للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قُسِمَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ ثَبَتَ عُدْمُهُ وَأُطْلِقَ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ لَا يَفْتَقِرُ لِتَجْدِيدِ عُدْمٍ وَلَوْ طَالَ زَمَانُهُ ابْنُ نَاجِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَلِلْبَاجَّيَّ فِي سِجِلَّاتِهِ يُجَدِّدُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِانْتِقَالِ الْكَسْبِ حِينَئِذٍ وَلَمَّا كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْمُفَلَّسِ يُخَالِفُ حَجْرَ السَّفِيهِ فِي عَدَمِ احْتِيَاجِ فَكِّهِ إلَى الْحَاكِمِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ

(ص) وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ (ش) ، أَيْ: وَانْفَكَّ الْحَجْرُ عَلَى الْمُفَلَّسِ إذَا قُسِمَ مَالُهُ وَبَقِيَتْ مِنْ دُيُونِهِمْ بَقِيَّةٌ وَحَلَفَ إنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا، أَوْ وَافَقَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ يَحْكُمُ بِفَكِّهِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ لَا يَنْفَكُّ حَجْرٌ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِاحْتِيَاجِ الْفَكِّ لِلِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبِطُهُ إلَّا الْحَاكِمُ، ثُمَّ الْأَنْسَبُ لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ عَلَى قَوْلِهِ وَحَجْرٌ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ.

(ص) وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ فَبَاعُوا وَاقْتَسَمُوا، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَرِيمَ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا مَكَّنَ الْغُرَمَاءَ مِمَّا بِيَدِهِ فَبَاعُوهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ وَاقْتَسَمُوهُ بِحَسَبِ دُيُونِهِمْ، أَوْ اقْتَسَمُوهُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ حَيْثُ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ لَهُمْ بَقِيَّةٌ، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفُلِّسَ ثَانِيًا فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِينَ دُخُولٌ فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرِينَ وَمَا تَجَدَّدَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِ الْآخَرِينَ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا كَمَا لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُمْ وَلِذَا قَالَ (ص) كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ (ش) وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ تَفْلِيسَ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قُسِمَ مِنْهُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَاقْتَسَمُوا أَنَّهُمْ لَوْ قَامُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا فَتَرَكُوهُ لَمْ يَكُنْ تَفْلِيسًا فَإِذَا دَايَنَ آخَرِينَ دَخَلَ الْأَوَّلُونَ، وَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَا يَحِلُّ بِهِ مَا أَجَّلَ وَلَهُ الْإِقْرَارُ وَلَوْ بَعُدَ مِنْ الْمَجْلِس وَبَيْعُهُمْ لَيْسَ بَيْعَ خِيَارٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْغُرَمَاءِ مَا ذَكَرَ لَيْسَ تَفْلِيسًا، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ عَدَمُ دُخُولِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى الْآخَرِينَ قَوْلُهُ

(ص) إلَّا كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ (ش) ، أَيْ: إلَّا أَنْ يُفِيدَ مَالًا مِنْ غَيْرِ أَمْوَالِ الْآخَرِينَ كَمِيرَاثٍ وَهِبَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ، وَالْآخَرُونَ وَيَتَحَاصُّونَ كُلُّهُمْ فِيهِ

(ص) وَبَيْعُ مَالِهِ بِحَضْرَتِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا (ش) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ وَفَاعِلُ بَيْعٍ هُوَ الْحَاكِمُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُفَلَّسَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ، أَوْ صِفَتَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَيْعُهُ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِحَضْرَةِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ وَيَكُونَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ فِيهِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلِاسْتِقْصَاءِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ وَعَقَارٍ بِخِلَافِ خِيَارِ التَّرَوِّي فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثًا بِسِلَعِ الْمُفَلَّسِ بَلْ كُلُّ مَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ سِلَعِ غَائِبٍ وَيَتِيمٍ وَمَغْنَمٍ وَذَكَرَ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مَحْذُوفٌ فَيَجُوزُ تَذْكِيرُ الْعَدَدِ وَتَأْنِيثُهُ

(ص) وَلَوْ كُتُبًا، أَوْ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا (ش) ، أَيْ: وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ كُتُبًا فَتُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَبْرِيٌّ فَلَا يُنَافِي مَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ كَرَاهَةِ بَيْعِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قَسْمٌ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى حُكِمَ بِخَلْعِ مَالِهِ وَأُخِذَتْ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ وَلَوْ لَمْ تُقْسَمْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ ثَانِيًا.

(قَوْلُهُ: لِانْتِقَالِ الْكَسْبِ حِينَئِذٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: وَانْفَكَّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ خَوْفُ إتْلَافِ الْمَالِ، وَالْعِلَّةُ إذَا زَالَتْ زَالَ مَعْلُولُهَا فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُغْنِي عَمَّا سَبَقَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُنْفَكٌّ مَا دَامَ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ وَإِذَا حَصَلَ انْسَحَبَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ الْمُتَقَدِّمُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْحَجْرِ الْمَالُ وَلَمَّا زَالَتْ الْعِلَّةُ زَالَ الْمَعْلُولُ وَإِذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْمَعْلُولُ (قَوْلُهُ: إذَا قُسِمَ مَالُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَسْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مَتَى مَا نُزِعَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحَلِفُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ، أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ حَلِفَهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِلِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبِطُهُ إلَّا حَاكِمٌ) كَانَ الْمُعْتَمَدُ يَقُولُ لَا اجْتِهَادَ حَتَّى يَحْتَاجَ لِضَبْطٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَنْسَبُ) ، أَيْ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْفِكَاكَ قَبْلَ الْحَجْرِ الْمُتَجَدِّدِ وَقَوْلُهُ وَمَا تَجَدَّدَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا أَخَذَهُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْضُلَ إلَخْ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ سُؤَالًا وَجَوَابًا (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَاقْتَسَمُوا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَبَاعُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالتَّشْبِيهُ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْخِيَارِ) أَيْ لِلْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ (قَوْلُهُ: وَفَاعِلُ بَيْعٍ هُوَ الْحَاكِمُ) الْأَوْلَى، وَالْفَاعِلُ لِلْبَيْعِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ) ، وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ تَرْكُهُ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْمُفَلَّسِ وَغُرَمَائِهِ رَدُّهُ لِضَرَرِهِمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ سِلْعَةٍ إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ كَطَرِيِّ اللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَوَاكِهِ بَلْ لَا يَسْتَأْتِي إلَّا سَاعَةٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْعُرُوضِ كَسَوْطٍ وَدَلْوٍ وَحَبْلٍ وَبَكْرَةٍ فَيُبَاعُ مِنْ حِينِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خِيَارِ التَّرَوِّي) وَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ بِهِ أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ خِيَارَ الثَّلَاثِ بَعْدَهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِهِ.

(تَنْبِيهٌ) فَإِنْ زَادَ أَحَدٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ رَدَّ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَبَاعَ بِهَذَا الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَلِذَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَإِذَا ضَاعَ مِنْهُ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ كُتُبًا) وَلَوْ احْتَاجَ لَهَا فَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ

<<  <  ج: ص:  >  >>