وَفِي كَوْنِ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ كَذَلِكَ أَوْ مِثْلَهُمَا قَوْلًا الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّإِ وَالْمُقَدِّمَاتِ انْتَهَى وَعِلَّةُ حُرْمَةِ نَذْرِ الْمُبَاحِ لِأَنَّهُ عَظَّمَ مَا لَمْ يُعَظِّمْهُ الشَّرْعُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَا نُدِبَ مِنْ نَذْرٍ زِيَارَةَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالِحٍ أَوْ حَيٍّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ أَعْمَلَ فِيهِ الْمَطِيَّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ كُلُّ عِبَادَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّاعَاتِ غَيْرَ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ وَحَدِيثُ «لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ» مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ وَأَمَّا زِيَارَةُ الْأَحْيَاءِ مِنْ الْإِخْوَانِ وَالْمَشْيَخَةِ وَنَذْرُ ذَلِكَ وَالرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَتَوَقَّفَ بَعْضُ النَّاسِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ وَآثَارِ الصَّالِحِينَ وَلَا تَوَقُّفَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ انْتَهَى مِنْ مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ لِحُلُولُو (ص) كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ (ش) أَشَارَ إلَى الصِّيغَةِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَوْ لَمْ يَلْفُظْ بِالنَّذْرِ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ عَلَى أُضْحِيَّةٍ وَلَوْ لَمْ يَلْفُظْ بِالْجَلَّالَةِ وَيُنْظَرُ فِي النَّذْرِ كَالْيَمِينِ إلَى النِّيَّةِ ثُمَّ الْعُرْفُ ثُمَّ اللَّفْظُ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالنِّيَّةِ دُونَ اللَّفْظِ فَإِنْ قِيلَ تَمْثِيلُهُ لِلْمَنْدُوبِ بِقَوْلِهِ ضَحِيَّةٌ وَهِيَ سُنَّةٌ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْمَنْدُوبِ الْمَطْلُوبُ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَمَا دُونَهَا وَلَا يُنَافِي جَعْلُهُ هُنَا الضَّحِيَّةَ تَجِبُ بِالنَّذْرِ مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا.
(ص) وَنُدِبَ الْمُطْلَقُ (ش) أَيْ وَنُدِبَ الْتِزَامُ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ غَيْرِ الْمُكَرَّرِ وَالْمُعَلَّقِ وَهُوَ مَا يُوجِبُهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى مَا كَانَ وَمَضَى كَمَنْ شُفِيَ مَرِيضُهُ فَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ وَمَا لَيْسَ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ حَصَلَ فَمُبَاحٌ أَيْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ.
(ص) وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَذْرَ الْمُكَرَّرِ مَكْرُوهٌ كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَتَى بِهِ عَلَى كَسَلٍ أَوْ مَخَافَةَ التَّفْرِيطِ فِي الْوَفَاءِ بِهِ وَأَمَّا النَّذْرُ الْمُعَلَّقُ بِمَحْجُوبٍ آتٍ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا أَوْ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ كَذَا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْقُرَبِ فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمَّا لِكَوْنِهِ أَتَى بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ لَا الْقُرْبَةِ أَوْ خَوْفَ تَوَهُّمِ الْجَاهِلِ مَنْعَهُ مِنْ حُصُولِ الْمُقَدَّرِ أَوْ مُبَاحٌ تَرَدُّدٌ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ نَذْرُ التَّبَرُّمِ كَنَذْرِ عِتْقِ عَبْدٍ ثَقُلَتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ لِقِلَّةِ نَفْعِهِ تَخَلُّصًا مِنْهُ وَإِبْعَادًا لَهُ وَنَذْرُ التَّحَرُّجِ كَنَذْرِ كَثِيرٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَمَّا مَا لَا يُطِيقُهُ فَحَرَامٌ وَمَعَ كَوْنِ الْمُكَرَّرِ مَكْرُوهًا فَهُوَ لَازِمٌ وَلَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا نُدِبَ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ وَهَذَا مَنْدُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَارِضَةٌ وَإِذَا لَزِمَ الْمُكَرَّرُ فَأَحْرَى الْمُعَلَّقُ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَالْمُعَلَّقُ مُخْتَلَفٌ فِي كَرَاهَتِهِ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يَلْزَمُ فِيهِ وَلَا يُقْضَى بِالنَّذْرِ وَلَوْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَلَوْ كَانَ عِتْقًا لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ إلَّا مَعَ النِّيَّةِ وَمَتَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ نِيَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ.
(ص) وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لَا غَيْرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ هَدْيَ بَدَنَةٍ نَذْرًا مُعَلَّقًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا فَإِنْ عَجَزَ النَّاذِرُ عَنْ الْبَدَنَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ بَقَرَةً لِقَوْلِ الْخَلِيلِ الْبَقَرُ مِنْ الْبُدْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْحَجِّ قَبْلَ زَمَانِهِ أَوْ مَكَانِهِ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْإِحْرَامَ مَطْلُوبَانِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الزَّمَنِ وَغَيْرُ مَطْلُوبَيْنِ عِنْدَ مُلَاحَظَتِهِ فَالنَّذْرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا نَظَرًا لِلْحَالِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ نَذْرَ صَلَاةٍ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ وَبَقِيَّةِ الْمَكْرُوهَاتِ هَلْ يَلْزَمُ أَيْضًا نَظَرًا لِمُطْلَقِ النَّفْلِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْوَقْتِ لِأَشَدِّيَّتِهِ فَكَأَنَّهُ ذَاتِيٌّ كَذَا ذَكَرُوا وَتَأَمَّلْ مَعَ صَوْمِ رَابِعِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ الْمَكْرُوهِ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ الْقُدُومُ عَلَى نَذْرِ الْوَاجِبِ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّإِ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ نَذْرَ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ حَرَامٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُقَدِّمَاتُ رَاجِعٌ لِلثَّانِي مِنْ أَنَّهُ مِثْلُهُمَا (قَوْلُهُ الْمَطِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ يُسْتَعْمَلُ وَاحِدًا وَجَمْعًا أَيْ جَمْعُ مَطِيَّةٍ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْمَطِيُّ الَّتِي تَمُطُّ فِي سَيْرِهَا أَيْ تَمُدُّ فِي سَيْرِهَا كَذَا أَفَادَهُ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ غَيْرَ الصَّلَاةِ) لَا شَكَّ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلصَّوْمِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَلْزَمُ فِي غَيْرِ الثُّغُورِ (قَوْلُهُ الْإِخْوَانِ) جَمْعُ أَخٍ (قَوْلُهُ وَالْمَشْيَخَةِ) جَمْعُ شَيْخٍ كَمَا أَفَادَهُ الصِّحَاحُ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ) أَرَادَ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ هُنَاكَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا) وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ فِي شَاةٍ بِعَيْنِهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَضْعِيفُ هَذَا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ لَنَا فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَظْهَرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ مَا نَدَبَ الضَّحِيَّةَ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لَا حَقِيقَةٌ مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ) فِيهِ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَنْدُوبٍ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَكُونُ مَنْدُوبًا وَقَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمَعْنَى وَالْتِزَامُهُ مُبَاحٌ أَيْ تَخْصِيصُهُ مِنْ بَيْنِ أَفْرَادِ الْمَنْدُوبِ هُوَ الْمُبَاحُ وَفِي ذَاتِهِ مَنْدُوبٌ.
(قَوْلُهُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ نَفْعَ النَّذْرِ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعًا قَالَهُ بَعْضٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَحْبُوبًا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَمَّا مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ فَيُتَّفَقُ عَلَى كَرَاهَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا مُبْهَمًا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَذَا الْمَنْقُولُ (قَوْلُهُ نَذْرُ التَّبَرُّمِ) أَيْ التَّضَجُّرِ (قَوْلُهُ لِقِلَّةِ نَفْعِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ ثَقُلَتْ وَقَوْلُهُ تَخَلُّصًا مِنْهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ نَذْرٌ (قَوْلُهُ وَنَذْرُ التَّحَرُّجِ) أَيْ الضِّيقِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا وَفَاءَ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْوَفَاءُ بِهِ وَقَوْلُهُ مَعَ النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ الْوَفَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ أَيْ وَفَاءٌ صَحِيحٌ وَتَأَمَّلْ فِي الْمَقَامِ يَظْهَرْ لَك الْمَرَامُ.
(قَوْلُهُ لَا غَيْرُ) أَيْ لَا غَيْرَ السَّبْعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) أَيْ فَالتَّاءُ فِي الْبَدَنَةِ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ لِأَنَّهُ قَالَ وَلَزِمَ وَلَمْ يَقُلْ وَلَزِمَتْهُ (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ لَا تُجْزِئُهُ الْبَقَرَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَذَرَ (قَوْلُهُ الْبَقَرُ مِنْ الْبُدْنِ) أَيْ لِأَنَّ أَصْلَ الْبَدَنَةِ عَظِيمَةُ الْبَدَنِ فَيَشْمَلُ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الْبُدْنِ تَجَوُّزٌ لَا حَقِيقَةٌ وَإِلَّا