للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ، ثُمَّ بَنَاهُ الْأَرْوَامُ عُقُودًا كَمَا هُوَ الْآنَ.

، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الطَّوَافِ مُطْلَقًا شَرَعَ فِي بَقِيَّةِ أَقْسَامِهِ وَهِيَ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ: طَوَافُ قُدُومٍ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا، وَإِفَاضَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَوَدَاعٍ وَسَيَأْتِي فَالْأَوَّلُ وَاجِبٌ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ (ص) وَوَجَبَ كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ (ش) أَيْ: إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ طَوَافُ الْقُدُومِ قَبْلَ عَرَفَةَ وَهَذَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ وَكَذَا يَجِبُ كَوْنُ السَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ، فَقَوْلُهُ: كَالسَّعْيِ تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْقَبْلِيَّةِ فَقَطْ، وَلَيْسَ تَشْبِيهًا تَامًّا إذْ طَوَافُ الْقُدُومِ لَيْسَ بِرُكْنٍ، وَالسَّعْيُ رُكْنٌ.

(ص) إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَلَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ بِحَرَمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ تَقْدِيمِ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحِلِّ وَأَنْ لَا يُرَاهِقَ وَأَنْ لَا يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بِحَرَمٍ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، أَوْ رَاهَقَ أَيْ: ضَاقَ الزَّمَنُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَخْشَى الْفَوَاتَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّوَافِ فَلَا طَوَافَ قُدُومٍ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ قَبْلِيَّةُ السَّعْيِ أَيْضًا لِوُجُوبِ إيقَاعِهِ عَقِبَ أَحَدِ طَوَافَيْ الْحَجِّ، وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمْ طَوَافُ الْقُدُومِ، وَإِذَا سَقَطَ عَنْهُمْ قَبْلِيَّةُ السَّعْيِ فَإِنَّهُمْ يَسْعَوْنَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ الْبَاقِي مِنْ طَوَافَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) أَيْ: وَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا طَوَافَ قُدُومٍ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَسْعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَلَا دَمَ، قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فِيهِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ: وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَتَرَكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ إلَخْ شُرُوطٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا أَيْ: كَمَا يَجِبُ طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَيَصِحُّ فِي يُرَاهِقُ كَسْرُ الْهَاءِ وَفَتْحُهَا أَيْ: يُقَارِبُ الْوَقْتَ بِحَيْثُ يَخْشَى الْفَوَاتَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّوَافِ أَيْ: وَلَمْ يَضِقْ زَمَانُهُ.

(ص) وَإِلَّا فَدَمٌ إنْ قَدَّمَ وَلَمْ يُعِدْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ خَالَفَ وَقَدَّمَ السَّعْيَ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ بَلْ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، أَوْ فَرْضٍ بِأَنْ نَذَرَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَمًا لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَدَمٌ إلَخْ الْمُزَاحِمُ إذَا تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَطَافَ وَسَعَى قَبْلَ عَرَفَةَ فَإِنَّ هَذَا لَا إعَادَةَ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِالْحَرَمِ، أَوْ أَرْدَفَهُ بِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ.

وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ تَقَدُّمُ طَوَافٍ كَمَا يَأْتِي عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ فَقَالَ (ص) ثُمَّ السَّعْيُ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْهُ الْبَدْءُ مَرَّةً وَالْعَوْدُ أُخْرَى (ش) أَيْ: ثُمَّ الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّعْيُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِشُرُوطٍ: كَوْنِهِ سَبْعًا لَا أَنْقَصَ، وَكَوْنِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَوْنِ الْبَدْءِ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَمِنْ الْمَرْوَةِ إلَى

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَوَّلِ) أَيْ: فَالْمُرَادُ مَا كَانَ مَسْقُوفًا فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا السَّقَائِفُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ فَلَا يَجُوزُ الطَّوَافُ فِيهَا لِزَحْمَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا وَقَالَ فِي ك وَقَوْلُهُ: وَجَازَ بِسَقَائِفَ إلَخْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ زَمَانِنَا هَذَا فَإِنَّ السَّقَائِفَ كَانَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالسَّقَائِفُ خَارِجَةٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَزِيدَةٌ فِيهِ فَالطَّوَافُ فِيهَا خَارِجُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ بَاطِلٌ، سَوَاءٌ كَانَ لِزَحْمَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا ا. هـ. مِنْ كَبِيرِهِ.

(أَقُولُ) : إذَا كَانَتْ السَّقَائِفُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ اُشْتُرِطَ فِي الطَّوَافِ فِيهَا الزَّحْمَةُ فَهَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ السَّقَائِفُ الَّتِي فِي الْأَزْمِنَةِ السَّابِقَةِ بِمَثَابَةِ الرِّحَابِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَاجِبٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ: سُنَّةٌ وَقِيلَ: رُكْنٌ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ) فَاعِلُ وَجَبَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْقُدُومِ ذِكْرٌ فَكَيْفَ يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: قَبْلَ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ طَوَافٌ لِلْحَجِّ قَبْلَ عَرَفَةَ إلَّا طَوَافَ الْقُدُومِ، وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ عَرَفَةَ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ إلَخْ) أَيْ: فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ وُجُوبَ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي نَفْسِهِ لَا سُنِّيَّتِهِ وَوُجُوبُ قَبْلِيَّتِهِ لِعَرَفَةَ الَّذِي هُوَ وَجْهُ الشَّبَهِ هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا قِيلَ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُعْهَدْ تَرْتِيبٌ وَاجِبٌ بَيْنَ وَاجِبٍ وَسُنَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ تَشْبِيهًا تَامًّا) فِيهِ أَنَّ غَايَةَ مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ وُجُوبُ الْقَبْلِيَّةِ فَلَا يُعْقَلُ تَمَامٌ حَتَّى يَنْفِيَ فَتَدَبَّرْ.

(تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا يَجِبُ طَوَافُ الْقُدُومِ فِي حَقِّ غَيْرِ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَجْنُونٍ وَمَغْمِيٍّ عَلَيْهِ وَنَاسٍ إلَّا أَنْ يَزُولَ مَانِعُ كُلٍّ وَيَتَّسِعُ الزَّمَنُ فَيَجِبُ

(قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ) أَيْ: أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْفِعْلِ كَانَ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَاجِبًا كَالْآفَاقِيِّ الْقَادِمِ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ مَنْدُوبًا كَالْمُقِيمِ فِي مَكَّةَ إذَا كَانَ مَعَهُ نَفَسٌ مِنْ الْوَقْتِ وَخَرَجَ لِلْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ أَوْ طُلِبَ مِنْهُ الْإِحْرَامُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ لَكِنْ اقْتَحَمَ النَّهْيَ وَأَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ) أَيْ: لِكَوْنِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) مِنْ ذَلِكَ نَاسٍ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ وَمَجْنُونٌ وَمَغْمِيٌّ عَلَيْهِ لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُمْ حَتَّى حَصَلَ الْوُقُوفُ أَيْ: أَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُمْ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: كَمَا يَجِبُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَكُونُ قَبْلَ الْكَافِ (قَوْلُهُ: أَيْ: يُقَارِبُ الْوَقْتَ) هَذَا رَاجِعٌ لِقِرَاءَةِ الْكَسْرِ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ فَتُفَسَّرُ بِأَنَّهُ لَمْ يُزَاحِمْهُ الْوَقْتُ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذَا لَا إعَادَةَ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَوَّحَ لِهَذَا بِقَوْلِهِ: إنْ قَدِمَ إذْ هَذَا لَمْ يَقْدُمْ، بَلْ أَوْقَعَهُ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ فِي الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ: الْبَدْءُ مَرَّةً) حَالٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْبَدْءُ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَرَّةً وَقَوْلُهُ وَالْعَوْدُ أُخْرَى الْعَوْدُ مُبْتَدَأٌ وَأُخْرَى خَبَرٌ كَذَا قِيلَ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ أُخْرَى حَالًا وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَالْعَوْدُ إلَيْهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَرَّةً أُخْرَى كَأَنَّهُ يَحُومُ بِهَذَا عَلَى إفَادَةِ حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِابْتِدَاءَ مِنْ الصَّفَا، وَالثَّانِي أَنَّ الْبَدْءَ شَوْطٌ وَالْعَوْدَ شَوْطٌ آخَرُ وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>