وَيَأْخُذُ الْجَمَّالُ حِصَّةَ الْمَسَافَةِ بِأَنْ يُقَالَ مَا تُسَاوِي حِصَّةَ الْمَدِينَةِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالْوُعُورَةِ وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فَيُقَالُ: الرُّبُعُ أَوْ النِّصْفُ مَثَلًا فَيُعْطَى الْجَمَّالُ مِنْ الْخَمْسِينَ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ قَوْلُهُ لِلْجَمَّالِ قِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ أَيْ فَلِلْجَمَّالِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ حَذْفَ الْفَاءِ مَعَ مَدْخُولِهَا جَائِزٌ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّك إنْ تَذَرْهُمْ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ» أَيْ فَهُوَ خَيْرٌ وَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ لِلْجَمَّالِ أَيْ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذُكِرَ فَيَأْخُذُ حِصَّةَ الْمَدِينَةِ مِنْ الْخَمْسِينَ فَفِي الْحَقِيقَةِ أَعْمَلْنَا قَوْلَ الْمُكْتَرِي وَحُكْمُ مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ سَوَاءٌ نَقَدَ لِلْجَمَّالِ أَمْ لَا كَحُكْمِ مَا إذَا أَشْبَهَا وَلَمْ يَنْتَقِدْ.
(ص) وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ إلَّا قَوْلَ الْمُكْرِي وَهُوَ الْجَمَّالُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَيَتْرُكُ الْمُكْتَرِي مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفَسَخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى.
(ص) وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِلَّا سَقَطَتَا (ش) أَيْ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْد أَنْ بَلَغَا الْمَدِينَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا وَهُوَ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ مَا إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ وَإِحْدَاهُمَا أَزْيَدُ عَدَالَةً وَمَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَدْلَةً فَقَطْ فَإِنْ تَسَاوَيَا سَقَطَتَا وَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَتَجْرِي كُلُّ مَسْأَلَةٍ عَلَى تَفْصِيلِهَا وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَدْلَةً وَالْأُخْرَى فَاسِقَةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّفْضِيلِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ أَيْ: وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْفَاسِقَةَ عَدْلَةٌ كَانَتْ هَذِهِ أَعْدَلَ مِنْهَا وَهَذَا الْقِسْمُ أَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ زَيْدٌ أَعْلَمُ مِنْ الْحِمَارِ أَيْ: لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحِمَارَ عَالِمٌ كَانَ زَيْدٌ أَعْلَمَ مِنْهُ رَاجِعْ الْمُرَادِيَّ عَلَى التَّسْهِيلِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا إلَخْ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ.
(ص) وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْت عَشْرًا بِخَمْسِينَ وَقَالَ بَلْ خَمْسًا بِمِائَةٍ حَلَفَا وَفُسِخَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا سِنِينَ ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ فَقَالَ الْمُكْتَرِي اكْتَرَيْت عَشْرَ سِنِينَ بِخَمْسِينَ وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ بَلْ خَمْسَ سِنِينَ بِمِائَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْيَمِينِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ التَّنَازُعَ وَقَعَ قَبْلَ الزَّرْعِ وَلَا يُرَاعَى هُنَا نَقْدٌ وَلَا عَدَمُهُ.
(ص) وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا وَلَمْ يَنْقُدْ فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي إذَا كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَ الْمُكْتَرِي بَعْضَ الْمُدَّةِ أَوْ سَكَنَ الدَّارَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْئًا فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِعَدَمِ النَّقْدِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَدَعْوَى الشَّبَهِ وَيَحْلِفُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَسَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي أَمْ لَا فَقَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا أَيْ فَلِرَبِّهَا بِحِسَابِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي.
(ص) وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ الْمُكْتَرِي أَوْ أَشْبَهَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ.
(ص) وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى وَفُسِخَ الْبَاقِي مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ وَلَا قَوْلَ الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ أَيْ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيُقْضَى لِرَبِّ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ أَيْ فِيمَا زَرَعَهُ أَوْ سَكَنَهُ وَيَفْسَخُ الْبَاقِيَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلَ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِدَعْوَاهُ فِي كِرَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى يَتَنَازَعُ فِيهِ جَمِيعُ الْعَوَامِلِ السَّابِقَةِ.
(ص) وَإِنْ نَقَدَ فَتَرَدَّدَ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْقُدْ أَيْ: وَإِنْ نَقَدَ الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِانْتِقَادِ الْكِرَاءِ وَلَا فَسْخَ أَوْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ قِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى نُسْخَةِ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ نَعَمْ يَتَأَتَّى عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ النُّسْخَةَ لِلْجَمَّالِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ نَقَدَ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ الْمِائَةَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَسَافَةِ الْمَدِينَةِ وَلَوْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي.
(قَوْلُهُ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) وَكَذَا يُقْضَى بِذَاتِ التَّارِيخِ وَبِتَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مَزِيدَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ لِمَا يَأْتِي كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ الْمُكْتَرِي) أَيْ: حَلَفَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ فَذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ أَشْبَهَ وَلَمْ يَحْلِفْ ثَلَاثُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ وَفِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْتَرِي فَقَطْ صُوَرٌ لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَلَمْ يَحْلِفْ أَوْ حَلَفَ وَلَمْ يُشْبِهْ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَلَمْ يَحْلِفْ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُكْرِي وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا أَيْ: وَيَجِبُ الْفَسْخُ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ بَاقِي الصُّوَرِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا إذَا أَشْبَهَ كُلٌّ مِنْهَا وَلَمْ يَحْلِفْ.
(قَوْلُهُ حَلَفَا وَوَجَبَ إلَخْ) قَالَ عج وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا إذَا نَكَلَا يَكُونُ كَمَا إذَا حَلَفَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ نُكُولَهُمَا كَحَلِفِهِمَا.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلُ أَحَدِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا أَشْبَهَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْأَحَدَ مَفْهُومُهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَضَى يَتَنَازَعُ إلَخْ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ الْكَوْنَ الْمَحْذُوفَ وَالتَّقْدِيرُ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي كَائِنٌ لِرَبِّهَا فِيمَا مَضَى وَالْعَامِلُ الثَّانِي قَوْلُهُ فَقَوْلُ رَبِّهَا أَيْ: فَقَوْلُ رَبِّهَا فِيمَا مَضَى أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى أَيْ: كِرَاءُ الْمِثْلِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى.
(قَوْلُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُمَا أَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَيْ، وَأَمَّا إذَا نَقَدَ وَلَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (قَوْلُهُ وَلَا فَسْخٌ) بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ