طُرُقِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ الْمُقْرِضُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ لِضَرُورَةِ صِيَانَةِ الْأَمْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ فَيَجُوزُ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ حِفْظِ الْمَالِ عَلَى مَضَرَّةِ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَإِنْ غَلَبَ لَا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ، أَوْ غَلَبَ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ
(ص) وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إقَامَتُهَا (ش) هَذَا أَيْضًا مَمْنُوعٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ عِنْدَهُ ذَاتٌ مِنْ قَمْحٍ، أَوْ نَقْدٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا كُرِهَ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ لِخَوْفِ تَلَفِهَا بِسُوسٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِفَهَا لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ نَفْعَ نَفْسِهِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَعَ الشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ لَا إنْ فُقِدَا وَهَذَا مَا لَمْ يَتَمَحَّضْ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ بِدَلِيلِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ كَفَدَّانٍ مُسْتَحْصَدٍ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُقْرِضَ إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَمِثْلُهُ إذَا قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ مَعَ الْآخَرِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ السَّابِقَةِ الْمَمْنُوعَةِ فَإِذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ مِثْلُ أَنْ يَقْتَرِضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ لَهُ زَرْعٌ آنَ حَصَادُهُ فَدَّانًا مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ، أَوْ فَدَّانَيْنِ وَقَدْ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُمَا عَلَى الْمُقْرِضِ مِنْ حَصْدٍ وَدَرْسٍ وَنَحْوِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِزَرْعِهِ فَأَخَذَ الْمُقْتَرِضُ مَا ذُكِرَ لِيَحْصُدَهُ وَيَدْرُسَهُ وَيَذْرُوَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ وَيَرُدَّ مَكِيلَتَهُ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَهُوَ لِلْمُقْرِضِ فَقَوْلُهُ كَفَدَّانٍ مِثَالٌ لِمَا قَامَ فِيهِ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّفْعَ لِلْمُقْتَرَضِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْجَوَازُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ فَقَطْ لَا إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ، أَوْ هُوَ مَعَ الْمُقْتَرِضِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ وَقَصْدُ نَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ كَقَصْدِ نَفْعِ نَفْسِهِ
(ص) وَمِلْكٍ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَرْضَ يَمْلِكُهُ الْمُقْتَرِضُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْقَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَيَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ وَإِذَا قَبَضَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إلَّا إذَا انْتَفَعَ بِهِ عَادَةَ أَمْثَالِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ الْمُشْتَرَطُ، أَوْ الْمُعْتَادُ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَيْنَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَعْجِيلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَجَبَ عَلَى رَبِّهِ قَبُولُهُ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ
(ص) كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ إلَّا الْعَيْنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَرْضَ لَا يَلْزَمُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ إذَا دَفَعَهُ لِلْمُقْرِضِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَرْضِ وَأَبَى مِنْ أَخْذِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكُلْفَةِ فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ جَازَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُقْتَرَضُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِضَرُورَةٍ) ، أَيْ: يُؤْذَنُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ) ، أَيْ: اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ السَّالِمَ، أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ) ، أَيْ: مَعَ الشَّرْطِ، أَوْ الْعَادَةِ كَمَا فِي شب، وَالْمُرَادُ بِالدَّلِيلِ الْقَرِينَةُ كَمَا إذَا كَانَ الْمُسَوَّسُ، أَوْ الْقَدِيمُ الَّذِي خَافَ أَنْ يُسَوِّسَ إذَا بَاعَهُ أَتَى ثَمَنُهُ بِأَضْعَافِ مَا يَأْتِي لَهُ بَدَلُ الْقَرْضِ لِمَسْغَبَةٍ، أَوْ غَلَاءٍ قَبْلَ نَبَاتِ مَا يَحْصُلُ (قَوْلُهُ: يَحْصُدُهُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: مِثَالٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْجَمِيعِ يَبْعُدُ كَوْنُهُ مِثَالًا وَيُعَيَّنُ كَوْنُهُ تَشْبِيهًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ مِثَالًا تُجْعَلُ الْقَرِينَةُ كَوْنَهُ تَخِفُّ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ، أَيْ: فَالْخِفَّةُ هِيَ نَفْسُ الدَّلِيلِ لَا شَيْءٌ آخَرُ وَعَلَى جَعْلِهِ تَشْبِيهًا تَكُونُ الْقَرِينَةُ أَمْرًا آخَرَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ تِلْكَ الْقَرِينَةُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمِلْكٍ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ) عَلَى الْفَوْرِ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ الْأَجَلُ الْمُشْتَرَطُ، أَوْ الْمُعْتَادُ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قُوَّةِ الشَّرْطِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ، أَوْ عَادَةٌ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا وَمَقْصُودُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَى إلَخْ) فَإِنْ انْتَفَيَا كَانَ كَالْعَارِيَّةِ الْمُنْتَفَى فِيهَا شَرْطُ الْأَجَلِ، وَالْعَادَةِ وَلِلَّخْمِيِّ فِيهَا قَوْلَانِ فَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ وَلَوْ بِالْقُرْبِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْقِيَهُ لَهُ الْقَدْرَ الَّذِي يُرَى أَنَّهُ أَعَارَ لِمِثْلِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَادَةِ إذْ قَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ الْعَادَةُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ) ، أَيْ: وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُرَادُ لَعَيْنِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ) أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِنُقْصَانٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ، وَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَجَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَذَلِكَ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الْمُقْرِضِ وَرُدَّ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُقْرِضِ فِيهَا لِتَقَدُّمِ مَعْرُوفِهِ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَلِذَلِكَ قَالَ عب فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ انْتَهَى وَأَقُولُ الْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ أَجْوَدُ إلَخْ فَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِذَلِكَ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُ هُنَا فَهُوَ مَعَ الْفَارِقِ وَنَصُّهُ هُنَاكَ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْجُودَةَ هِبَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْعَيْنُ) ، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ فَمَتَى دَفَعَهُ لَهُ يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ، وَأَمَّا الْعَرَضُ مِنْ فَرْضٍ فَإِذَا دَفَعَهُ لَهُ بِمَحَلِّهِ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَبِغَيْرِ مَحَلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا، وَأَمَّا الْعَرَضُ مِنْ بَيْعٍ فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ بِمَحَلِّهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَكَذَا بَعْدَ الْأَجَلِ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ، أَيْ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْقَبُولُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَهُوَ بِالْمَحَلِّ تَقَدَّمَ وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا فَهَذِهِ صُوَرٌ سِتَّ عَشَرَةَ بَعْضُهَا هُنَا وَبَعْضُهَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْعَيْنُ) فِي شَرْحِ شب وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهَا فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكُلْفَةِ) فَإِنْ خَرِبَ مَحَلُّهُ، أَوْ انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ فَأَقْرَبُ مَوْضِعِ عِمَارَةٍ لَهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute