وَالْأَعْوَانِ وَالْجُنْدِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ (ش) وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ عَنْ أَمْرٍ وَاجِبٍ فَأَشْبَهَ الْإِجَارَةَ أَمَّا مَا أُخِذَ رِفْقًا وَصِلَةً عَلَى غَيْرِ عَمَلٍ أَوْ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ عَمِلَ أَوْ لَا، وَمَا فُرِضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلُ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى قَاضٍ فَدَخَلَ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ (أُخِذَ بِكَيْلٍ) حَالٌ مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ صِفَةٌ لَهُ.
وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّعَامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ هُوَ مَا أُخِذَ بِكَيْلٍ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي أُخِذَ جُزَافًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ (ص) أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ أَيْ الْجُزَافُ الَّذِي فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَلَبَنِ أَغْنَامٍ بِأَعْيَانِهَا أَوْ لَبَنِ إبِلٍ بِأَعْيَانِهَا أَوْ لَبَنِ بَقَرٍ بِأَعْيَانِهَا اشْتَرَى جُزَافًا أَوْ ثَمَرٍ غَائِبٍ اشْتَرَى بِصِفَةٍ جُزَافًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ جُزَافًا، وَبِعِبَارَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ أَيْ أَوْ كَانَ كَلَبَنِ شَاةٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ أُخِذَ بِكَيْلٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شِيَاهٍ مُعَيَّنَاتٍ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى شَاةٍ عَمَلًا بِقَاعِدَتِهِ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ مِنْ إدْخَالِ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ وَإِرَادَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ، وَشِرَاءُ اللَّبَنِ جُزَافًا جَائِزٌ بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا مُعَيَّنَةً، وَأَنْ تَكْثُرَ كَعَشَرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا لِلْغَرَرِ بِخِلَافِ السَّلَمِ فِي لَبَنِ شَاتَيْنِ كَيْلًا مَعْلُومًا كَذَا، وَكَذَا قِسْطًا بِكَذَا.
وَكَذَا دِرْهَمًا فِي إبَّانِ لَبَنِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَنْ يُعْرَفَ وَجْهُ حِلَابِهَا، وَلَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الضَّعِيفُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِ الطَّعَامِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ قَوِيٍّ أَشَارَ لِلْقَبْضِ الْغَيْرِ الْكَافِي بِقَوْلِهِ (ص) ، وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ إلَّا كَوَصِيٍّ لِيَتِيمَيْهِ (ش) لَيْسَ هَذَا مَعْطُوفًا عَلَى الْحَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ أُخِذَ بِكَيْلٍ بَلْ هُوَ حَالٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهَذَا الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَلَا قَبْضٍ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ وَدِيعَةٍ، وَشَبَهُهَا فَاشْتَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ غَيْرُ تَامٍّ بِدَلِيلِ أَنَّ رَبَّ الطَّعَامِ لَوْ أَرَادَ إزَالَتَهُ مِنْ يَدِهِ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَبْضُ قَوِيًّا كَمَا فِي حَقِّ الْوَالِدِ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ طَعَامَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ وَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ عَلَيْهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
كُلٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَصْلُ الشِّرَاءِ قَرَّرَهُ عج (قَوْلُهُ وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ) أَيْ خِلَافًا لِلْقَوْلِ بِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ عَنْ فِعْلٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ فَأَشْبَهَ الْعَطِيَّةَ (قَوْلُهُ وَمَا فُرِضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ مِثْلُ مَا فُرِضَ أَيْ كَأَنْ يَفْرِضَ حَاكِمٌ لِزَوْجَةِ عَالِمٍ مَثَلًا، وَالْكُتَّابُ كَرُمَّانٍ الْكَاتِبُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَرْزَاقِ الْجُنْدِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ) الْحَالِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَعْرِفَةٌ ظَاهِرٌ، أَوْ صِفَةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ) وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ كَلَبَنِ أَغْنَامٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِشَاةٍ الْجِنْسَ، وَالْمُرَادُ شِيَاهٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَصْوِيرِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُهُ فِي لَبَنِ شَاتَيْنِ مِنْ شِيَاهٍ عَشَرَةٍ مُعَيَّنَاتٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ شَاةٌ (قَوْلُهُ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْعِبَارَةِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ كَلَبَنِ شَاةٍ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شِيَاهٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ شِيَاهٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يُسْلِمَ فِي شَاةٍ أَيْ لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ غَيْرِ مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ شِيَاهٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَشِرَاءُ اللَّبَنِ إلَخْ) لَا مَا يَفْعَلُهُ الْفَلَّاحُونَ، وَيُسَمُّونَهُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ فَيَرْجِعُ مَالِكُ الْبَهِيمَةِ بِمِثْلِ اللَّبَنِ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ، وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِكُلْفَةِ الْبَهِيمَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ عب، وَصُورَتُهَا أَنْ تَأْتِيَ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَتُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَتَأْخُذَ الْبَقَرَةَ تَأْخُذُ لَبَنَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَالْكُلْفَةُ مِنْ عِنْدِك (قَوْلُهُ كَذَا وَكَذَا قِسْطًا) أَيْ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قِسْطًا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَيْ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَثَلًا ثُمَّ إنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ خُصُوصَ كَوْنِ الْمَعْدُودِ مَعْطُوفًا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مَا يَشْمَلُ الْمُرَكَّبَ كَأَحَدَ عَشَرَ قِسْطًا مَثَلًا (قَوْلُهُ وَأَنْ يَعْرِفَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ تَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ لَيْسَ هَذَا مَعْطُوفًا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِلْجَوَازِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ شَرْطٌ لِلِامْتِنَاعِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى كَرِزْقِ قَاضٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى عَدَمُ الْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ جَازَ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ مُطْلَقِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ يَجُوزُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِهَذَا الْقَبْضِ) أَيْ الَّذِي مِنْ النَّفْسِ.
(قَوْلُهُ وَشَبَهُهَا) أَيْ شَبَهُ الْوَدِيعَةِ أَيْ كَرَهْنٍ (قَوْلُهُ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ عَلَى الشِّرَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِسِّيٌّ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْقَبْضِ الْمَعْنَوِيِّ أَيْ الَّذِي هُوَ الْقَبْضُ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَبْضِ الْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ الْقَبْضُ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبْضُ السَّابِقُ الْحِسِّيُّ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ الَّذِي هُوَ مِنْ نَفْسِهِ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَلَا قَبْضٍ نَعَمْ إنْ كَانَ الْقَبْضُ الْحِسِّيُّ قَوِيًّا لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا ضَعِيفًا (قَوْلُهُ وَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْبَيْعَ لِوَاحِدٍ، وَالشِّرَاءَ لِلْآخِرِ، وَقَوْلُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ أَيْ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ لِأَجْنَبِيٍّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute