للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ لَا دَارَ فُلَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَهَا الْحَالِفُ بَعْدَ بَيْعِهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِمَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ التَّعْيِينِ فَلَا يُزِيلُهُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ تِلْكَ الْبُقْعَةَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا دَامَتْ لَهُ وَلَوْ قَالَ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ فَبَاعَهَا فُلَانٌ فَسَكَنَهَا الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ لَمْ يَنْوِ عَيْنَهَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِعَوْدِهِ لَهَا سَوَاءٌ عَادَ لَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا حِنْثَ مَعَ الْإِكْرَاهِ قِيلَ وَفِي ذِكْرِ الْعَوْدِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ سَاكِنًا ثُمَّ عَادَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَوْدَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم: ١٣] أَيْ لَتَدْخُلُنَّ وَهُوَ الْمُرَادُ أَيْ وَبِدُخُولِهِ عَلَى وَجْهِ السُّكْنَى إلَخْ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ لِلْغَيْرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(ص) وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَتْ الدَّارُ وَصَارَتْ طَرِيقًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ) شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ وَبُنِيَتْ وَدَخَلَهَا مُكْرَهًا إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ أَيْ بِالْإِكْرَاهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِنَا مُكْرَهًا وَهَذَا الْمُقَدَّرُ مَعْلُومًا مِمَّا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرَّ وَذَكَرَهُ هُنَا لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا حَلَفَ لَا دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرِبَتْ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لِأَجْلِ كَرَاهَتِهِ فِي صَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَهِيَ خَرَابٌ وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لِأَجْلِ كَرَاهَتِهِ لِعَيْنِ الدَّارِ فَلَا يَمُرُّ بِهَا أَبَدًا قَالَ فِيهَا فَإِنْ بُنِيَتْ ثَانِيًا فَمَرَّ بِهَا حَنِثَ إلَّا أَنْ تُبْنَى مَسْجِدًا فَلَا حِنْثَ بِدُخُولِهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَهَا فَهَذَا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ جَلَسَ فِيهَا أَوْ نَامَ مِنْ غَيْرِ خَرَابٍ إذَا نَقَلَ أَمْتِعَتَهُ مِنْهَا إنْ كَانَ لَهُ أَمْتِعَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلتَّخْرِيبِ كَمَا فَهِمَ الْمُؤَلِّفُ قَالَهُ ح وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَوَهَّمُ لَا لِلْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمَأْمُورَ بِهِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَإِنَّمَا هُوَ حِنْثٌ بِالدُّخُولِ بَعْدَ أَنْ خَرِبَتْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ بِالتَّخْرِيبِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَإِلَّا فَاسْمُ الدَّارِ زَالَ عَنْهَا لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلسَّاحَةِ مَعَ الْبُنْيَانِ.

(ص) وَفِي لَا بَاعَ مِنْهُ أَوْ لَهُ بِالْوَكِيلِ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا بَاعَ مِنْ فُلَانٍ أَيْ لِفُلَانٍ شَيْئًا ثُمَّ بَاعَ مِمَّنْ اشْتَرَى لِفُلَانٍ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرَى مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَقَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ لِفُلَانٍ شَيْئًا أَيْ لَا أَكُونُ سِمْسَارًا لِشَيْئِهِ فَدَفَعَ فُلَانٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَأَعْطَاهُ الرَّجُلُ لِلْحَالِفِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ثَوْبُ فُلَانٍ إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِهِ لِوَكِيلٍ فِي لَا أَضْمَنُ لَهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بِهِ تَأْوِيلَانِ يَأْتِيَانِ هُنَا كَمَا أَجْرَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ (ص) وَإِنْ قَالَ حِينَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت فَقَالَ هُوَ لِي ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ ابْتَاعَ لَهُ وَلَزِمَ الْبَيْعُ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْحِنْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت أَنِّي لَا أَبِيعُ لِفُلَانٍ وَأَخْشَى أَنْ تَشْتَرِيَ لَهُ بِالْوَكَالَةِ فَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ إنَّمَا ابْتَاعَهُ لِي لَا لِلْمُوَكِّلِ فَبَاعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّهُ إنَّمَا ابْتَاعَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ الْحَالِفَ وَيَحْنَثُ وَقَوْلُنَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قَالَ أَشْتَرِي لِنَفْسِي ثُمَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ اشْتَرَيْت لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ غَيْرَ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِي وَلَوْ قَالَ إنْ كُنْت تَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَثَبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِفُلَانٍ لَا نَبْغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِذَلِكَ.

(ص) وَأَجْزَأَ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ فِي إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَأَخَّرَتْهُ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُورَثُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ رَشِيدًا وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ.

(ص) لَا فِي دُخُولِ دَارٍ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا إذْنُهُ فِي دُخُولِ دَارٍ لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ وَقَوْلُ تت بِالتَّنْوِينِ يُنَافِي قَوْلَهُ مَا دَامَتْ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ بِرُجُوعِهَا لِلْأَوَّلِ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنَ هَذِهِ الدَّارَ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ دَارَ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مَا دَامَتْ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الَّذِي هُوَ الْحَالِفُ فِي الْأُولَى وَفُلَانٍ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ) يُنَافِي قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ رَاجِعًا لِلثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لِلْأُولَى لَكَانَ يَقُولُ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِي وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ صِحَّةِ مَا قَالَهُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ) أَقُولُ إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ اتِّبَاعُ الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ) وَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِفُلَانٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ بَائِعٌ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْبَيْعَ لَازِمٌ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً وَالْآتِيَةُ انْعَقَدَ الْبَيْعُ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْوَارِثُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَهُوَ كَذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>