للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا كَانَ بِعُسْفَانَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُشَاةً، أَوْ رُكْبَانًا عَلَى دَوَابِّهِمْ إنْ احْتَاجُوا لِذَلِكَ وَتَكُونُ صَلَاتُهُمْ إيمَاءً وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ، أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ قِسْمَيْنِ) وَإِذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي الْحَضَرِ وَمَعَهُمْ مُسَافِرُونَ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ السَّفَرِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ حُكْمُ صَلَاتِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ أَهْلُ السَّفَرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَتَقَدَّمَ الْحَضَرِيُّ انْتَهَى. وَتَقْدِيمُ السَّفَرِيِّ يُفْهَمُ مِنْ تَأْكِيدِ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ وَبِمَا قَرَّرْنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّخْصَةِ هُنَا الْإِبَاحَةُ

(ص) وَعِلْمُهُمْ (ش) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْلِمَ الْقَوْمَ كَيْفَ يَفْعَلُونَ حَيْثُ خَافَ التَّخْلِيطَ كَمَا فِي ح، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَوْفَ يَشْمَلُ مَا إذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ، أَوْ تَوَهَّمَهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ التَّخْلِيطَ لَا يَجِبُ وَلَكِنْ يُنْدَبُ

(ص) وَصَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (ش) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعِلْمُهُمْ أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ إذَا قَسَمَهُمْ فَمَا كَيْفِيَّةُ مَا يَفْعَلُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ صَلَّى وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَفَاعِلُ صَلَّى هُوَ الْإِمَامُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ز

(ص) بِالْأَوْلَى فِي الثُّنَائِيَّةِ رَكْعَةً وَإِلَّا فَرَكْعَتَيْنِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِصَلَّى كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بِأَذَانٍ كَذَلِكَ وَالْبَاءُ فِي بِأَذَانٍ بِمَعْنَى مَعَ وَفِي بِالْأَوْلَى لِلْمُلَابَسَةِ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً فِيمَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً كَالصُّبْحِ وَالسَّفَرِيَّةِ إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ حَاضِرًا أَوْ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي الْمُسَافِرُ مِمَّنْ خَلْفَهُ فِي السَّفَرِيَّةِ بِرَكْعَةٍ وَالْحَاضِرُ بِثَلَاثٍ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً بَلْ كَانَتْ ثُلَاثِيَّةً كَالْمَغْرِبِ، أَوْ رُبَاعِيَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ خَلْفَهُ مُسَافِرٌ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ

(ص) ، ثُمَّ قَامَ سَاكِتًا، أَوْ دَاعِيًا أَوْ قَارِئًا فِي الثُّنَائِيَّةِ وَفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا تَرَدُّدٌ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ وَهُوَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وِجَاهَ. . . إلَخْ مَعْنَاهُ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ تَشْتِيتُ الضَّمِيرِ فَالْمُنَاسِبُ تَرْجِيحُ الضَّمِيرِ لِمَنْ يَقْسِمُ وَالْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ مَنْ يَقْسِمُ وَهُوَ الْإِمَامُ وَالْمُسْلِمُونَ وِجَاهَ بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا بِمَعْنَى مُسْتَقْبِلِينَ لِلْقِبْلَةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَعَدُوا تُجَاهَهُ وَوُجَاهَهُ أَيْ مُسْتَقْبِلِينَ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ حِلُّ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ فَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ مَنْ يَقْسِمُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لَمْ يَلْزَمْ تَشْتِيتٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ الرَّدُّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ وَالْعَدُوُّ فِي قِبْلَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَقْسِمُونَ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ الرَّدُّ إلَّا لَوْ جُعِلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ أَيْ الْمُسْلِمُونَ الْقَاسِمُونَ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ أَيْ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْعَدُوِّ لَكَانَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَهَذِهِ صُورَةُ اتِّفَاقٍ عَلَى التَّقْسِيمِ فِيهَا (قَوْلُهُ كَمَا كَانَ بِعُسْفَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ قَرْيَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ حِينَ كَانَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي غَزْوَةِ عُسْفَانَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ) قَالَ عج: وَإِمَامُهُمْ يُصَلِّي إيمَاءً وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَؤُمُّ الْمُومِئَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَحَاصِلُ مَا هُنَاكَ أَنَّهُمْ هُنَا يُصَلُّونَ عَلَى الدَّوَابِّ إيمَاءً مَعَ الْقَسْمِ لِإِمْكَانِهِ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى دَوَابِّهِمْ أَفْذَاذًا لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ وَمَعَهُمْ مُسَافِرُونَ) أَيْ كَثِيرُونَ.

(قَوْلُهُ: الْإِبَاحَةُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُنْدَبُ) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُعْلِمَهُ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ كَيْفِيَّتَهَا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْفَظِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَصَلَّى بِأَذَانٍ) فِي شَرْحِ عب وشب بِأَذَانٍ اسْتِنَانًا فِي حَضَرٍ كَسَفَرٍ إنْ كَثُرُوا أَوْ طَلَبُوا غَيْرَهُمْ وَإِلَّا فَنَدْبًا اهـ. ثُمَّ قَالَ شب وَإِقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ فَإِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ أَنَّ الْقَوْمَ فِي السَّفَرِ يُنْدَبُ لَهُمْ الْأَذَانُ إذَا لَمْ يَطْلُبُوا غَيْرَهُمْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرُوا (قَوْلُهُ: اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا) اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ الِاسْتِئْنَافَ الْبَيَانِيَّ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ أَيْ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ النَّحْوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا لِلِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ وَإِنْ أَرَادَ النَّحْوِيَّ نَافَى الْمَوْضُوعَ (قَوْلُهُ: وَفِي بِالْأُولَى لِلْمُلَابَسَةِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْمُلَابِسَ لِلشَّيْءِ مُصَاحِبٌ لَهُ فَتَرْجِعُ لِلْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَالصُّبْحِ) أَيْ وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الْجُمُعَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى يُصَلُّونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ أَفْذَاذًا وَلَا يَسْتَخْلِفُونَ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ بِنَاءً فِي الثَّانِيَةِ حَتَّى فَاتَهُ فِعْلُهَا مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَحْدَهُ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الْخُطْبَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ غَيْرَ الْإِمَامِ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ فِي الطَّائِفَتَيْنِ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِقِيَامِهِ لِلثَّانِيَةِ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِالْأُولَى بِحَيْثُ لَوْ تَعَمَّدَ مُبْطِلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْرِي الْخَلَلُ فِي صَلَاتِهِمْ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ إمَامٌ بِكِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَ) أَيْ بِهِمْ مُؤْتَمِّينَ إلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ ثُمَّ يُفَارِقُونَهُ فَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ عَمْدًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ كَهُوَ وَسَهْوًا أَوْ غَلَبَةً اسْتَخْلَفَ هُوَ أَوْ هُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ ثُمَّ يَثْبُتُ الْمُسْتَخْلِفُ وَيُتِمُّ مَنْ خَلَفَهُ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْدَثَ وَلَوْ عَمْدًا بَعْدَ تَمَامِ قِيَامِهِ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ دَاعِيًا) الْأَوْلَى بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: فِي الثُّنَائِيَّةِ) إنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا (بَقَامَ) كَانَ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيَامِ، وَإِنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا (بِقَارِئًا) أَفَادَهُ فَالْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِهِ وَلَوْ زَادَ وَاوًا فَقَالَ أَوْ وَقَارِئًا فِي الثُّنَائِيَّةِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>