للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ يَفْتَدِي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَافْتَدَى لِحَلْقِهِ) وَأَعَادَهُ إنْ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِتَأْخِيرِهِ،، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَسَدَتْ فَيُتِمُّهَا، ثُمَّ يَقْضِيهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ وَيَفْتَدِي وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءَ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ لِلُبْسِهِ، أَوْ طِيبِهِ وَيَجْرِي الِاتِّحَادُ وَالتَّعَدُّدُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ، قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ بِمَا إذَا لَمْ يَتَطَوَّعْ بِطَوَافٍ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَإِلَّا فَيُجْزِئُ، وَلَا يَرْجِعُ كَمَا قِيلَ فِي الْإِفَاضَةِ كَمَا يَأْتِي وَلَكِنْ عَلَيْهِ هُنَا دَمٌ إنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ غَيْرِ فَرْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ وَإِلَّا فَدَمٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُدُومِ.

(ص) ، وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِحَجٍّ فَقَارِنٌ (ش) أَيْ: وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الطَّوَافِ غَيْرِ الصَّحِيحِ فَهُوَ قَارِنٌ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الْفَاسِدَ كَالْعَدَمِ فَالْإِحْرَامُ حِينَئِذٍ وَاقِعٌ قَبْلَ الطَّوَافِ وَحَيْثُ وَقَعَ قَبْلَهُ يَكُونُ قَارِنًا وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ السَّعْيِ وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِحَجٍّ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَكَانَ تَحَلُّلُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ تَحَلُّلًا مِنْ الْأُولَى وَقَالَهُ سَنَدٌ (ص) كَطَوَافِ الْقُدُومِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ لَا فِي صِفَتِهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ إذَا تَبَيَّنَ فَسَادُهُ، وَقَدْ أَوْقَعَ السَّعْيَ بَعْدُ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ حَلَالًا لَكِنَّ الرُّجُوعَ هُنَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ لِطَوَافِ الْقُدُومِ، بَلْ لِلسَّعْيِ فَلِهَذَا قَالَ (إنْ سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ) عَلَيْهِ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى السَّعْيِ، بَلْ أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَيْ: أَوْ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ لَمْ يَرْجِعْ لِلطَّوَافِ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ.

(ص) وَالْإِفَاضَةُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ نَسِيَهُ، أَوْ بَعْضَهُ حَتَّى وَصَلَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ وُجُوبًا حَلَالًا إلَّا أَنْ يَكُونَ طَافَ بَعْدَهُ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَلَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَاتِ الْحَجِّ تُجْزِئُ عَنْ وَاجِبِ جِنْسِهَا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا دَمَ) لِمَا تَرَكَ مِنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ لَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَكَذَا بَقِيَّةُ أَفْعَالِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْسَحِبُ عَلَيْهَا كَمَا يَنْسَحِبُ إحْرَامُ الصَّلَاةِ عَلَى أَفْعَالِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ نِسْيَانًا، أَوْ عَمْدًا وَعَلَيْهِ حَمْلُهُ ح وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ حَمْلَهُ عَلَى النِّسْيَانِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ فِي بَابِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ: " لَا خِلَافَ فِيمَا إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْإِفَاضَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ " اهـ.

قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: كَطَوَافِ الْقُدُومِ إنْ سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ إلَخْ، وَلِقَوْلِهِ: وَالْإِفَاضَةُ، وَكَذَا، قَوْلُهُ: (حِلًّا إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَكُرِهَ الطِّيبُ) أَيْ: مَنْ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِطَوَافٍ بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُ الطَّوَافِ الرُّكْنِيِّ وَسَعَى بَعْدَ ذَلِكَ الطَّوَافِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ إذَا بَعُدَ يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَلَا يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُدُومِ) قَالَ فِي ك فَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ غَيْرَ خَاصٍّ بِالْإِفَاضَةِ أَيْ: أَنَّهُ إذَا كَانَ طَوَافُ الْقُدُومِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَكِنْ قَدْ سَعَى بَعْدَهُ، ثُمَّ طَافَ تَطَوُّعًا وَسَعَى بَعْدَهُ فَيُجْزِئُ وَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَكَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ) مَفْهُومُهُ أَحْرَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَكُون مُتَمَتِّعًا) أَيْ: إنْ حَلَّ مِنْ عَرَفَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: لَكَانَ تَحَلُّلُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ تَحَلُّلًا مِنْ الْأُولَى) أَيْ:؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الثَّانِيَةَ انْعَقَدَتْ فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ لَا فِي صِفَتِهِ) أَيْ: الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ حَرَمًا وَهُنَا يَرْجِعُ حِلًّا (قَوْلُهُ: بَلْ أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ) أَيْ: قُدِّرَ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَأَوْلَى إذَا تَذَكَّرَ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَاسِدٌ فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَهَا ثُمَّ يَسْعَى فَيُتِمَّ تَحَلُّلَهُ مِنْ الْحَجِّ، قَالَ بَعْضٌ: وَيَنْوِي بِطَوَافِهِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ قَبْلَ السَّعْيِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَاتَ مَحَلُّهُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلَزِمَهُ إعَادَةُ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَلَمَّا لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِهَا بَطَلَ طَوَافُهَا فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَصَارَ كَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ فَيُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ) ظَاهِرُهُ إجْزَاءُ التَّطَوُّعِ عَنْ الْفَرْضِ، سَوَاءٌ رَجَعَ لِبَلَدِهِ أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ طُلِبَ بِالْإِعَادَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّ إجْزَاءَ التَّطَوُّعِ عَنْ غَيْرِهِ خَاصٌّ بِالْحَجِّ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ هَلْ يَنُوبُ طَوَافُ التَّطَوُّعِ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ؟ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ لِمَا تَرَكَ مِنْ النِّيَّةِ) أَيْ: أَنَّ هَذَا التَّطَوُّعَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ لَمْ يُلَاحِظْ أَنَّهُ فَرْضٌ، بَلْ لَاحَظَ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ (قَوْلُهُ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ) أَيْ: مُلَاحِظًا أَنَّهُ وَدَاعٌ (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ) هَذَا خِلَافُ مَا أَفَادَهُ أَوَّلًا مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ: وَالْإِفَاضَةُ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَعَادَ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ (قَوْلُهُ: حِلًّا) فَيَكْمُلُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُجَدِّدُ إحْرَامًا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَا يُلَبِّي فِي طَرِيقِهِ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ قَدْ انْقَضَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إنْ كَانَ طَافَهَا ثُمَّ يَسْعَى بَعْدَهُ وَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ إفَاضَتِهِ يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ فَقَطْ وَلَا يَحْلِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ حَلَقَ بِمِنًى فَإِنْ قِيلَ الرُّجُوعُ حِلًّا يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ دُخُولُ مَكَّةَ حَلَالًا وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا حِلٌّ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَصْغَرَ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ الْأَكْبَرَ؛ لِأَنَّ الْإِفَاضَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَلَالٌ حُكْمًا وَغَيْرُ حِلٍّ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَالصَّيْدُ وَيُكْرَهُ الطِّيبُ (قَوْلُهُ إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) فَإِنَّهُ يَجْتَنِبُهُمَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِلُّهُمَا إلَّا التَّحَلُّلَ الْأَكْبَرَ الَّذِي هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الطِّيبُ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ وَهُوَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَتَحَلُّلُهُ لَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِحْرَامِ بِالْكُلِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>