للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَعْوَى الْمَقْدِرَةِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ وَإِبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَوْزَ بَعْدَ الْمَانِعِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إذَا وُجِدَ الْمَانِعُ وَمَانِعُهُ هُوَ مَوْتُ الرَّاهِنِ، أَوْ فَلَسُهُ، أَوْ جُنُونُهُ، أَوْ مَرَضُهُ الْمُتَّصِلُ بِمَوْتِهِ

(ص) وَهَلْ تَكْفِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْحَوْزِ قَبْلَهُ وَبِهِ الْعَمَلُ، أَوْ التَّحْوِيزُ وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ دَعْوَى الْحَوْزِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَا تُقْبَلُ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَجَرَّدْ عَنْ الْبَيِّنَةِ مَا كَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ هَلْ يَكْفِي أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ لَهُ بِالْحَوْزِ لِلرَّهْنِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ لَمْ تَحْضُرْ الْبَيِّنَةُ الْحِيَازَةَ، وَلَا عَايَنَتْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَقْبُوضًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَتَّابٍ وَالْبَاجِيِّ وَبِهِ الْعَمَلُ، أَوْ لَا يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ إلَّا بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى التَّحْوِيزِ، أَيْ: تَشْهَدُ أَنَّهَا عَايَنَتْ الرَّاهِنَ سَلَّمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، كَانَ مُشْتَرَطًا أَمْ لَا فَالْحَوْزُ كَوْنُ الرَّهْنِ فِي تَصَرُّفِ الْمُرْتَهِنِ، وَالتَّحْوِيزُ كَوْنُ الرَّهْنِ فِي تَصَرُّفِ الْمُرْتَهِنِ مَعَ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ فَهُوَ أَخَصُّ،، وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا وَلَوْ وَاحِدًا لَكِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ

(ص) وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا فَرَّطَ فِي طَلَبِ الرَّهْنِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يَحُزْهُ حَتَّى بَاعَهُ رَاهِنُهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَلَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً، وَلَا يَلْزَمُهُ رَهْنُ غَيْرِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَكُلٌّ مِنْ الْمَصْدَرَيْنِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ، وَقَبْضِ بِمَعْنَى إقْبَاضٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ مَضَى بَيْعُ الرَّهْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَيْ: الرَّهْنِ، وَعَلَى الثَّانِي وَمَضَى بَيْعُ الرَّاهِنِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ، أَيْ: الرَّاهِنِ (ص) ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ الْمُرْتَهِنُ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ الْمُعَيَّنِ بَلْ جَدَّ فِي طَلَبِهِ وَإِنَّمَا الرَّاهِنُ عَاجَلَهُ وَبَاعَهُ قَبْلَ الْحَوْزِ فَهَلْ يَمْضِي هَذَا الْبَيْعُ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا وَهُوَ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ، أَوْ لَا يَمْضِي وَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يَفُتْ فَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا فَيَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُبْقِيهِ رَهْنًا هَكَذَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَ الْإِمْضَاءَ مَعَ عَدَمِ التَّفْرِيطِ وَلَوْ قَالَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَمَحَلُّهُمَا فِي الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي عَقْدِ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ، وَأَمَّا الْمُتَطَوِّعُ بِهِ فَبَيْعُهُ كَبَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِبَيْعِهَا قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطِي رُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْبَيْعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَتَضَمَّنُ عِلْمَ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِيَّةِ فَيَكُونُ بَيْعُهُ كَبَيْعِ الْهِبَةِ بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ وَحِينَئِذٍ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ هَلْ الثَّمَنُ لِلرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ رَهْنًا، أَوْ يَكُونُ رَهْنًا فَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ شَيْءٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِهِ

(ص) وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ، أَوْ دَيْنُهُ عَرَضًا (ش) الضَّمِيرُ فِي بَعْدَهُ يَرْجِعُ لِقَبْضِ الرَّهْنِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَيْهِ لِلرَّهْنِ، وَالْمَعْنَى، أَيْ: الرَّاهِنُ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ وَحَازَهُ، أَوْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَأْخُذُ دَيْنَهُ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالرَّهْنِ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ وَيُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ وَكَذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ دَيْنُهُ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ وَلَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْعَرَضِ قَبْلَ أَجَلِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ مِنْ قَرْضٍ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَجَلُ فِي الْبَيْعِ فَمِنْ حَقِّهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ حَيْثُ بِيعَ بِأَقَلَّ إنْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُ فَإِنْ كَمُلَ لَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا بِيعَ بِمِثْلِهِ فَقَوْلُهُ وَبَعْدَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَمِينِ إنَّمَا تَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا) وَهُوَ قَوْلُهَا، وَلَا يُقْضَى بِالْحِيَازَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِحَوْزِهِ فِي حَبْسٍ، أَوْ رَهْنٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ انْتَهَى فَإِنَّ قَوْلَهَا لِحَوْزِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْحِيَازَةِ وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّحْوِيزِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالرَّهْنِ حَيْثُ جَرَى فِي الرَّهْنِ الْقَوْلَانِ وَاتُّفِقَ عَلَى كِفَايَةِ الْحَوْزِ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْهِبَةِ بَقَاءُ مِلْكِ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ دُونَهُمَا فَقَدْ خَرَجَا عَنْ مِلْكِ الْمُتَصَدِّقِ، وَالْوَاهِبِ وَتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ مُشْتَرَطًا أَمْ لَا) يَنْبَغِي إذَا كَانَ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ وَكَانَ مُعَيَّنًا أَنْ يَكْفِيَ فِيهِ الْحَوْزُ لِمَا انْضَمَّ لَهُ مِنْ الِاشْتِرَاطِ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَازَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ لَمْ يَحُزْ جَازَتْ شَهَادَةُ اللَّذَيْنِ شَهِدَا بِالْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّهُمَا زَادَا فِي شَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ:، وَالتَّحْوِيزُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ التَّحْوِيزُ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ.

(قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْ الْمَصْدَرَيْنِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ) قَدَّمَهُ لِكَوْنِهِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي مُرْتَهِنِهِ يَعُودُ عَلَى الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ إنْ دَفَعَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ فَلِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ السِّلْعَةِ وَلَوْ أَتَى بِرَهْنٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَهُ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا أَيْضًا فَرَّطَ أَمْ لَا لَكِنْ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ إذْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِهِ قَطْعًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَمْضِي وَيَبْقَى رَهْنًا) ، أَيْ: بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ وَهَذَا لِابْنِ الْقَصَّارِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ التَّفْرِيعُ، وَلَكِنْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا تَقَرَّرَ مَا قُلْت فَنَقُولُ لَك قَوْلَ الشَّارِحِ لَكِنْ لَمْ أَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ شَيْءٌ) وَوَجْهُ الشَّيْءِ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ مُجْمَلٌ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ بِالْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ) وَبَقِيَ عَلَيْهِ قَيْدٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَفَاقِ بَيْعِهِ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بِالدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>