للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَتَغَيَّرُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ إذَا طَالَ زَمَنُهُ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ مَا أَنْفَقَ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ مَحَلَّ دَفْعِ الْقِيمَةِ إذَا اشْتَرَى الْمُؤَنَ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَى ذَلِكَ بِغَبْنٍ أَصْلًا أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مَا أَنْفَقَ وَإِذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَمَعْنَاهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْمُعِيرِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا كَانَ مُجَوِّزًا أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا كَانَ لَهُ الْقِيمَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ.

(ص) وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فَكَالْغَصْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعَارَ شَخْصًا أَرْضَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ غَرْسًا إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ الْمُشْتَرَطَةُ أَوْ الْمُعْتَادَةُ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ فَإِنْ شَاءَ رَبُّهَا أَمَرَ بِقَلْعِ بِنَائِهِ أَوْ شَجَرِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ أَوْ أَمَرَهُ بِإِبْقَاءِ مَا فَعَلَ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا بَعْدَ أَنْ يُحَاسِبَهُ بِأُجْرَةِ مَنْ يُسَوِّي الْأَرْضَ وَيَسْقُطُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ مِنْ شَأْنِهِ تَوَلِّي هَدْمِ أَوْ قَلْعِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ مَا ذَكَرَ كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ إسْقَاطِ مَنْ يُسَوِّي الْأَرْضَ وَشَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي بَابِ الْغَصْبِ بِقَوْلِهِ وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لِشُهْرَتِهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ كَالْغَاصِبِ مَعَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ لِتَحْدِيدِهِ بِزَمَنٍ قَدْ انْقَضَى.

(ص) وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ وَالْمَالِكُ الْكِرَاءَ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَأْنَفَ مِثْلُهُ عَنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَكِبَ دَابَّةً لِرَجُلٍ إلَى مَكَانِ كَذَا وَرَجَعَ بِهَا فَقَالَ أَخَذْتُهَا مِنْكَ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ اكْتَرَيْتَهَا مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ أَنَّهُ أَكْرَاهَا لَهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَمَّا بِاعْتِبَارِ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا كَلَامَ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أُجْرَةً وَإِلَّا رُدَّ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ انْتَهَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مِثْلُهُ لَا يَكْرِي الدَّوَابَّ لِشَرَفِهِ وَعُلُوِّ مَقَامِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ حِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ بِيَمِينٍ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْكِرَاءَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ أَكْرَاهَا بِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَهَا إلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا إذَا أَسْكَنَهُ مَعَهُ فِي دَارِ سُكْنَاهُ وَأَمَّا إنْ أَسْكَنَهُ بِغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ أَكْرَاهَا وَلَا يُرَاعَى كَوْنُ مِثْلِهِ ذَا قَدْرٍ وَرِفْعَةٍ أَمْ لَا وَمِثْلُ دَارِ سُكْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الثِّيَابُ وَالْآنِيَةُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(ص) كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَزِدْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ بِيَمِينٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعِيرَ وَالْمُسْتَعِيرَ إذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُعِيرُ أَعَرْتُكَ مَنَافِعَ دَابَّتِي مَثَلًا مِنْ مِصْرَ إلَى الْعَقَبَةِ وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْأَزْلَمِ فَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ رُكُوبِ النِّهَايَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ أَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ النِّهَايَةَ أَوْ بَعْضَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ إنْ رَجَعَتْ وَفِي نَفْيِ الضَّمَانِ إنْ هَلَكَتْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ النِّهَايَةَ أَيْ رَكِبَ

ــ

[حاشية العدوي]

مَا أَنْفَقَ وَمَعَ عَدَمِهِ الْقِيمَةَ عَكْسَ هَذَا التَّأْوِيلِ وَأُجِيبَ بِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجِدَارُ بَاقِيًا وَلَوْ حَصَلَ ضَعْفُ قُوَّةٍ عَنْ حَالِهِ جَدِيدًا أَوْ هَدْمٌ يَسِيرٌ لَا يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ صِفَتِهِ جَدِيدًا وَأَمَّا إذَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ الْهَدْمِ مَا يَمْنَعُ صِفَتَهُ جَدِيدًا فَالرُّجُوعُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ) عِبَارَتُهُ فِي تَوْضِيحِهِ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَقِيلَ مَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ بِالْقُرْبِ جِدًّا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَقِيمَةُ مَا أَنْفَقَ إذَا طَالَ الْأَمَدُ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِانْتِفَاعِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ إذْ الْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى مُدَّةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ وَأَمَّا تَجْوِيزُهُ لِمَا ذَكَرَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الطَّمَعِ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ وَقَالَ عج وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْبِيدِ الْمُدَّةُ الْمُعْتَادَةُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ

(قَوْلُهُ فَكَالْغَصْبِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا انْقَضَتْ لَا يَكُونُ كَالْغَاصِبِ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَعْمَلَ بِالشَّرْطِ كَالْمُسْتَأْجِرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ) بَقِيَ عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الشِّرَاءَ لَهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ) فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْكِرَاءَ بِنُكُولِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا بِاعْتِبَارِ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا كَلَامَ) أَيْ فِي أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي كَوْنِ الْعَقْدِ عَقْدَ إجَارَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ) هَذَا ذَكَرَهُ تت وَنَحْوُهُ لِبَهْرَامَ عَنْ أَشْهَبَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ وَالْأَقْرَبُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَأْنَفُ مِثْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْكِرَاءِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ مُحَشِّي تت صَرَّحَ بِأَنَّهُ فِي النَّوَادِرِ وَذَكَرَ نَصَّهَا لَكِنَّهُ قَالَ اُنْظُرْ قَوْلَ أَشْهَبَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ اهـ.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ) صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ رُكُوبٌ أَصْلًا أَوْ اُخْتُلِفَ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُعِيرُ أَوْ فِي آخِرِهَا لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ خُيِّرَ الْمُسْتَعِيرُ بَيْنَ أَنْ يَرْكَبَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ أَوْ يَتْرُكَ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَوَثَّقَ مِنْهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ لِئَلَّا يَرْكَبَ مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ إلَخْ) ثُمَّ إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ أَكْثَرَ مِمَّا زَادَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا زَادَهُ فَقَطْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْبَاقِي وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ، حَلَفَ الْآخَرُ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ) صَرَّحَ بِذَلِكَ رَدَّ الْقَوْلَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَطْ لَا فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>