للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُتُبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ اخْتِيَارِيٌّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْفِقْهِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالْحَدِيثِ وَمَا عَدَاهَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَكَذَلِكَ يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ ثَوْبَا جُمُعَتِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَلَوْ فِي دَيْنِ الْغَصْبِ وَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهُمَا، وَالْقِلَّةُ، وَالْكَثْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفَلَّسِ وَمُرَادُهُ بِثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ مَلْبُوسُ جُمُعَتِهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ اللَّابِسِ وَبِعِبَارَةٍ، وَالتَّثْنِيَةُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ، وَالثَّوْبَيْنِ، وَالْأَثْوَابِ.

(ص) وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا فُلِّسَ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ فَهَلْ تُبَاعُ عَلَيْهِ آلَتُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا كَمِرْزَبَةٍ الْكَمَّادِ وَمِطْرَقَةِ الْحَدَّادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالْحَالُ أَنَّهَا قَلِيلَةُ الْقِيمَةِ، أَوْ لَا تُبَاعُ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِشَيْخِ الْمَازِرِيِّ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ فَقَالَ عَنْهُ إنَّهُ كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي بَيْعِ ذَلِكَ، وَالتَّرَدُّدُ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ التَّحَيُّرُ فَقَوْلُهُ وَبِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَيْ وَبِالتَّحَيُّرِ لِتَحَيُّرِ جِنْسِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ كَمَا هُنَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ لَهَا فَتُبَاعُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا

(ص) وَأَجْرُ رَقِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَقِيقَ الْمُفَلَّسِ الَّذِي لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ كَالْمُدَبَّرِ، وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِهِ يُؤَاجَرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ الْقِنُّ فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُ مَالِهِ، وَالْمُرَادُ بِالرَّقِيقِ هُنَا مَنْ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ كَثِيرَةٌ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَرِينَةٌ عَلَى هَذَا الْمُرَادِ وَهُوَ قَوْلُهُ (ص) بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ (ش) ، أَيْ: فَإِنَّهَا لَا تُؤَاجَرُ عَلَيْهِ إذَا أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ لَهُمْ مُؤَاجَرَةُ مُدَبَّرَتِهِ وَبَيْعُ كِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ اللَّخْمِيُّ وَتُبَاعُ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَإِنْ طَالَتْ كَعَشْرِ سِنِينَ وَيُبَاعُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ السَّنَةُ، وَالسَّنَتَانِ، وَلَا يُبَاعُ مُرْجَعُ عَبْدٍ لَهُ أَخْدَمَهُ غَيْرُهُ، أَيْ: لَا يُبَاعُ عَبْدٌ جَعَلَ سَيِّدُهُ مَرْجِعَهُ لِمَنْ فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ جَعَلَ خِدْمَتَهُ لِغَيْرِهِ مُدَّةً وَإِنْ فُلِّسَ الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ فَالْخِدْمَةُ لَهُ كَعَرَضٍ إنْ كَانَتْ سِنِينَ مَعْلُومَةً كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَتْ حَيَاةُ الْمُخْدَمِ، أَوْ الْمُخْدِمِ بِيعَ مَا قَرُبَ كَالسَّنَةِ، وَالسَّنَتَيْنِ وَمَا اكْتَرَى أَوْ نَقَدَ ثَمَنَهُ بِيعَ لَهُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنْ ادَّعَى فِي أَمَةٍ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ مِنْ النِّسَاءِ، أَوْ يَكُونَ قَدْ فَشَا ذَلِكَ قَبْلَ ادِّعَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ قَائِمٌ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ إنَّهُ مِنْهُ

(ص) ، وَلَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ بَعْدَ أَخْذَ مَا بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَكَسَّبَ لِغُرَمَائِهِ لِيُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] ، وَسَوَاءٌ عَامَلَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى التَّكَسُّبِ أَمْ لَا وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ.

(ص) وَتَسَلُّفٌ وَاسْتِشْفَاعٌ وَعَفْوٌ لِلدِّيَةِ وَانْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ، أَوْ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْمُفَلَّسَ أَنْ يَتَسَلَّفَ مَالًا لِأَجْلِ غُرَمَائِهِ، وَلَا قَبُولُ هِبَةٍ، وَلَا صَدَقَةٌ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا فَضْلَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ مَاتَ عَنْ شُفْعَةٍ فَالشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْفُوَ لِلدِّيَةِ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهُ لِيُوَفِّيَ بِهِ مَا عَلَيْهِ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا بِخِلَافِ مَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ لِكَوْنِهِ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَيَلْزَمُهُ فَقَوْلُهُ وَعَفْوٌ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَمْدٌ فِيهِ الْقِصَاصُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ لَوْ كَانَتْ خَطَأً وَجَبَ أَخْذُ الدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ) فِي عب وَيَنْبَغِي وَآلَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دَيْنِ الْغَصْبِ) كَمَا لَوْ كَانَ الْمُفَلَّسُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ دُيُونٌ مِنْ غَصْبٍ غَصَبَهُ وَأَتَى بِذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْغَصْبِ يُبَاعُ فِيهِ وَلَوْ لَمْ تَكْثُرْ قِيمَتُهَا وَفِي خَطِّ بَعْضِ الشُّيُوخِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ اللَّابِسِ) ، أَيْ: مِنْ لُبْسٍ ثَوْبٍ وَاحِدٍ، أَوْ ثَوْبَيْنِ، أَوْ ثَوْبٍ وَقَبَاءٍ وَشَيْءٍ آخَرَ يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ، أَوْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَعَبَّرَ بِثَوْبَيْنِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ، وَالْإِمَامُ نَظَرَ لِعُرْفِ زَمَانِهِ وَعُرْفُ زَمَانِهِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا ثَوْبَانِ، أَوْ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ثَوْبًا جَمَعَتْهُ قَمِيصٌ وَرِدَاءٌ، أَوْ جُبَّةٌ وَرِدَاءٌ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) جَوَابٌ ثَانٍ.

(قَوْلُهُ: كَمِزْرَبَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ مَعَ التَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ لِشَيْخِ الْمَازِرِيِّ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ) ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تُبَاعُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَالتَّحَيُّرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّحَيُّرَ لَيْسَ فِي التَّرَدُّدِ مُطْلَقًا بَلْ إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَتُبَاعُ خِدْمَةٌ إلَخْ) ، وَلَا يُؤَاجَرُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا خِدْمَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبَاعُ مُرْجَعُ عَبْدٍ لَهُ) ، أَيْ: لِلْمُفَلَّسِ وَفَاعِلُ أَخَدَمَهُ عَائِدٌ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَالْخِدْمَةُ لَهُ كَعَرَضٍ) فَتُبَاعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا اكْتَرَى، أَوْ نَقَدَ) بِأَوْ فِي نُسْخَتِهِ فَيُحْمَلُ مَا اكْتَرَى عَلَى الْوَجِيبَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَقَدَ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُشَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ) ، أَيْ: فَإِنَّهُ قَالَ يُجْبَرُ الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ عُومِلَ عَلَى ذَلِكَ لَا التَّاجِرُ وَعَلَى التَّاجِرِ تَكَلَّمَ مَالِكٌ وَانْظُرْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ التَّكَسُّبَ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شُرِطَ فِيهِ غَرَضٌ وَمَالِيَّةٌ، أَوْ لَا وَاَلَّذِي يَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ الْأَوَّلُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ، وَلَا يُخَالِفُ الْمُصَنِّفَ أَقُولُ بَلْ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ حُكْمًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُلْزَمُ بِالتَّكَسُّبِ لِيَدْفَعَهُ لِغُرَمَائِهِ فِي دُيُونِهِمْ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَكْتَسِبُ وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ، وَلَا يُتْرَك لَهُ قُوتُهُ حَيْثُ كَانَ كَسْبُهُ يَكْفِيهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يُقَيِّدْ بَلْ قَالَ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ، أَيْ: دَاخِلُونَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ إلَخْ) ، أَيْ: يَطْلُبَ السَّلَفَ بَلْ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ السَّلَفِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ إلَّا إنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُسَلِّفَ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْرَ مَالِهِ عَلَى الْمَدِينِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْمُفَلَّسِ مَقَالٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَلَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ مِنْ مَنْعِهِ حَيْثُ حَصَلَ نَفْعٌ لِأَجْنَبِيٍّ وَرَبُّ الدَّيْنِ هُنَا أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْمُقْرِضُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَدِينِ فَكَأَنَّ الْقَرْضَ إنَّمَا هُوَ لَهُ فَلَيْسَ النَّفْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>