وَعَلَى غَيْرِهِ مَعَ تَفَاوُتِهِ فِي أَفْرَادِهِ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ أَوْ يَذْكُرُ مَا فِيهِ وَغَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَوْلِهِ زَانٍ سَارِقٌ، وَهُوَ سَارِقٌ فَقَطْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَظَنَّ أَنَّ ذِكْرَ الثَّانِي مَعَهُ كَذِكْرِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قَالَ سَارِقٌ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ يَسِيرِ السَّرِقَةِ دُونَ التَّفَاحُشِ، وَعَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ، وَالنَّقْلُ يُوَافِقُهُ أَوْ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِأَنَّ بَيَانَهُ مُجْمَلًا كَلَا بَيَانٍ، وَعَلَيْهِ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (ص) وَزَوَالُهُ إلَّا مُحْتَمَلَ الْعَوْدِ (ش) أَيْ وَمَنَعَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ زَوَالُ الْعَيْبِ الْكَائِنِ حِينَ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ إلَّا الْعَيْبَ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ فَإِنَّ زَوَالَهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ كَبَوْلِ الْمَبِيعِ فِي فِرَاشِهِ وَسَلِسِ الْبَوْلِ وَالسُّعَالِ الْمُفْرِطِ وَرَمْيِ الدَّمِ مِنْ الْقُبُلِ وَالِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ الْحُمَّى وَبَيَاضِ الْعَيْنِ وَنُزُولِ مَاءٍ مِنْهَا إذَا كَانَ بُرْؤُهُ قَدْ اسْتَمَرَّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا تُخَافُ عَوْدَتُهُ إلَّا بِإِحْدَاثٍ مِنْ اللَّهِ، وَأَمَّا الْبَرَصُ وَالْجُذَامُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَلَا رَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَيْبًا، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ (ص) وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا، وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ وَالْأَحْسَنُ أَوْ بِمَوْتٍ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ لَا أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ، وَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ إنْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِالْمَوْتِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَهُ الرَّدُّ وَلَوْ فِي الْمَوْتِ، وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لَا يَصْبِرُ عَنْهُ غَالِبًا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ قَالَ بِمَوْتِ الزَّوْجِ الشَّامِلِ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَانْظُرْ الْفَسْخَ بِلَا طَلَاقٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ طَلَاقِهَا بِفِرَاقِهَا لَشَمَلَهُ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا وَطْءٌ (ص) وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا مَا لَا يَنْقُصُ كَسُكْنَى الدَّارِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ حُصُولُ الشَّيْءِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ لِخِيَارِ الْمُشْتَرِي مِنْ تَصْرِيحٍ بِقَوْلٍ كَرَضِيت أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ، وَإِنْ كَانَ غَلَّةً أَوْ سُكُوتٌ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا جَعْلُهُ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي إلَى الْقَضَاءِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَلَّةٍ لَا تَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالتَّمْرِ أَمَّا لَوْ فَعَلَ فِعْلًا لَا يُنْقِصُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا إذَا سَكَنَ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ، وَهُوَ يُخَاصِمُ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَيْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ أَوْ زَوَّجَ إلَخْ لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ وَالْإِسْلَامُ لِلصَّنْعَةِ فَإِنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا هُنَا لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى الرَّدِّ مِنْ الْبَائِعِ هُنَاكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا هَذَا فِي الْحَاضِرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ مَا لَا يُنْقِصُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَالْمُرَادُ شَأْنُ ذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ مَا لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ فَيُجْعَلُ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنْ الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَسُكْنَى الدَّارِ سَوَاءٌ سَكَنَهَا أَوْ أَسْكَنَهَا، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ أَيْ كَشَغْلِ الدَّارِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ فَإِنَّ سَارِقٌ شَامِلٌ لِسَرِقَةِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ، وَشَامِلٌ لِسَرِقَةِ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلِّ سَنَةٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَائِمَ بِهِ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ يَذْكُرُ مَا فِيهِ، وَغَيْرِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي هَذَا إجْمَالًا مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ الْغَيْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ سَارِقٌ فِيهِ إجْمَالٌ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ زَانٍ سَارِقٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ إجْمَالًا أَيْضًا مِنْ حَيْثُ سَارِقٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ فِيهِ لِإِجْمَالٍ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ سَارِقٌ الَّذِي هُوَ الْبَيَانُ الْإِجْمَالِيُّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ) مَوْضُوعُهُ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا إذَا أَتَى بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ الْعُيُوبَ كُلَّهَا كَثِيرَهَا وَقَلِيلَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ كَمَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فِي بَعْضِ الْبِيَاعَاتِ فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ بَحْثُ الْبِسَاطِيِّ وَغَيْرِهِ أَمْ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي هَذَا بِشَيْءٍ، وَفِي شَرْحِ شب، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَا عَلِمَهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَزَوَالُهُ) سَوَاءٌ زَالَ قَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ إلَّا مُحْتَمَلٌ) بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ مَنْفِيٌّ مَعْنًى كَقَوْلِهِ تَغَيَّرَ إلَّا التَّوَى إلَخْ بَدْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ انْقَطَعَ زَمَنَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَيْبًا) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ (قَوْلُهُ طَلَاقِهَا) أَيْ بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَأَمَّا طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَوْتُهَا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَوْتٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لَكِنْ مَوْتُهَا الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقٌ عَلِيَّةً أَوْ وَخْشًا، وَمَوْتُهُ إنَّمَا يَزُولُ بِهِ عَيْبُ الْوَخْشِ دُونَ الرَّائِعَةِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ) لِأَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ جَارِيَةٌ فِي مَوْتِ الزَّوْجِ، وَكَأَنْ يَقُولَ وَطَلَاقِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ بَدَلٌ، وَطَلَاقِهَا، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.
(تَنْبِيهٌ) :
مَحَلُّ الْأَقْوَالِ فِي التَّزْوِيجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ تَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مَعَ الْوَطْءِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِهِ مَعَ تَسَلُّطِهِ عَلَيْهِ فَعَيْبٌ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَسَلُّطٍ، وَلَمْ يَطَأْ فَغَيْرُ عَيْبٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ) أَيْ كَعَبْدٍ، وَلَوْ زَمَنَ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ كَاللَّبَنِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ إلَّا لِطُولِ سُكُوتِهِ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ فَلَا، وَقَوْلُهُ وَهُوَ يُخَاصِمُ أَمَّا فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (قَوْلُهُ لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ وَالْإِسْلَامُ لِلصَّنْعَةِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَوُقِفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ هُنَاكَ يَرِدُ هَذَا، وَأَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْإِسْلَامَ لِلصَّنْعَةِ يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا إذَا صَدَرَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِهَذَا التَّعْمِيمِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلْإِسْكَانِ، وَقَوْلُهُ أَيْ كَشَغْلِ الدَّارِ تَفْسِيرٌ لِسُكْنَى بِاعْتِبَارِ تَعْمِيمِهِ ثُمَّ أَقُولُ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَوَقَفَ إلَخْ كَأَنْ أَسْكَنَهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute