للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّفَا وَمِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ سَبْعًا فَلَوْ بَدَأَ مِنْ الْمَرْوَةِ أَلْغَى ذَلِكَ الشَّوْطَ وَإِلَّا صَارَ تَارِكًا لِشَوْطٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الطَّوَافِ وَلَمْ نَجْعَلْهُ مَعْطُوفًا عَلَى الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعْطُوفَاتُ إذَا تَعَدَّدَتْ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ لِتَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَعْطُوفٍ غَيْرِ الْفَاءِ وَثُمَّ.

(ص) وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ وَإِلَّا فَدَمٌ (ش) أَيْ: وَشَرْطُ صِحَّةِ السَّعْيِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ أَيًّا كَانَ وَاجِبًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ لِلْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ، أَوْ رُكْنًا كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ، أَوْ تَطَوُّعًا كَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَطَوَافِ الْمُحْرِمِ مِنْ الْحَرَمِ وَالْمُرْدِفِ فِيهِ، فَلَوْ سَعَى مِنْ غَيْرِ طَوَافٍ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ السَّعْيُ بِلَا خِلَافٍ ابْنُ عَرَفَةَ.

وَالْمَذْهَبُ شَرَطَ كَوْنَهُ بَعْدَ طَوَافٍ، لَكِنْ إنْ وَقَعَ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ فَيُسَنُّ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْفَرْضَ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، أَوْ فَرْضٍ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْفَرْضَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ عَدَمَ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا لِبَعْضِ الْجَهَلَةِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنَّهُ لَا يَسْعَى بَعْدَهُ، فَإِنْ سَعَى أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ إنْ لَمْ يَكُنْ وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ وَإِلَّا فَاتَ طَوَافُ الْقُدُومِ فَيُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إنْ كَانَ قَدْ فَعَلَهُ وَيَسْعَى بَعْدَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا فَدَمٌ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَدَمٌ، وَقَوْلُهُ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: إنْ كَانَ مِنْ الْأَطْوَافِ الْفَرْضِ، وَلَا يُرِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ، وَفِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَدَمٌ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ عَدَمُ الْأَمْرِ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

، وَلَمَّا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ شُرُوطَ الطَّوَافِ عَلَى الْعُمُومِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ طَوَافَ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا شَرَعَ يَذْكُرُ حُكْمَ مَا إذَا فَسَدَ الطَّوَافُ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ طَهَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنَّ الرُّجُوعَ يَجِبُ لِفَسَادِ أَحَدِ أَطْوَافِهِ ثَلَاثَةً لَا غَيْرُ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (ص) وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ حَرَمًا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إذَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ طَوَافًا غَيْرَ صَحِيحٍ بِأَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، أَوْ تَرَكَ الطَّوَافَ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مُحْرِمًا لِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ فَيَطُوفُ وَيَسْعَى، وَإِنْ كَانَ حَلَقَ رَأْسَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

اللَّقَانِيِّ وَنَصْبُ مَرَّةٍ عَلَى الْحَالِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهَا وَجَمِيعَ أَخَوَاتِهَا مِنْ طَوْرًا أَوْ فَوْرًا وَتَارَةً مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَسَبْعًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَقَعَ خِلَافٌ فِي " مَرَّةً وَتَارَةً وَطَوْرًا " هَلْ هِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَوْ الْمَصْدَرِيَّةِ؟ أَيْ: فَعَلَى الظَّرْفِيَّةِ يَكُونُ مَرَّةً خَبَرًا وَالتَّقْدِيرُ الْبَدْءُ فِي حَالِ كَوْنِهِ مِنْهُ كَائِنٌ فِي مَرَّةٍ، وَعَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ فَالْمَعْنَى الْبَدْءُ كَائِنٌ مِنْهُ كَيْنُونَةً مَرَّةً إلَخْ.

(تَتِمَّةٌ) مِنْ شُرُوطِ السَّعْيِ مُوَالَاتُهُ فِي نَفْسِهِ وَيُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ كَصَلَاتِهِ أَثْنَاءَهُ عَلَى جِنَازَةٍ، أَوْ بَيْعِهِ، أَوْ اشْتِرَائِهِ شَيْئًا، أَوْ جَلَسَ مَعَ أَحَدٍ أَوْ وَقَفَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ وَلَمْ يُطِلْ فَيَبْنِي مَعَهُ وَلَا يَنْبَغِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ كَثُرَ التَّفْرِيقُ لَمْ يَبْنِ وَابْتَدَأَهُ، فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِيهِ لَمْ يَقْطَعْ بِخِلَافِ الطَّائِفِ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَسْجِدِ وَعَدَمُ قَطْعِهِ فِيهِ طَعْنٌ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ فَفِي الْحَطَّابِ أَنَّ اتِّصَالَهُ بِالطَّوَافِ شَرْطٌ، وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ سُنَّةٌ، وَالصَّفَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَرْوَةِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ مِنْهُ أَرْبَعٌ وَمِنْ الْمَرْوَةِ ثَلَاثٌ وَمَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ فِيهِ أَكْثَرُ فَهُوَ أَفْضَلُ

(قَوْلُهُ: وَنَوَى) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حَالِ الطَّوَافِ الَّذِي قَالَ فِيهِ وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ مَا حَالُ هَذَا الطَّوَافِ فَقَالَ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ فَلَا دَمَ وَإِلَّا فَالدَّمُ لَا لِلْعَطْفِ وَلَا لِلْحَالِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ: فَرْضِيَّتَهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ قَالَ فِي ك وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْفَرْضَ أَيْ: الْوَاجِبَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى هَذَا الِاصْطِلَاحِ الْحَادِثِ وَهُوَ تَخْصِيصُ الْوَاجِبِ بِمَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَالْفَرْضُ بِالرُّكْنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ) أَيْ: أَرَادَ إيقَاعَهُ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ بِقَرِينَةٍ، قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَسْعَى بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ لُزُومَ الْإِتْيَانِ بِهِ فَإِنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ يَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى نَوَى وُجُوبَهُ، أَوْ فَرْضِيَّتَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ إلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، أَوْ فَرْضِيَّتَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَهُ السَّعْيُ وَلَا دَمَ، وَكَذَا لَوْ نَوَى سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ رُكْنٍ بَلْ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ، أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَهُ السَّعْيُ أَيْضًا وَلَا دَمَ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ تَرْكَهُ وَفِعْلَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ كَانَ مِنْ الطَّوَافِ النَّفْلِ الَّذِي لَا بُدَّ فِي السَّعْيِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ مِنْ دَمٍ حَيْثُ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ وَلَمْ يُعِدْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَعَى أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافٍ إلَخْ) فَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَكَانَ مِنْ الْجَهَلَةِ الَّذِينَ لَا يَعْتَقِدُونَ وُجُوبَهُ وَسَعَى بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ طَوَافَ الْقُدُومِ نَاوِيًا وُجُوبَهُ وَيُعِيدُ السَّعْيَ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إلَخْ) هَذَا لَا يُنْتِجُ السُّنِّيَّةَ، بَلْ يُنْتَجُ الْوُجُوبَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْته ذَكَرَ فِي ك مَا نَصُّهُ وَصَرَّحَ السُّودَانِيُّ بِأَنَّ حُكْمَ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَاجِبٌ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي تَرْكِهَا الدَّمَ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمَا وَجَبَ بِتَرْكِهَا الدَّمُ وَنَصُّهُ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَيْ: فَرْضِيَّةَ ذَلِكَ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَقَوَّى ذَلِكَ مُحَشِّي تت قَائِلًا: إذْ السُّنَّةُ لَا تَنْجَبِرُ بِالدَّمِ إلَّا بِالتَّسَامُحِ فِي إطْلَاقِ السُّنَّةِ عَلَى الْوَاجِبِ الْمُنْجَبِرِ بِالدَّمِ

(قَوْلُهُ: حَرَمًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ يُرَادُ مِنْهُ اسْمُ الْفَاعِلِ أَيْ: مُحْرِمًا وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الطَّوَافَ كُلَّهُ) هَذِهِ يَصْدُقُ بِهَا الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>