للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَكْفِي وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ زَيْدٍ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تُورَثُ إلَّا بِإِذْنِ عَمْرٍو فَمَاتَ فَأَذِنَ لَهُ وَرَثَتُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إذْ الْإِذْنُ لَا يُورَثُ قَالَ الْعَوْفِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ يَمِينِهِ أَنَّ عَمْرًا لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ فَكَرِهَ دُخُولَهَا لِأَجْلِ أَهْلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهُ فِي أَهْلِ عَمْرٍو حَقٌّ أَوْ يَكُونُ الْحَقُّ شَرِكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَيُجْزِئُهُ إذْنُ وَرَثَتِهِ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ لَا يُوَفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَالْحَقُّ قَدْ انْتَقَلَ فَيُجْزِئُهُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا حَلَفَتْ امْرَأَةٌ لَا زَوَّجَتْ أَمَتَهَا عَبْدَ فُلَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ فَمَاتَ فُلَانٌ فَلَا تُزَوِّجُهَا إيَّاهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ وَرَثَتِهِ انْتَهَى.

(ص) وَتَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ وَلَا دَيْنَ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَوَرَثَتُهُ صِغَارٌ فَأَخَّرَهُ الْوَصِيُّ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الْحَالِفُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ سَوَاءٌ كَانَ تَأْخِيرُهُ لِنَظَرٍ أَمْ لَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ نَظَرٍ كَانَ آثِمًا فَقَطْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ حَالًا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَتَقْيِيدُ الْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ بِالنَّظَرِ لِأَجْلِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا لِإِجْزَائِهِ فَلِذَا قِيلَ لَوْ حَذَفَهُ لَوَافَقَ النَّقْلَ.

(ص) وَتَأْخِيرُ غَرِيمٍ إنْ أَحَاطَ وَأَبْرَأَهُ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَأَخَّرَهُ بِذَلِكَ الْغُرَمَاءُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ إنْ أَبْرَءُوا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرُوا بِهِ الْحَالِفَ حَتَّى يَكُونُوا كَالْقَابِضِينَ لَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ الْبَرَاءَةُ لِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ أَخْذِ الْغَرِيمِ مِنْ الْحَالِفِ بَعْدَ التَّأْخِيرِ بِتَفْلِيسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ لِلدَّيْنِ فَتَبْقَى ذِمَّةُ الْمَيِّتِ مُعَمِّرَةً لِلْغَرِيمِ فَإِذَا أَبْرَأَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَبِرَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ لَا يُجْزِئْ تَأْخِيرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي التَّأْخِيرِ يُؤَخِّرُ بِهِ.

(ص) وَفِي بِرِّهِ فِي لَأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ أَوْ مُطْلَقًا فَوَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَثَلًا هَلْ يَبِرُّ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَيَحْنَثُ إنْ كَانَ أَجَلُهُ مَضَى (قَوْلَانِ) مَنْشَؤُهُمَا حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَفْهُومِهِ لُغَةً وَقَدْ حَصَلَ أَوْ شَرْعًا وَلَمْ يَحْصُلْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ فَرَّطَ حَتَّى حَصَلَ الْحَيْضُ وَوَطِئَهَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا.

(ص) وَفِي لَتَأْكُلِنَّهَا فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ فَشَقَّ جَوْفَهَا وَأَكَلَتْ (ش) صُورَتُهَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ لَتَأْكُلِنَّ هَذِهِ الْقِطْعَةَ اللَّحْمَ فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ أَخَذَتْ الْهِرَّةَ فَذَبَحَتْهَا وَشَقَّتْ جَوْفَهَا وَأَخْرَجَتْ الْبَضْعَةَ اللَّحْمَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَلَّ فِي جَوْفِهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَأَكَلَتْهَا هَلْ يَبِرَّ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَمَحِلُّهُمَا حَيْثُ تَوَانَتْ وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ تَتَوَانَ فَلَا حِنْثَ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ تَشُقَّ جَوْفَ الْهِرَّةِ وَتُخْرِجْهَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَمِينِهِ وَأَخْذِ الْهِرَّةِ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ وَتُحْرِزُهَا، وَعَدَمُ التَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَأَخْذِ الْهِرَّةِ قَدْرُ مَا تَتَنَاوَلُهَا وَتُحْرِزُهَا فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا) إمَّا إلَى مَسْأَلَةِ الْبَضْعَةِ لَوْ أَخَّرَتْ الْمَرْأَةُ أَكْلَهَا ثُمَّ أَكَلَتْهَا بَعْدَ أَنْ فَسَدَتْ أَوْ إلَى مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَيَأْكُلَنَّهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ ثُمَّ أَكَلَهُ فَقَدْ حَنِثَ عِنْدَ مَالِكٍ إذْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الطَّعَامِ وَقَالَ سَحْنُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَهُ قَبْلَ أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ الْإِذْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالْأَصْلُ إلَّا بِإِذْنٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تُورَثُ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَاصِرَةٌ عَلَى إلَّا بِإِذْنٍ وَلَيْسَ فِيهَا وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ إلَخْ نَعَمْ مِثْلَ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ لَا أَقْضِي لَهُ حَقَّهُ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ) تَمْثِيلٌ لِلْبِسَاطِ (قَوْلُهُ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ) هَذَا مَعْطُوفٌ دَاخِلٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَكَرِهَ دُخُولَهَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَرِهَ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ شَرِكَةً وَلَوْ قَالَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شَرِكَةً إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ تَمْثِيلٍ لِقَوْلِهِ إنَّ عَمْرًا لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ.

(قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ) أَيْ لِكَوْنِ التَّأْخِيرِ يَسِيرًا أَوْ خَوْفَ الْجُحُودِ أَوْ الْخِصَامِ فَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ حُمِلَ عَلَى النَّظَرِ.

(قَوْلُهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ) وَمِثْلُهُ الْحَيُّ الْمُفْلِسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ أَبُو عِمْرَانَ الْمَسْأَلَةَ بِكَوْنِ الْحَقِّ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَكُونَ حَوَالَةً يُقْضَى بِهَا وَإِلَّا جَاءَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَبُو الْحَسَنِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَتَجَانَسْ الدَّيْنَانِ هَلْ يَكُونُ مِثْلَ تَأْخِيرِ الْوَصِيِّ أَوْ مِثْلَ الْقَضَاءِ الْفَاسِدِ قَالَهُ الْحَطَّابُ (أَقُولُ) مُقْتَضَى كَوْنِهِ فَسَخَ الدَّيْنَ أَنَّهُ كَالْقَضَاءِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ لِلدَّيْنِ) أَيْ لِأَخْذِ الدَّيْنِ أَيْ كَتَلَفِ مَالِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَمْ يَبِرَّ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْحِنْثِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ إنْ وَطِئْتُك حَنِثَ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ حَارِثٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَفِي لَتَأْكُلِنَّهَا) أَصْلُهُ لَتَأْكُلِينَنَهَا فَحُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لِتَوَالِي الْأَمْثَالِ ثُمَّ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَصَارَ لَتَأْكُلِنَّهَا وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَمَحِلُّهَا حَيْثُ تَوَانَتْ) وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْحِنْثُ كَمَا فِي شَرْحِ عب وشب فَإِنْ قُلْت قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا لَمْ يُؤَجِّلْ وَحَصَلَ مِنْهُ وَفَرَّطَ فَيَحْنَثُ بِالْمَانِعِ وَلَوْ عَقْلًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ حَنِثَ بِالْمَانِعِ الْعَادِيِّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا قُلْنَا مَا تَقَدَّمَ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُنَا قَدْ فَعَلَهُ (قَوْلُهُ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ وَإِنْ تَوَانَتْ قَدْرَ مَا لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَهَا وَتُحْرِزَهَا دُونَهَا فَعَلَتْ فَهُوَ حَانِثٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ مَسْأَلَةِ الْبَضْعَةِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>