للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُمَا لِلْأُلْفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ ابْنُ فَرْحُونٍ بِأَنْ يَخْلُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَرِيبِهِ وَيَسْأَلَهُ عَمَّا كَرِهَ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَقُولَ لَهُ: إنْ كَانَ لَك حَاجَةٌ فِي صَاحِبِك رَدَدْنَاهُ إلَى مَا تَخْتَارُ مَعَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ نَظَرَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ الزَّوْجِ طَلَّقَا عَلَيْهِ بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لَهُ مِنْ صَدَاقٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهَا ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا بِمَعْنَى أَنَّهُمَا يَجْعَلَانِهِ أَمِينًا عَلَيْهَا بِالْعَدْلِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَإِنْ رَأَيَا أَنْ يَأْخُذَا لَهُ مِنْهَا شَيْئًا وَيُوقِعَا الْفِرَاقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَا إنْ كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا وَسَدَادًا، وَلَوْ كَانَ مَا أَخَذَاهُ مِنْهَا لَهُ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهُمَا مَعًا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْإِصْلَاحِ الطَّلَاقُ بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْهَا لَهُ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلُهُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ أَيْ إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ.

(ص) وَأَتَيَا الْحَاكِمَ فَأَخْبَرَاهُ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا (ش) قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ وَلَا الْوَكَالَةُ كَمَا قِيلَ فَإِذَا حَكَمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ إنْ شَاءَا إلَى الْحَاكِمِ الَّذِي أَرْسَلَهُمَا يُخْبِرَانِهِ بِمَا حَكَمَا بِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِذَ حُكْمَهُمَا وَقِيلَ يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْحُكْمُ لَا الشَّهَادَةُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا ظَهَرَ لَا بِقَطْعٍ وَشَهَادَةٍ وَبِقَوْلِنَا إنْ شَاءَ يَنْدَفِعُ مُعَارَضَةُ مَا هُنَا لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ، وَلَمَّا جَرَى خِلَافٌ فِي رَفْعِ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ لِلْخِلَافِ وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُهُ ظَهَرَتْ فَائِدَةُ تَنْفِيذِ الْحَاكِمِ لِحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ لِيَصِيرَ رَفْعُ الْخِلَافِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.

(ص) وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ، وَفِي الْوَلِيَّيْنِ وَالْحَاكِمِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَهُمَا أَنْ يُقِيمَا وَاحِدًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَدْلًا عَارِفًا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ وَلَا لِوَلِيِّ الزَّوْجَيْنِ الْمَحْجُورَيْنِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إسْقَاطًا لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ لَكِنْ إنْ نَزَلَ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ كَمَا عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ وَلِلْوَلِيَّيْنِ أَنْ يُقِيمَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا يَحْكُمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ حَيْثُ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ رَجُلَانِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَهْلِ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

الطَّلَاقُ فَهُوَ بِإِرَادَةِ الزَّوْجَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُمَا اللَّامُ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ أَوْ عَلَيْهِمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ.

(قَوْلُهُ: وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَنَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ عَلَى الصَّوَابِ إذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ حُكْمَهُمَا أَتَيَا السُّلْطَانَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَحْضَرَيْ شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِمَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمَا وَمَا أَنْفَذَاهُ مِنْ حُكْمِهِمَا وَكَذَا كُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ وَإِنْفَاذِهِ انْتَهَى هَكَذَا فِي نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ عَنْهَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ تَعْلَمُ عَدَمَ صِحَّةِ الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ لِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِالْإِتْيَانِ، وَالْإِشْكَالُ وَالْجَوَابُ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَحْمَةً وَاسِعَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمَّا جَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ) أَيْ بِمَا حَكَمَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ طَرِيقِهِمَا الْحُكْمَ لَا الشَّهَادَةَ لَا إعْذَارَ ظَاهِرُهُ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا: طَرِيقُهُمَا الشَّهَادَةُ كَانَ عَلَيْهِمَا الْإِعْذَارُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنَاقَشُ فِي الشَّارِحِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْحُكْمُ يُوجَدُ الْإِعْذَارُ مَعَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْمَجْلِسِ لَا إعْذَارَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِعْذَارُ إذَا حَكَمَ بِمُقْتَضَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ فَيُعْذِرُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَلَكَ حُجَّةٌ أَلَكَ مَطْعَنٌ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْك الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِعْذَارَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَعَ أَنَّ الْإِعْذَارَ عَلَى الْحَاكِمِ لَا عَلَى نَفْسِ الشَّاهِدَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَرْعٌ: لَا يُعْذِرُ الْحَكَمَانِ قَبْلَ حُكْمِهِمَا ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْكُمَانِ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ وَإِنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا خَلَصَ إلَيْهِمَا بَعْدَ النَّظَرِ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ (قَوْلَهُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا) فِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَلِذَا لَا إعْذَارَ عَلَيْهِمَا هُنَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا ظَهَرَ لَا بِقَطْعٍ وَشَهَادَةٍ فَتَدَبَّرْ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ الْحَكَمَانِ إمَّا طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ أَوْ الشَّهَادَةُ أَوْ الْوَكَالَةُ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَابِلَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَقُولَ طَرِيقُهُمَا الْحُكْمُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْبَاجِيُّ فَقَالَ حُكْمُهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ لَا الْوَكَالَةِ فَيَنْفُذُ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَ مَنْ بَعَثَهُمَا انْتَهَى أَيْ فَحُكْمُهُمْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَلْ النِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِهِمْ الَّذِي حَكَمُوا بِهِ هَلْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ أَوْ الْوَكَالَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ) أَيْ بِدُونِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ " وَاحِدٍ " شَامِلٌ لِلْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّالِثَةِ لِابْنِ عَرَفَةَ وَإِنْ خُصَّ بِالْأَجْنَبِيِّ كَانَ مُوَافِقًا لِلطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِهِ وَكَذَا الثَّالِثَةُ لِأَنَّهُ بَعْضٌ مِنْهَا وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْتُ: فَفِي مَنْعِ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْثِ وَاحِدٍ مُطْلَقًا وَجَوَازِهِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مُطْلَقًا ثَالِثُ الطُّرُقِ يَجُوزُ مُطْلَقًا لِلزَّوْجَيْنِ فَقَطْ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَلَعَلَّ ثَمَرَةَ إقَامَتِهِمَا لَهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنَّ لِلزَّوْجَيْنِ إلَى آخِرِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْحَكَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْوَلِيَّيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ مَحْجُورَيْنِ وَمَعْنَاهُ إذَا قَامَتْ الزَّوْجَةُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ رَضِيَتْ سَقَطَ مَقَالُ وَلِيِّهَا وَلَوْ كَانَ أَبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إسْقَاطًا لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إذَا أُقِيمَ اثْنَانِ فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ فِي إقَامَتِهِمَا مُرَاعَاةً لِلزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيَّيْنِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيَّيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يُحَكِّمَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ رَجُلَانِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَهْلِ فَإِذَا خَرَجَا عَنْ أَنْ يَكُونَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْهُ وَكَذَا إذَا كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا، وَالتَّحْكِيمُ مِنْ قِبَلِ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>