بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَمْ لَا فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِهَا وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ مُرُورِهَا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِالْمَشْهُورِ بِمَا تُعْطِيهِ الْفَاءُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: ٢٢٦] فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فَتَكُونُ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ وَلِأَنَّ " إنْ " الشَّرْطِيَّةَ تُصَيِّرُ الْمَاضِيَ بَعْدَهَا مُسْتَقْبَلًا فَلَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً فِي الْأَرْبَعَةِ لَبَقِيَ مَعْنَى الْمَاضِي بَعْدَهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ وَرَأَى فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الْفَاءَ لَيْسَتْ إلَّا لِمُجَرَّدِ السَّبَبِ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُ الْمُسَبَّبِ عَنْ سَبَبِهِ فِي الزَّمَانِ بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْمُقَارَنَةُ وَرَأَى أَيْضًا أَنَّهُ حَذَفَ كَانَ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانُوا فَاءُوا كَمَا تُؤُوِّلَ مِثْلُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: ١١٦] وَالْقَرِينَةُ الْمُعَيِّنَةُ لِذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ اللَّامُ مِنْ قَوْلِهِ {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] فَالتَّرَبُّصُ إذَنْ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا لَا غَيْرُ انْتَهَى (ص) وَلَا يَنْتَقِلُ بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ (ش) أَيْ إذَا حَلَفَ الْعَبْدُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ بَعْدَ تَقَرُّرِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ فِي الصَّرِيحِ بِتَقَرُّرِ الْحَلِفِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِأَجْلِ الْحُرِّ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَمَّا لَوْ عَتَقَ بَعْدَ الْإِيلَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي الْمُحْتَمَلِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِأَجْلِ الْحُرِّ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْإِيلَاءِ أَيْ بَعْدَ تَقَرُّرِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ.
(ص) كَوَاللَّهِ لَا أُرَاجِعُكِ أَوْ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي أَوْ تَأْتِينِي (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي بَيَانِ الْمِثْلِ الَّتِي لَا يَلْزَمُ فِيهَا الْإِيلَاءُ وَاَلَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا وَبَدَأَ مِنْهَا بِغَامِضِهَا وَهُوَ مَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَهُوَ مُولٍ إنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ طُلِّقَ عَلَيْهِ أُخْرَى وَثَبَتَتْ عَلَى عِدَّتِهَا وَحَلَّتْ بِتَمَامِهَا وَلَوْ قَلَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا كَسَاعَةٍ وَكَذَلِكَ يَكُونُ مُولِيًا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَسْأَلِينِي الْوَطْءَ أَوْ حَتَّى تَأْتِيَنِي إذَا دَعَوْتُكِ لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ وَلِمَعَرَّةِ إتْيَانِهَا إلَيْهِ عِنْدَهُنَّ مَعَرَّةً عَظِيمَةً وَلَا يَكُونُ رَفْعُهَا لِلسُّلْطَانِ سُؤَالًا يَبَرُّ بِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ» (ص) أَوْ لَا أَلْتَقِي مَعَهَا أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ نَفْيُ الْوَطْءِ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فَالْأَوَّلُ كَوَاللَّهِ لَا أَلْتَقِي مَعَهَا سَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ قَيَّدَهُ بِأَجَلٍ زَائِدٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي كَوَاللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْهَا مِنْ جَنَابَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ (ص) أَوْ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا تَكَلَّفَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ وَكَانَ عَلَيْهِ فِي خُرُوجِهِ مِنْهَا مَشَقَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَكَثْرَةِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ لِأَنَّ عَيْنَهُ صَرِيحَةٌ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَالضَّمِيرُ فِي " تَكَلَّفَهُ " عَائِدٌ عَلَى الْخُرُوجِ فَإِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ فَالْمَشْهُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَيْئَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ لَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ يَقُولُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا إذَا حَلَفَ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَمَنْ يَقُولُ يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ يَقُولُ يَكُونُ مُولِيًا بِحَلِفِهِ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ قَبْلَ دُخُولِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْمُقَارَنَةُ) كَحَرَكَةِ الْأُصْبُعِ فَإِنَّهَا سَبَبٌ فِي حَرَكَةِ الْخَاتَمِ مَعَ الْمُقَارَنَةِ (قَوْلُهُ: وَرَأَى أَيْضًا أَنَّهُ حَذَفَ كَانَ إلَخْ) أَيْ الدَّالَّةَ عَلَى تَحَقُّقِ الْمُضِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا تُؤُوِّلَ مِثْلُهُ) مُرَادُهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى " قُلْتُهُ " فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ} [المائدة: ١١٦] بَلْ زِيدَ كُنْتُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحَقُّقِ الْقَوْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قُدِّرَ شَيْءٌ فِي الْآيَةِ وَبَعْضُهُمْ فَهِمَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي قَوْلِهِ {فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: ١١٦] أَيْ فَقَدْ كُنْتَ عَلِمْتَهُ (أَقُولُ) لَا حَاجَةَ عَلَيْهِ لِتَقْدِيرِ كَانَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْتَى بِكَانَ إلَّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى الْمُضِيِّ وَمَعْنَى الْمُضِيِّ مُتَحَقِّقٌ مِنْ تَرْتِيبِهِ عَلَى كُنْتُ قُلْتُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِينَةُ الْمُعَيِّنَةُ لِذَلِكَ) أَيْ لِحَذْفِ كَانَ (قَوْلُهُ: فَالتَّرَبُّصُ إذَنْ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ التَّرَبُّصَ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَيَكُونُ الْحَلِفُ عَلَيْهَا لَا أَزْيَدَ وَالْجَوَابُ أَنَّ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ غَيْرُ مُدَّةِ الْحَلِفِ وَهُوَ لَمَّا جَعَلَ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ الْأَرْبَعَةَ فَلَا تَكُونُ الْفَيْئَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ بَلْ خَارِجَ الْأَرْبَعَةِ فَإِذَنْ الْحَلِفُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَبَعُدَ هَذَا كُلُّهُ فَيُقَالُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْآيَةِ أَنَّ تَرَبُّصَ الْأَرْبَعَةِ مَقْصُورٌ عَلَى الَّذِينَ لَا أَنَّ التَّرَبُّصَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُولٍ إنْ مَضَتْ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ إنْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَسْأَلِينِي إلَخْ) مَنْصُوبَانِ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ وَنَصْبُهُمَا بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ وَالنُّونُ الْمَوْجُودَةُ نُونُ الْوِقَايَةِ وَأَخْطَأَ مَنْ نَصَبَهُمَا بِفَتْحِ الْيَاءِ لِأَنَّ مَا قَالَهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْغَائِبَةِ نَحْوُ لَا أَطَؤُهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي وَالْغَائِبَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ الَّتِي تُنْصَبُ بِحَذْفِ النُّونِ ثُمَّ نَقُولُ إنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ سَأَلَتْهُ أَوْ أَتَتْهُ فِي الْأَجَلِ وَلَمْ يَفِئْ أَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ لَمْ تَسْأَلْهُ أَصْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ حَتَّى تَأْتِينِي إذَا دَعَوْتُكِ) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى دُعَاءٍ بِحَضْرَةِ مَنْ يُسْتَحَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ) أَيْ الشَّأْنُ ذَلِكَ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ السُّؤَالَ وَالْإِتْيَانَ لَا يُزْرِي بِهَا وَلَا تَتَكَلَّفُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَلْتَقِي إلَخْ) إنْ قَصَدَ بِالِالْتِقَاءِ الْوَطْءَ أَوْ قَصَدَ الِالْتِقَاءَ الْمُطْلَقَ أَوْ هُمَا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُولٍ إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ يَعْنِي إذَا حَلَفَ عَلَى مَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَخْ يَقْتَضِي إبْقَاءَ مَا ذُكِرَ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ قَيَّدَهُ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ نَفْيَهُ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمُولٍ، وَدُيِّنَ فِي الْفُتْيَا لَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْهَا مِنْ جَنَابَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا بِتَرْكِهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَهَلْ حَلِفُهُ الْمَذْكُورُ كِنَايَةٌ عَنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ فَيَحْنَثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute