للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلِ آدَمِيٍّ وَضَمِيرُ بِهِ كَذَلِكَ وَتَقْدِيرُهُ عِوَضٌ مِنْ صِفَتِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْخُوذٍ مِنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبِ عَمَلِ عَامِلِهَا فَتَدْخُلُ صُورَةُ الْجَعَالَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا غَيْرُ نَاشِئٍ عَنْ عَمَلِ عَامِلِهَا بَلْ أُخِذَ مِنْ عَمَلِ مَحَلِّهَا لَا بِسَبَبِ عَمَلِ عَامِلِهَا وَقَوْلُهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِعِوَضٍ أَيْ بِعِوَضٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِجَارَةُ فِي الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا يَتَبَعَّضُ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ.

(ص) صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ (ش) أَيْ: صِحَّةُ عَقْدِ الْجُعْلِ كَائِنَةٌ وَحَاصِلَةٌ بِسَبَبِ الْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا مَعْلُومًا وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الْمُتَأَهِّلُ أَيْ: الصَّالِحُ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ أَحَالَ عَاقِدَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَشَرْطُ عَاقِدِهِ تَمْيِيزٌ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ (جُعْلًا عُلِمَ) أَيْ: عِوَضًا مَعْلُومًا وَإِنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى الْجَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ لُزُومِ الْعَقْدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، وَأَمَّا الْمَجْعُولُ لَهُ فَلَا يُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ اللُّزُومُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَتَضِيعُ فَائِدَةُ الِاشْتِرَاطِ فِيهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ.

وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْجُعْلِ الْأَوَّلِ الْعَقْدُ وَبِالثَّانِي الْعِوَضُ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِشَرْطِ الْجَاعِلِ عَنْ شَرْطِ الْمَجْعُولِ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْجَاعِلِ كَانَ شَرْطًا فِي الْمَجْعُولِ لَهُ فَاكْتُفِيَ بِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَإِلَّا لَقَالَ جُعْلًا وَعَمَلًا لِيَكُونَ قَوْلُهُ بِالْتِزَامِ إلَخْ شَرْطًا فِي الْمَجْعُولِ لَهُ أَيْضًا وَمِنْ شَرْطِ الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَجْهَلَانِ مَكَانَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ عَلِمَ الْجَاعِلُ فَقَطْ وَجَهِلَ الْعَامِلُ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْجُعْلِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ عَلِمَ الْمَجْعُولُ لَهُ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ بِقَدْرِ تَعَبِهِ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

وَتَأَمَّلْ قَوْلَنَا فَاعِلِيًّا فَلَا تَنْتَقِدْ وَتَارَةً يَنْصَبُّ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا إذَا جَعَلْت لَهُ تَحْتَ إتْيَانِهِ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ دِينَارًا فَإِنَّ ذَلِكَ الْجُعْلَ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ الْمَحَلِّ أَصْلًا أَيْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعَبْدِ فَلَيْسَ الْعَبْدُ سَبَبًا فَاعِلِيًّا فِيهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْخُوذٍ) أَيْ: خَارِجٌ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِوَضَهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِلَفْظِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا وَإِنْ نَشَأَ أَيْ: خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْعَبْدُ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ إلَّا أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ صَحِيحٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعِوَضَ وَهُوَ خِدْمَتُهُ شَهْرًا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ نَفْسِ عَمَلِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ الْإِتْيَانُ بِالْعَبْدِ أَيْ: لَمْ يَكُنْ الْإِتْيَانُ سَبَبًا فَاعِلِيًّا فِيهِ وَقَوْلُهُ بَلْ أُخِذَ مِنْ عَمَلِ الْمَحَلِّ أَيْ: بَلْ أُخِذَ مِنْ عَمَلِ الْعَبْدِ أَيْ: أَنَّهُ بَعْضُ عَمَلِ الْعَبْدِ لَا بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ إتْيَانِهِ بِهِ خِدْمَتُهُ شَهْرًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إتْيَانِهِ بِهِ أَنْ يَخْدُمَهُ شَهْرًا لِجَوَازِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي مُقَابَلَةِ إتْيَانِهِ أَوْ لَا يُعْطِيهِ شَيْئًا ثُمَّ إنَّهُ يَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا إذَا جَاعَلَهُ عَلَى غَرْسِ أُصُولٍ حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ كَذَا ثُمَّ هِيَ وَالْأُصُولُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ هَذَا نَاشِئٌ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ جَعَالَةً مَحْضَةً وَإِنَّمَا هِيَ جَعَالَةٌ وَإِجَارَةٌ وَبَيْعٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ فِي الْآدَمِيِّ) أَيْ: مَثَلًا.

(قَوْلُهُ أَيْ: صِحَّةُ الْجُعْلِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بِالْتِزَامِ خَبَرٌ وَالْبَاءُ فِي بِالْتِزَامِ سَبَبِيَّةٌ وَقَوْلُهُ الْتِزَامِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ مَثَلًا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّ صِحَّةَ الْجُعْلِ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الرَّشِيدِ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْإِحَالَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ الْمُحَالَةِ عَلَى الْبَيْعِ أَنَّ الْجُعْلَ إذَا وَقَعَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ صَبِيٍّ يَكُونُ صَحِيحًا غَيْرَ لَازِمٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالصِّحَّةِ الصِّحَّةَ التَّامَّةَ الَّتِي مَعَهَا لُزُومٌ.

(قَوْلُهُ عُلِمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجُعْلَ كَمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ إلَخْ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى ذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ اشْتِرَاطِ جَهْلِهِ كَالْمُجَاعِلِ عَلَيْهِ؛ إذْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَجْهَلَا مَكَانَهُ ثُمَّ إنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْتِزَامَ الْجُعْلِ فَرْعٌ عَنْ لُزُومِ الْعَقْدِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ وَأُجِيبَ بِعَدَمِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ لِلشَّخْصِ أَنْ يَلْتَزِمَ دِرْهَمًا لِشَخْصٍ وَالدِّرْهَمُ لَيْسَ لَازِمًا لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ بَلْ فِي الْتِزَامِ الْعِوَضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فَرْعًا عَنْ لُزُومِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَ يُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ أَيْضًا التَّأَهُّلُ فَلِمَ اُقْتُصِرَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الْجَاعِلِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْجُعْلِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ اعْتِرَاضًا وَارِدًا عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي كَلَامِهِ دَوْرًا؛ إذْ أُخِذَ الْجُعْلُ فِي تَعْرِيفِ الْجُعْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَعْرِيفٌ، وَالْجَوَابُ مَا عَلِمْت وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنَّهُ يَرِدُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ صِحَّةَ هَذَا الْعَقْدِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْتِزَامِهِ قَبْلُ بِقَيْدِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَقْدُ مَعْلُومًا قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا فَاسِدٌ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ) جَوَابٌ ثَانٍ عَنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ غَازِيٍّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْجَاعِلِ كَانَ شَرْطًا فِي الْمَجْعُولِ لَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ يَكُونُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا عُلِمَ وَعَمَلًا عُلِمَ مَعَ أَنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الِالْتِزَامُ أَصْلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: ارْتَكَبَ التَّسَمُّحَ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ إلَّا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْعَمَلُ وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ) ثُمَّ إنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ مِنْهُمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ.

(قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ حَيْثُ عُلِمَ مَكَانُهُ وَرَبُّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَيَنْبَغِي إذَا عَلِمَا أَنَّ لَهُ جُعْلَ مِثْلِهِ نَظَرًا لِسَبْقِ الْجَاعِلِ بِالْعَدَاءِ كَذَا قِيلَ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَحَلَّهُ وَتَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ وَيَكُونُ لَهُ مَا تَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ تَعَبِهِ وَسَفَرِهِ لِلْمَوْضِعِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ بِقَدْرِ تَعَبِهِ) ضَعِيفٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ شب فَإِنْ عَلِمَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَدَ وَيَكُونُ عَلَى الْجَاعِلِ فِي عِلْمِهِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْجُعْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَجْعُولِ لَهُ فِي عِلْمِهِ دُونَ الْجَاعِلِ وَيَكُونُ آثِمًا ضَامِنًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ بِمَوْضِعِهِ وَلَوْ أَخَذَ جُعْلًا عَلَى إعْلَامِهِ بِمَوْضِعِهِ رَدَّهُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَاعِلُ عَمَلَ الْمَجْعُولِ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>