للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأُجْرَةُ فِيهَا عَلَى سَائِلِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الْقَرَوِيِّينَ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا لِأَنَّهُ فَاعِلُ الْمَعْرُوفِ فَكَانَتْ مَقِيسَةً عَلَى الْفَرْضِ فَهُوَ أَصْلُهَا فَلَا أُجْرَةَ فِيهِ عَلَى فَاعِلِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْمُقْرِضُ وَإِنْ كَانَ بَائِعًا، وَالْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ (فَكَالْقَرْضِ) لِلسَّبَبِيَّةِ فِي مَقَامِ لَامِ الْعِلَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهَا كَالْقَرْضِ (ص) وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي (ش) قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةِ ضَمَانِهِ مِنْ الْبَائِعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، وَنَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ الْمَذْكُورَ يَسْتَمِرُّ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ تَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ أَوْ الْعَدَدَ، وَيُسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا لِقَبْضِهِ لَكِنْ أَعَادَهَا لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ.

وَلِذَا جَعَلَ بَعْضَ الْوَاوِ وَاوَ الْحَالِ، وَالضَّمِيرُ فِي تَوَلَّاهُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ، فَإِذَا سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ فَهَلَكَ مَا فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى غَرَائِرِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ عَلَى مَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمِكْيَالُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ إلَى مَنْزِلَةٍ لَيْسَ لَهُ إنَاءٌ غَيْرَهُ فَضَمَانُ مَا فِيهِ إذَا امْتَلَأَ مِنْهُ، وَلَوْ بِاسْتِعَارَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ رَوَاهُ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ.

(ص) وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّجْلِيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِمُجَرَّدِ تَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَتَمْكِينِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِدَفْعِ الْمَفَاتِيحِ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِخْلَاءُ مِنْ شَوَاغِلِ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفَاتِيحُ فَيَكْتَفِي التَّمْكِينُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَانْظُرْ لَوْ مَكَّنَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمَنَعَهُ مِنْ الْمَفَاتِيحِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقَبَضَ الْعَقَارَ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ قَبَضَ الْمِثْلِيَّ بِالْكَيْلِ، وَقَبَضَ الْعَقَارَ بِكَذَا، وَاعْتِبَارُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ إذْ الْبَيْعُ الصَّحِيحُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا يَظْهَرُ لِمَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَائِدَةٌ (ص) وَغَيْرُهُ بِالْعُرْفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ عَقَارٍ، وَمَكِيلٍ، وَمَوْزُونٍ، وَمَعْدُودٍ يَكُونُ بِالْعُرْفِ كَتَسْلِيمِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(ص) وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ الْمَبِيعَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ إلَّا مَا يَسْتَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِلَّا مَا قَدَّمَهُ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى الْعُهْدَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ ثَمَرَةً غَائِبَةً عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ بَلْ بِالْقَبْضِ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُؤَلِّفُ قَبْلُ وَبَعْدُ (ص) إلَّا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ فَكَالرَّهْنِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَحْبُوسَةَ لِإِتْيَانِ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهَا الْحَالِّ أَوْ الْمَحْبُوسَةَ لِأَجْلِ أَنْ يُشْهِدَ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُبْتَاعِ أَوْ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ حَالٌّ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ، أَوْ مُؤَجَّلٌ فَإِنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ، وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ، فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ هَلَاكَهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ، وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ هُوَ فِي ضَمَانِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَعُلِمَ مِمَّا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ سَائِلُ الْإِقَالَةِ) سَوَاءٌ كَانَ السَّائِلُ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ أَوْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ، وَانْظُرْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَالِبًا لِمَا ذُكِرَ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَبَ حَقِيقَةٌ إنَّمَا هُوَ مِنْ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا، وَالظَّاهِرُ قَسْمُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا، وَانْظُرْ لَوْ تَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ أَوْ الْعَدَّ بِنَفْسِهِ هَلْ لَهُ طَلَبُ الْبَائِعِ بِأُجْرَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ تَوَلَّى الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي عَدَّ ثَمَنِهِ وَوَزْنَهُ فَهَلْ لَهُ طَلَبُ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهَا كَالْقَرْضِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّشْبِيهَ عَلَى هَذَا الْحَلِّ يَكُونُ فِي الْجَامِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَهُوَ كَوْنُ الْأُجْرَةِ عَلَى السَّائِلِ (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ) حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجِيرُهُ أَوْ وَكِيلُهُ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَغْنَى إلَخْ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ تَخْصِيصُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلِذَا جُعِلَ إلَخْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَتْ لِلْحَالِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً (قَوْلُهُ فَإِذَا سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَوَلَّى الْكَيْلَ نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى الْكَيْلَ ثُمَّ نَاوَلَ الْمِكْيَالَ لِلْمُشْتَرِي يُفْرِغُهُ فِي أَوْعِيَتِهِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ فَالْكَلَامُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُفِيدُ أَنَّهُ مَا دَامَ فِي الْمِكْيَالِ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْكَيْلَ الْمُشْتَرِي فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ) وَغَيْرُهُ بِالْعُرْفِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِخْلَاء مِنْ شَوَاغِلِ الْبَائِعِ) إلَّا فِي دَارِ السُّكْنَى فَلَا يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالْإِخْلَاءِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ مِنْ الْمَفَاتِيحِ) أَيْ بِأَنْ فَتَحَ الدَّارَ لَهُ وَمَكَّنَهُ مِنْ السُّكْنَى وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمَفَاتِيحَ.

(قَوْلُهُ وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِالْعَقْدِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَتْلَفُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى الْعُهْدَةِ) فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِانْقِضَائِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ) سَيَأْتِي تَصْوِيرُهُ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَبَنَ شَاتَيْنِ مَثَلًا مِنْ شِيَاهٍ عَشَرَةٍ مُعَيَّنَاتٍ (قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُؤَلِّفُ قَبْلُ وَبَعْدُ) الْبَعْضُ الَّذِي بَيَّنَهُ قَبْلُ كَاَلَّذِي فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ بَعْدُ هُوَ قَوْلُهُ إلَّا الْمَحْبُوسَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِثَمَنِهَا الْحَالِّ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ لِسَنَةٍ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ حَبْسُهَا كَمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ، وَعَلَيْهِ لَوْ حَبَسَهَا بِغَيْرِ رِضًا بِهَا لَكَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَهَلْ مَا حَلَّ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا لِقَبْضِهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَسْلِيمِهَا دُونَ قَبْضٍ أَوْ كَالْحَالِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ) هَذَا رُوحُ الِاسْتِشْهَادِ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>