أَنْ يَشْتَرِطَ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ لِنَفْسِهِ مَجَّانًا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي عَقْدِ بَيْعٍ لَا فِي عَقْدِ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَفِي الْقَرْضِ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَسَكَتَ عَنْ شَرْطِ كَوْنِ الرَّهْنِ مِمَّا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لَا أَشْجَارًا لِثِمَارِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ طَابَتْ وَاشْتَرَطَهَا ذَلِكَ الْعَامَ، وَلَا حَيَوَانًا لِلَبَنِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَفَّرَ شُرُوطُهُ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ وَهُوَ كَوْنُهَا إجَارَةً فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهَا أَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنَافِعُ مُشْتَرَطَةً فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ أَبَاحَ الرَّاهِنُ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي بَيْعٍ، وَلَا قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ جَرَى عَلَى مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَخْذُ الْغَلَّةِ مِنْ دَيْنِهِ جَازَ فِي الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ فِي الْأَجَلِ لَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَقْبِضُ أَيَقِلُّ، أَوْ يَكْثُرُ
(ص) وَفِي ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ يُغَابُ عَلَيْهِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجَرٌ كَسَائِرِ الْمُسْتَأْجَرَاتِ وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ تَلِفَ فِي مُدَّةِ اشْتِرَاطِ الْمَنْفَعَةِ، وَأَمَّا إنْ تَلِفَ بَعْدَهَا فَهُوَ كَالرَّهْنِ فِي الضَّمَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَذَا إذَا اُشْتُرِطَتْ الْمَنْفَعَةُ لِيَأْخُذَهَا مَجَّانًا فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ تَطَوَّعَ بِهَا كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ ضَمَانَ الرَّهْنِ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ فِيهِ لِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ وَقَعَتْ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ بِالصَّرَاحَةِ، أَوْ يَتَسَاوَى فِيهِ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ مُقَابِلِهِ فِي التَّرْجِيحِ، وَقَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرَّهْنِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ
(ص) وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ شَرَطَ بِبَيْعٍ وَعَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا شَرَطَ لِلْبَائِعِ فِي عُقْدَةِ الْبَيْعِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ وَعَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ شَرْطِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ بَلْ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْبَيْعِ، أَوْ الْقَرْضُ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُقْتَرَضَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ فِيهِ وَفَاءٌ لِلدَّيْنِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِارْتِهَانِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِلَّا فَرَهْنُ ثِقَةٍ (ش) وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ، أَوْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَبَيْنَ الْفَسْخِ فَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ، أَوْ مِثْلَهُ إنْ فَاتَ فَإِنْ حَصَلَ الْهَلَاكُ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا مَقَالَ لَهُ إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ
(ص) ، وَالْحَوْزُ بَعْدَ مَانِعِهِ لَا يُفِيدُ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى فِيمَا هُوَ مَحُوزٌ بِيَدِهِ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ الْقَائِمِ الْآنَ بِالرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْأَمِينُ الَّذِي وَضَعَ الرَّهْنَ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْحَوْزُ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ فَقَوْلُهُ، وَالْحَوْزُ، أَيْ: وَدَعْوَةُ الْحَوْزِ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ فَبَعْدُ مُتَعَلِّقٌ
ــ
[حاشية العدوي]
فِيهِمَا أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ يُطَاعُ بِهَا بَعْدَهُ فَيُمْنَعُ فِي سَبْعٍ وَيَجُوزُ فِي صُورَةٍ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقَرْضِ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَوَفَّرَ شُرُوطُهُ) هِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ مَأْخُوذًا مِنْ عَشَرَةِ شِيَاهٍ، وَالْمَأْخُوذُ لَبَنُ شَاةٍ، أَوْ شَاتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ فِي الْأَجَلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُؤَجَّلْ الْقَرْضُ بِأَجَلٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَجَّلْ فِي الْقَرْضِ بِالْأَجَلِ وَدَخَلَ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لِيُحْسَبَ مِنْ دَيْنِهِ فَأَجْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْجَهْلِ فِي الْأَجَلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إذْ لَا يُدْرَى الْمُنَاسِبُ إبْدَالُهُ بِأَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ فِي الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَابِلُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إذَا أَجَّلَ كُلٌّ بِأَجَلٍ وَدَخَلَا عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إذَا فَضَلَ مِنْ الدَّيْنِ فَضْلَةٌ يُوَفِّيهِ بَقِيَّةَ الدَّيْنِ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ يَبِيعُ الرَّهْنَ أُجِيزَ فِي الْبَيْع، وَالْقَرْضِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ يُوَفِّيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ يُعْطِيهِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا امْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي الْمُؤَخَّرِ لَا فَرْقَ فِي الْقَرْضِ، وَالْبَيْعِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْفَاضِلَ يُتْرَكُ لِلْمَدِينِ جَازَ فِي الْقَرْضِ دُونَ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: وَجَرَتْ الْعَادَةُ) فَإِذَا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ قَبُولُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ تَجْرِ يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَا يَأْتِي بِهِ (قَوْلُهُ: فَرَهْنُ ثِقَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ سُجِنَ لِيَأْتِيَ بِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُجُودِهِ عِنْدَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَبَقَائِهِ بِلَا رَهْنٍ، وَأَمَّا الْقَرْضُ فَلَا (قَوْلُهُ: فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ) وَكَذَا يُخَيَّرُ فِي هَلَاكِ حَمِيلٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ لَا بَعْدَهُ فَالْمُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَةِ هَلَاك الرَّهْنِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ قَبْضُ الرَّهْنِ وَعَدَمُ قَبْضِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْحَمِيلِ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَعَدَمُ قَبْضِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي مِثْلُ جَمِيعِ هَذَا فِي الْقَرْضِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يُغْتَفَرُ فِيهِ ذَلِكَ، وَالْبَيْعُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْأَمِينُ) أَيْ بِدَعْوَى أَمِينٌ فِي زَعْمِ الْمُرْتَهِنِ وَبِهَذَا لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ وَكَوْنِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِ، وَمِثْلُ الْأَمِينِ فِي عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ إقْرَارُ نَفْسِ الرَّاهِنِ بِالْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ لِاتِّهَامِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) إذًا فَشَهَادَةُ الْقَبَّانِيِّ بِأَنَّ وَزْنَ مَا قَبَضَهُ فُلَانٌ كَذَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِأَنَّ فُلَانًا قَبَضَ مَا وَزْنُهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَبْطُلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلتُّهْمَةِ رُدَّتْ كُلُّهَا، وَأَمَّا إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلسُّنَّةِ جَازَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا عِنْدَنَا مِنْ جَانِبِ الْقَاضِي، وَإِلَّا عُمِلَ بِشَهَادَتِهِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَابِعَ الْمُقَامِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي كَهُوَ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ) أَيْ فَإِنَّ شَهَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute