من الأمر شيئاً، بمن له الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه، بالربّ الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم، ودنياهم وأخراهم، وقلوبهم، وأبدانهم، إلاّ منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟؟!
وهل أعظم ظلماً ممن خلقه الله لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه الشريفة، فجعلها في أخس المراتب جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا، فظلم نفسه ظلماً كبيراً.
(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) التي هي أصغر الأشياء وأحقرها، (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) أي في وسطها (أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ) في أي جهة من جهاتهما (يَأْتِ بِهَا اللَّهُ) لسعة علمه، وتمام خبرته، وكمال قدرته، ولهذا قال:(إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) أي: لطيف في علمه وخبرته، حتى اطلع على البواطن والأسرار، وخفايا القفار والبحار. والمقصود من هذا، الحثّ على مراقبة الله، والعمل بطاعته، مهما أمكن، والترهيب من عمل القبيح، قَلَّ أو كَثُرَ. (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) حثّه عليها، وخصّها لأنها أكبر العبادات البدنية، (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وذلك يستلزم العلم بالمعروف ليأمر به، والعلم بالمنكر لينهى عنه. والأمر بما لا يتمّ الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر إلا به، من الرفق، والصبر، وقد صرح به في قوله:(وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ) ومن كونه فاعلاً