للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾ يُغْنِمُكموها فتُغنيكم عن مِثْل هذه الفعلة الشنيعة، والفاءُ لتعليل النهي.

﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ أوَّلَ ما دخلتُم في الإسلام سُمعت منكم كلمة الشهادة فحُصِّنت بها دماؤكم وأموالكم من غير اطِّلاع على قلوبكم ومواطأتِها لألسنتكم.

﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ بالاستقامة والتصلُّبِ في الدِّين والاشتهارِ بالإيمان والتقدُّم فيه، والفاء للعطف على ﴿كُنْتُمْ﴾.

﴿فَتَبَيَّنُوا﴾: فافعلوا بالداخلينَ في الإسلام كما فُعل بكم، ولا تُبادِروا إلى قتلهم ظنًّا بأنهم دخلوا فيه اتِّقاءً وخوفًا، فإن إبقاءَ أَلْفِ كافرٍ أهونُ عند الله تعالى من قتلِ امرئٍ مسلمٍ.

وتكريرُ الأمر بالتبيين، والإيعادُ بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، للتأكيد؛ لتعظيم الأمر، وترتيبِ الحكم على ما ذكر، والمبالغةِ في التحذير عن مثل ما فَعلوا؛ أي: كونوا محترِزين محتاطِين مجتهدِين لإعلاء كلمة الإسلام وإعزازِ الدِّين، لا لطلبِ الغنيمة والمال، فإن الله مطَّلعٌ على ما في ضمائركم، خبيرٌ بأعمالكم وما يبتني عليها من نيَّاتكم فيؤاخذُكم بها، فلا تتهافَتوا في القتل.

رُوي أنَّ سريَّةً لرسول الله غزت أهل فَدَكٍ، فهربوا وبقي مرداسٌ ثقةً بإسلامه، فلما رأى الخيلَ أَلجأ غنمه إلى عاقولٍ من الجبل وصعد، فلمَّا تلاحَقوا وكبَّروا كبَّر ونزل وقال: لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسول الله، السلامُ عليكم. فقتله أسامةُ واستاق غنمه، فنزلت (١).


(١) انظر: "الكشاف" (١/ ٥٥٣)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٣/ ٣٦٧) من طريق الكلبي عن أبي =