لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ إيلَاءٌ إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الضَّرَرِ لَا سِيَّمَا أُمُّ الْوَلَدِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ إلَّا الْوَطْءُ وَحَلِفُهُ يَضُرُّ بِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الزَّوْجَةَ الصَّغِيرَةَ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا يُضْرَبُ الْأَجَلُ فِيمَنْ لَا تُطِيقُهُ حَتَّى تُطِيقَ وَفِيمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْ يَوْمِ الدُّعَاءِ وَمُضِيِّ مُدَّةِ التَّجْهِيزِ وَقَوْلُهُ " زَوْجَتِهِ " أَيْ الْكَائِنَةِ حِينَ الْحَلِفِ أَوْ الْمُتَجَدِّدَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ وَطْئِهَا (ص) وَإِنْ تَعْلِيقًا (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّعَالِيقَ مِنْ بَابِ الْأَيْمَانِ عَلَى الصَّحِيحِ لَا مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّةِ الْإِيلَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ لِمُضِيِّ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا أَوْ مُعَلَّقًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَدْخُلَ الدَّارَ مَثَلًا وَبِعِبَارَةٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي يَمِينٍ وَفِي مَنْعِ الْوَطْءِ فِي زَوْجَتِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ مُنَجَّزَةً وَمُعَلَّقَةً، وَمَنْعَ الْوَطْءِ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْحَالِ وَيَكُونُ مُعَلَّقًا وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِمَنْعِ الْوَطْءِ تَعْلِيقًا أَيْ ذَاتَ تَعْلِيقٍ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْوَطْءِ تَعْلِيقًا أَيْ مُعَلَّقًا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي أَوْ تَأْتِينِي أَوْ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَيْ الزَّوْجِيَّةُ تَعْلِيقًا أَيْ مُعَلَّقَةً كَأَنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُهَا ثُمَّ وَصَفَ الزَّوْجَةَ الْمُولَى مِنْهَا بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ وَلَدَهَا بِنَفْسِهَا) فَلَا إيلَاءَ فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ لِلْمُرْضِعِ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ اسْتِصْلَاحَ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ نَوَى بِيَمِينِهِ حَوْلَيْنِ فَهُوَ مُولٍ إنْ بَقِيَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (ص) وَإِنْ رَجْعِيَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ مِنْ الزَّوْجَةِ بَيْنَ مَنْ هِيَ فِي الْعِصْمَةِ وَمَنْ طَلُقَتْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَمَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ فَهُوَ مُولٍ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ وَيُؤْمَرُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِالْفَيْئَةِ فَيَرْتَجِعُ لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَ وَكَتَمَ وَهَذَا إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(ص) أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ أَجَلَ الْإِيلَاءِ لَا يَلْزَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ فَلَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي مُدَّةٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا فَقَوْلُهُ " أَكْثَرَ " ظَرْفٌ لِلْمَنْعِ أَوْ لِلْيَمِينِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَثْرَةَ مُعْتَبَرَةٌ وَلَوْ قَلَّتْ كَيَوْمٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ نَصِّ أَبِي عِمْرَانَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِزِيَادَةٍ مُؤَثِّرَةٍ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهُ مُولٍ فِي الْأَرْبَعَةِ أَوْ بِالْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ الِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْفَيْئَةَ هَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ خَارِجَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ فِيهَا وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الضَّرَرِ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةَ إذَا حَصَلَ لَهُمَا الضَّرَرُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ قَالُوا إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ لِلضَّرَرِ لَا سِيَّمَا أُمُّ الْوَلَدِ وَقَوْلُهُ: وَحَلِفُهُ يَضُرُّ بِهَا زَادَ بَهْرَامُ فَيُمْنَعُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَبَعْدُ فَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبْرَ الْمَالِكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّعَالِيقَ) أَيْ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَمِينُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ) الَّذِي لَا يَلْزَمُ بِهِ إيلَاءٌ كَمَا إذَا قَالَ الْتَزَمْتُ عَدَمَ وَطْئِكِ وَلَكِنْ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَمُرَادُهُ بِالْيَمِينِ مَا يَشْمَلُ الِالْتِزَامَاتِ وَالنَّذْرَ وَإِلَّا لَخَرَجَ أَكْثَرُ مَسَائِلِ الْبَابِ كَإِنْ وَطِئْتُهَا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ لَا أَطَؤُكِ اهـ وَلَا تَنَافِيَ لِأَنَّ الِالْتِزَامَاتِ الدَّاخِلَةَ الْتِزَامَاتٌ مَخْصُوصَةٌ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَلَّقًا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْيَمِينُ مُنَجَّزَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الْيَمِينِ مُعَلَّقَةً أَنَّ لُزُومَهَا لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ لَيْسَ مُعَلَّقًا بَلْ الْمُعَلَّقُ عَلَى السُّؤَالِ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ تَعْلِيقًا إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَيْسَتْ مُعَلَّقَةً بَلْ مُعَلَّقًا عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: لَا أَطَؤُهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا) أَيْ أَوْ مَا دَامَتْ تُرْضِعُهُ أَوْ مُدَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ حَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ اسْتِصْلَاحَ الْوَلَدِ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ الْحَوْلَيْنِ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ مِنْ الصُّوَرِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى بِيَمِينِهِ إلَخْ مُقَابِلُ مَا قَدَّرْنَاهُ أَيْ وَإِنْ نَوَى بِيَمِينِهِ الْحَوْلَيْنِ أَيْ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ أَيْ أَوْ قَيَّدَ بِالْحَوْلَيْنِ وَهِيَ الْأَخِيرَةُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ إلَخْ وَمِثْلُ قَصْدِهِ اسْتِصْلَاحَ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا الْمُضَارَّةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا رَضَعَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرِهَا أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي جَرَى فِي مَوْتِهِ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَ وَكَتَمَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي الرَّجْعِيَّةِ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: الرَّجْعِيَّةُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ وَالْوَقْفِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ لَهَا حَقٌّ فِيهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِيُصِيبَ أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى وَنُوقِشَ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ قَبْلَ تَزَوُّجِهَا غَيْرَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا وَلَوْ لَمْ تَدَّعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ أَوْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ أُخْرَى جَوَابًا لِمَا يُقَالُ لَا يُحْتَاجُ لِطَلْقَةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الرَّجْعِيَّةِ فِيهَا الْإِيلَاءُ إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ.
(قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لِلْمَنْعِ أَوْ لِلْيَمِينِ) الْمُتَعَيَّنُ هُوَ الْأَوَّلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ لِلْيَمِينِ فَلَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ مُؤَثِّرَةٍ) أَيْ مُعْتَبَرَةٍ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهَا وَالظَّاهِرُ مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ وَكَلَامُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِالْأَرْبَعَةِ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ فَهُوَ اخْتِلَافُ عِبَارَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute