للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَفَعَ الْآمِرُ بِالسَّلَفِ بِأَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ فِيهَا تَحْصِيلُ الثَّمَنِ فَاخْتَلَفَ هَلْ لَا شَيْءَ لَهُ أَوْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ قَوْلَانِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ ذَكَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْأُولَى، وَالظَّاهِرُ جَرَى مِثْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.

(ص) وَجَازَ بِغَيْرِهِ كَنَقْدِ الْآمِرِ (ش) أَيْ وَجَازَ هَذَا الْعَقْدُ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ سَوَاءٌ نَقَدَ الْمَأْمُورُ أَمْ لَا، وَاسْتَحَقَّ حِينَئِذٍ الدِّرْهَمَيْنِ كَمَا يَجُوزُ حَيْثُ نَقَدَ الْآمِرُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهُ عَشَرَةً، وَيَقُولَ لَهُ اُنْقُدْهَا وَأَنَا آخُذُهَا مِنْك بِمَا ذَكَرَ كَمَا فِي ز، وَنَصِّهِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّ حِينَئِذٍ الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ الْمَأْمُورَ لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فِيهِ الْأَقَلُّ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ، وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَنَصُّهُ: فَإِنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ وَلَمْ يَمْضِ قَدْرُ مُدَّةِ نَفْعِ الْمُتَسَلِّفِ فَفِي لُزُومِ الْأَقَلِّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ وَالرِّبْحِ أَوْ أَجْرِ مِثْلِهِ فَقَطْ ثَالِثُهَا لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ إتْمَامٌ لِلرِّبَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ رُشْدٍ، وَلَوْ مَضَى قَدْرُ مُدَّةِ نَفْعِهِ فَالْأَخِيرَانِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَالْأَوَّلَانِ.

(ص) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، وَلَمْ يَقُلْ اشْتَرِهَا لِي فَقِيلَ إنَّ شِرَاءَهُ مِنْهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَقِيلَ إنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ إنَّ جَزْمَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا مَرَّ بِالْكَرَاهَةِ فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ اشْتَرِهَا، وَأَنَا أُرْبِحُك مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ قَدْرِ الرِّبْحِ مُشْكِلٌ مَعَ حِكَايَتِهِ الْقَوْلَ هُنَا بِالْجَوَازِ مَعَ تَسْمِيَةِ قَدْرِ الرِّبْحِ الْمَحْكُومِ لَهُ هُنَاكَ بِالْمَنْعِ، وَمَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ (ص) وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ، وَأَشْتَرِيهَا مِنْك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى، وَلَا تُعَجِّلْ الْعَشَرَةَ، وَإِنْ عَجَّلْت أَخَذْت، وَلَهُ جَعَلَ مِثْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْآمِرَ إذَا قَالَ لِلْمَأْمُورِ اشْتَرِ لِي سِلْعَةَ كَذَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ، وَأَشْتَرِيهَا مِنْك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُمْنَعُ لِأَنَّ الْآمِرَ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ يَدْفَعُهَا لَهُ فَيَنْتَفِعَ بِهَا إلَى الْأَجَلِ ثُمَّ يَقْضِي عَنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ سَلَفٌ مِنْ الْآمِرِ بِزِيَادَةٍ، وَهِيَ الدِّرْهَمَانِ، وَإِذَا وَقَعَ هَذَا الْبَيْعُ الْمَمْنُوعُ فَالسِّلْعَةُ لَازِمَةٌ لِلْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْأَجَلِ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمَأْمُورِ لَهُ، وَإِنَّمَا وَعَدَهُ الْآمِرُ بِسَلَفِ عَشْرَةٍ لِيَغْرَمَ عَنْهُ الدِّرْهَمَيْنِ، وَلَيْسَ لِلْآمِرِ تَعْجِيلُ الْعَشَرَةِ لِلْمَأْمُورِ الَّذِي وَعَدَهُ بِالشِّرَاءِ بِهَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ.

وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْأَمْرِ حَتَّى عَجَّلَهَا لِلْمَأْمُورِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ لِلْآمِرِ، وَلَا تُتْرَكُ لِلْمَأْمُورِ لِلْأَجَلِ، وَلَمَّا كَانَ الْآمِرُ هُنَا مُسَلِّفًا سَلَفًا حَرَامًا فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ فَجُعِلَ عَلَيْهِ لِلْمَأْمُورِ فِي تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ جُعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَالْمُسَلِّفُ فِي الْقِسْمَيْنِ قَبْلَهُ هُوَ الْمَأْمُورُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ أَيْضًا فَكَانَ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جَعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى أَيْ الْحَلَالِ، وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ لِلْأَجَلِ لَا الْعَشَرَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا تُعَجِّلْ الْعَشَرَةَ أَيْ لِلْمَأْمُورِ أَيْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا كَمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا عَجَّلَ الْعَشَرَةَ لِلْبَائِعِ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ ثُمَّ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَنْعُ، وَلَوْ رَضِيَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ بِالتَّعْجِيلِ لَهُ (ص) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ أَوْ يَفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ قَوْلَانِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْآمِرَ إذَا قَالَ اشْتَرِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ، وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ فَرَوَى سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ بِالْعَشَرَةِ لَا يُرَدُّ إذَا فَاتَ بِمُفَوِّتٍ بَلْ يَمْضِي لِلْآمِرِ بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَاخْتُلِفَ هَلْ لَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى قَصْدِ الرِّبَا بِسَبَبِ انْتِفَاعِ الْآمِرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ مُدَّةَ قَصْدِهِمَا السَّلَفَ مَعَ الِانْتِفَاعِ كَهِيَ (قَوْلُهُ حَيْثُ نَقَدَ الْآمِرُ) وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ كَانَ نَقَدَ الْآمِرُ بِشَرْطٍ، وَلَهُ الدِّرْهَمَانِ (قَوْلُهُ وَنَصِّهِ) بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى ز (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ عِنْدَ شَرْطِ النَّقْدِ كَمَا يُفِيدُهُ عب، وَكَلَامُ ز عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَصُوَرُ مَحْظُورِهَا ثَلَاثٌ الْأُولَى اشْتَرِ لِي كَذَا بِعَشَرَةٍ وَآخُذُ مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فِيهِمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَقْدَ الْمَأْمُورِ جَازَ، وَإِلَّا فَسَدَتْ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ، وَسَلَفٌ إنْ وَقَعَ لَزِمَتْ الْآمِرَ فَإِنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ، وَلَمْ يَمْضِ قَدْرُ مُدَّةِ نَفْعِ السَّلَفِ فَفِي لُزُومِ الْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَالرِّبْحِ أَوْ أَجْرِ مِثْلِهِ فَقَطْ ثَالِثُهَا لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ إتْمَامٌ لِلرِّبَا (قَوْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ بِلُزُومِ الْأَقَلِّ، وَقَوْلُهُ وَسَحْنُونٌ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَجَّرَ مِثْلَهُ، وَقَوْلُهُ وَابْنُ رُشْدٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ثَالِثُهَا لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَسَطَ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَالْأَوَّلَانِ أَيْ اللَّذَانِ هُمَا أَجْرُ مِثْلِهِ أَوْ الْأَقَلُّ.

(أَقُولُ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ أَيْ مَعَ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ فَيَكُونُ عَلَى مِنْوَالِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ مَعَ الشَّرْطِ أَيْ دَخَلُوا عَلَى شَرْطِ النَّقْدِ، وَلَكِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (قَوْلُهُ فَفِي الْجَوَازِ) أَيْ جَوَازِ شِرَائِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، وَقَوْلُهُ وَالْكَرَاهَةُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَمَحَلُّهَا حَيْثُ نَقَدَ الْمَأْمُورُ بِشَرْطٍ فَإِنْ نَقَدَ تَطَوُّعًا جَازَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَمَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ) الْجَوَابُ الْمَارُّ مِنْ حَيْثُ إشْكَالٌ آخَرُ، وَهُوَ حِكَايَةُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مَعَ تَسْمِيَةِ قَدْرِ الرِّبْحِ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِشْكَالُ الْمُورَدُ هُنَا، وَهُوَ الْحُكْمُ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ حِكَايَةِ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا هُنَا الْأَخْذُ بِنَقْدٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَمُؤَجَّلٌ فَيَقْوَى جَانِبُ السَّلَفِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي) لَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ لِي، وَبَيْنَ أَشْتَرِيهَا الْمُضَارِعِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَى لِي لِأَجْلِي (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَّلَتْ إلَخْ) وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّ تَعْجِيلَهَا عُقْدَةُ سَلَفٍ مُسْتَقِلَّةٌ وَقَعَتْ بَعْدَ عَقْدِ بَيْعٍ صَحِيحٍ.

(قَوْلُهُ بِالتَّعْجِيلِ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ أَيْ هَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ الْآمِرُ بِالتَّعْجِيلِ بِأَنْ عَجَّلَهَا قَهْرًا عَنْهُ أَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُورُ بِالتَّعْجِيلِ بَلْ أَخَذَهَا قَهْرًا عَنْهُ بَلْ لَوْ رَضِيَ كُلٌّ بِالتَّعْجِيلِ (قَوْلُهُ إذَا فَاتَ) فَإِذَا لَمْ يَفُتْ فَالرَّدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>