقِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ أَوَّلًا فِي الْمُرْسِلِ وَالرَّسُولُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ وَالسَّيِّدُ إسْقَاطُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>