السَّلَفِ بِخِلَافِ مَا لَا تَأْجِيلَ فِيهِ.
وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ، وَأَيْضًا فَهَذَا مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ مُشْبِهٌ لَهُ (ص) بِخِلَافِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَلَزِمَتْ الْآمِرَ إنْ قَالَ لِي وَفِي الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ أَوْ إمْضَاؤُهَا وَلُزُومُهُ الِاثْنَيْ عَشَرَ قَوْلَانِ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَفْسَخْ لِئَلَّا يُنَاقِضَ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ، وَهَذَا يُنَافِي إخْرَاجَهُ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ قُلْت لَا يُنَافِيهِ إذْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ جَازَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ كَشَهْرٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا ثُمَّ تَارَةً يَقُولُ الْآمِرُ لِي وَتَارَةً لَا يَقُولُ لِي فَإِنْ قَالَ لِي فَإِنَّ السِّلْعَةَ تَلْزَمُ الْآمِرَ بِالْعَشَرَةِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَسَيَأْتِي مَا يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ فِي تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ وَهَلْ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي يُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَهُوَ آخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ لَكِنْ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَتُرَدُّ بِعَيْنِهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْآمِرِ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تَلْزَمُ الْآمِرَ حَالَةَ يَوْمِ الْقَبْضِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ زَادَتْ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ نَقَصَتْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَوْ تَمْضِي الْعُقْدَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ الْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ ضَامِنًا لَهَا وَلَوْ شَاءَ الْآمِرُ عَدَمَ شِرَائِهَا لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ.
وَهَذَا رَوَاهُ سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَانِ، وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهَا مَعَ الْفَوَاتِ لَا فَسْخَ وَلُزُومُ الْقِيمَةِ فَسْخٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَفِي الْفَسْخِ مُطْلَقًا وَتُرَدُّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً لَكِنْ إنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ وَاسْتَشْكَلَ أَيْضًا بِلُزُومِ الْقِيمَةِ مَعَ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ يَمْضِي بِالثَّمَنِ لَكِنْ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ أَكْثَرِيٌّ (ص) وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ آخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا أَنَّ نَقْدَ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَانْقُدْهَا عَنِّي وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ جَعَلَ الدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ سَلَفِهِ وَتَوْلِيَتِهِ الشِّرَاءَ لَهُ فَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا حَذَفَ الشَّرْطَ صَحَّ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ أَنَّ نَقْدَ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ لَكِنْ قَوْلُهُ، وَجَازَ بِغَيْرِهِ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ مِنْ الْمَأْمُورِ بِغَيْرِ شَرْطٍ مِنْ الْآمِرِ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّقْدِ بِشَرْطٍ وَبِعِبَارَةٍ، وَعَلَّلَ الْمَنْعَ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ بِشَرْطِ السَّلَفِ إذْ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ بِدِرْهَمَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَهُ عَشَرَةً فَمَنَعَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ تَلْزَمُ السِّلْعَةُ الْآمِرَ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ لِي فَقَدْ رُوعِيَ هُنَا الْآمِرُ إنْ رُوعِيَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَمَنَعَ ذَلِكَ، وَرُوعِيَ قَوْلُهُ لِي فَلَزِمَتْ الْآمِرَ السِّلْعَةُ (ص) وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جَعَلَ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِمَا (ش) أَيْ، وَلِلْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ أَخْذِ سَلَفِهِ فِي تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلِ الْأَقَلِّ مِنْ جَعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ.
وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ زَرْقُونٍ لَا جَعْلَ لَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَالْأَظْهَرُ، وَالْأَصَحُّ لَا جَعْلَ لَهُ (ش) إذْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ لِأَنَّ جَعْلَنَا لَهُ الْأُجْرَةَ تَتْمِيمٌ لِلسَّلَفِ وَالرِّبَا الَّذِي عَقَدَا عَلَيْهِ ثُمَّ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْأَقَلُّ حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ انْتِفَاعِ الْآمِرِ بِالسَّلَفِ، وَأَمَّا
ــ
[حاشية العدوي]
يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لَكِنْ اُسْتُقْرِئَ كَلَامُهُ فَوُجِدَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْكَرَاهَةَ التَّنْزِيهِيَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ مُشَبَّهٌ لَهُ) أَيْ مُشَبَّهٌ لِلتَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ (أَقُولُ) لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَفْهُومَ التَّصْرِيحُ بِالرِّبْحِ، وَفِيهِ التَّفْصِيلُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقَدْرَ كُرِهَ كَالْإِيمَاءِ، وَإِنْ بَيَّنَ فَتَارَةً يَكُونُ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِأَجَلٍ فَيَحْرُمُ وَتَارَةً لَا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُنَاقِضَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَزِمَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) لَا مَوْرِدَ لِهَذَا السُّؤَالِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْآتِيَةَ لَمْ تَكُنْ مُخْرِجَةً مِمَّا تَقَدَّمَ حَتَّى يَرِدَ السُّؤَالُ، وَيَأْتِيَ الْجَوَابُ (قَوْلُهُ أَوْ تَمْضِي إلَخْ) اعْتَمَدَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ ذَلِكَ الْقَوْلَ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَدْ مَرَّ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ (قَوْلُهُ فَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ) أَيْ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.
(قَوْلُهُ وَهَذَا يُفِيدُ) أَيْ هَذَا التَّقْرِيرُ يُفِيدُ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا حَذَفَ إلَخْ كَأَنَّ إفَادَةَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا احْتَوَى عَلَى إجَارَةٍ وَسَلَفٍ ثُمَّ حَذَفَ الشَّرْطَ يَصِحُّ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ أَيْ وَهَذَا التَّقْرِيرُ يُفِيدُهُ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا التَّقْرِيرُ مَنْقُولًا عَنْ الْقَوْمِ صَحَّ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَيْسَ مَدْلُولَ الْمُصَنِّفِ بَلْ مَدْلُولُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ النَّقْدُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَالْمَذْكُورُ هُوَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْأَقَلُّ إلَخْ) اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ بِأَنَّهُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَيْ أَنَّ لَهُ الْجُعْلَ بَالِغًا مَا بَلَغَ لَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ فِيهِمَا لَسَلِمَ مِنْ هَذَا، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ سَكَتَ عَمَّا يَلْزَمُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ) الْأَوْلَى وَالدِّرْهَمَيْنِ أَوْ تُجْعَلُ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَتَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْقَوْلَ يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ.
(قَوْلُهُ، وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ لَا جُعْلَ لَهُ) وَهَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَقَالَ عج لَا يَجْرِي فِيهَا ذَلِكَ لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ فِيهَا بِهِ ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ إلَخْ) لَا مَحَلَّ لِلتَّعْلِيلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ مُجْتَهِدٌ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالْأَظْهَرِ لِمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute