زَوْجَتِهِ يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي طَلَاقِهِ وَرَسَمَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَرِيبٍ مِنْ رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ (ص) يَمِينُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِيلَاءَ حَلِفُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ وَلَوْ عَبْدًا بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ أَوْ مَا فِيهِ الْتِزَامُ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَخَصَّهُ أَحْمَدُ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَيَنْعَقِدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِكُلِّ مَا فِيهِ الْتِزَامٌ غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ وَالْأَخْرَسِ إذَا فُهِمَ مِنْهُ بِإِشَارَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْأَعْجَمِيِّ بِلِسَانِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ كَافِرٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] يَمْنَعُهُ لِعَدَمِ حُصُولِهِمَا لِلْكَافِرِ بِالْفَيْئَةِ (ص) يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ (ش) " يُتَصَوَّرُ " بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ يُتَعَقَّلُ أَيْ يُمْكِنُ أَنَّ الْعَقْلَ يَتَصَوَّرُ وِقَاعَهُ أَيْ جِمَاعَهُ يَحْتَرِزُ بِهِ عَنْ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالْعِنِّينِ وَالشَّابِّ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْهُمْ إيلَاءٌ وَقَوْلُهُ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِيَشْمَلَ قَوْلَهُ (وَإِنْ مَرِيضًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمَوْصُوفُ بِمَا ذُكِرَ مَرِيضًا فَهُوَ كَالصَّحِيحِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا إذَا أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَ الْمَرَضُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الضَّرَرَ فَيُطَلَّقَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ (ص) بِمَنْعِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِيلَاءِ هِيَ الْيَمِينُ بِمَنْعِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ إمَّا صَرِيحًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ تَضَمُّنًا كَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَلْتَقِيَ مَعَهَا أَوْ لَا يَغْتَسِلَ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَقَوْلُهُ " بِمَنْعِ " جَارٌّ وَمَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِيَمِينُ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْحَلِفِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عَلَى " أَيْ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى لِأَنَّ مَنْعَ الْوَطْءِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ لَا مَحْلُوفٌ بِهِ وَفِي نُسْخَةٍ يُمْنَعُ بِالْفِعْلِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوْ الْفَوْقِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مُؤَنَّثَةٌ أَوْ مُذَكَّرَةٌ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْحَلِفِ أَحْسَنُ يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ لَا تَمْنَعُ مِثْلُ وَاَللَّهِ لَأَطَأَنَّهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي الْوَطْءِ وَمَفْهُومَ الْوَطْءِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى هِجْرَانِهَا مَثَلًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُصِيبُهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ بِذَلِكَ وَمَفْهُومُ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ سُرِّيَّتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
عِيَاضٌ أَصْلُ الْإِيلَاءِ الِامْتِنَاعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: ٢٢] ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِيَمِينٍ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْإِيلَاءُ فِي اللُّغَةِ الْيَمِينُ وَقَوْلُهُ يُوجِبُ خِيَارَهَا إلَخْ صِفَةٌ لِحَلِفِ الزَّوْجِ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ أَوْجَبَ خِيَارَهَا وَالْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ تَلَوُّمُ الْقَاضِي فِي الْوَطْءِ فَإِذَا امْتَنَعَ خُيِّرَتْ قُلْتُ لَمَّا كَانَ التَّلَوُّمُ مُسَبَّبًا عَنْ الْحَلِفِ صَحَّ ذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ السَّبَبِ سَبَبٌ قَالَهُ عج وَانْظُرْ قَوْلَهُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي نَفْسِ الْوَطْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ بِالْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ: يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي طَلَاقِهِ) بِأَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي مِمَّا اُعْتُبِرَ فِي حَقِيقَةِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا مِنْ الصِّفَاتِ النَّفْسِيَّةِ إلَّا الْوُجُودُ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمَعَانِيَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِيهِ الْتِزَامُ عِتْقٍ) كَأَنْ يَقُولَ إنْ وَطِئْتُ زَوْجَتِي فَسَعِيدٌ حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ طَلَاقٍ " كَأَنْ يَقُولَ إنْ وَطِئْتُ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ فَعَمْرَةُ إشَارَةً لِزَوْجَةٍ أُخْرَى طَالِقٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " اسْمِ اللَّهِ " (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَأَنْ يَقُولَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك أَوْ لَا أَطَؤُكِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الصَّلَاةِ) اُنْظُرْ عِنْدَهُمْ مَا وَجْهُ اسْتِثْنَاءِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَجْنُونٍ) أَيْ آلَى حَالِ جُنُونِهِ فَإِنْ آلَى عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَكَّلَ الْإِمَامُ مَنْ يَنْظُرُ فَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يَفِيءَ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَفِيءَ كَفَّرَ عَنْهُ أَوْ أَعْتَقَ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِعِتْقٍ قَالَهُ أَصْبَغُ وَإِنْ وَطِئَهَا حَالَ جُنُونِهِ فَهَلْ هُوَ فَيْئَةٌ وَيَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ نَظَرًا لِحَالِ الْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ أَوْ لَا يَحْنَثُ وَيَسْقُطُ حَقُّهَا فِي الْوَقْفِ وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ إذَا عَقَلَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ نَظَرًا لِحَالِ الْحِنْثِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْفُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ كَالْمَرَضِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ حُصُولِهِمَا لِلْكَافِرِ بِالْفَيْئَةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَافِرَ يُعَذَّبُ عَذَابَ الْكُفْرِ وَعَذَابَ الْمَعْصِيَةِ، وَالْمُمْتَنِعَ غُفْرَانُهُ عَذَابَ الْكُفْرِ لَا عَذَابَ الْمَعْصِيَةِ.
(قَوْلُهُ: يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ) أَيْ مِنْ جِهَتِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ يُمْكِنُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ يُمْكِنُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ يُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ يُعْقَلُ وَإِنْ فُسِّرَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ يُفَسَّرُ بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ وَأَمَّا مِنْ جِهَتِهَا فَيَقَعُ الْإِيلَاءُ وَلَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ عَفْلَاءَ وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ وَطْئِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: يَحْتَرِزُ بِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْعَقْلَ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُ الشَّيْخِ الْفَانِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ الْعَقْلِيِّ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْعَادِيِّ فَإِذَنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ يُمْكِنُ عَادَةً (قَوْلُهُ: الْمَجْبُوبِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَوَّلًا غَيْرَ مَجْبُوبٍ ثُمَّ جُبَّ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ أَوْ مَجْبُوبًا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَالشَّابِّ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ حَالًا وَمَآلًا لَا مَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوَطْءُ حَالًا لَا مَآلًا لَا كَمَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ثُمَّ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالشَّابِّ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا أَطْلَقَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ خِلَافًا لعب (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الضَّرَرِ) أَيْ لِأَجْلِ قَصْدِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَضَمُّنًا) أَيْ اسْتِلْزَامًا وَقَوْلُهُ: كَحَلِفِهِ إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الِالْتِقَاءَ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَكَذَا الِاغْتِسَالُ وَأَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُمَا فِي الْوَطْءِ لَكَانَ مِنْ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عَلَى ") يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ.
(قَوْلُهُ: أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّ نُسْخَةَ بِمَنْعِ بِالْبَاءِ فِيهِ تَكَلُّفٌ لِمَا عَلِمْتِ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ التَّكَلُّفِ أَوْ لِأَنَّ يَمْنَعُ صِفَةٌ فَلَهَا مَفْهُومٌ بِخِلَافِ مَنْعٍ فَإِنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute