للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خامسًا: مكانتُه العلميَّةُ وثناءُ العلماءِ عليه

يكفي العلامةَ ابنَ كمال باشا أنه لما دخل القاهرة منبع العلماء وملتقى الأدباء ومنتهى الفضلاء، أُعجب علماؤها بفصاحةِ لسانه، وحُسنِ كلامِه، وبلاغةِ بيانِه، وأقرُّوا له بالفضلِ والكمالِ، وأجازَ له بعضُ علماءِ الحديثِ بها، وأفادَ واستفادَ، وحصَّلَ بها علوَّ الإسنادِ، وشُهدَ له بالفضائلِ الجمَّة، والإتقانِ في سائرِ العلوم المُهمَّة، وكانوا يذكرونه بغايةِ التَّبجيل والإجلال (١).

وقد صارَ للعلَّامةِ ابنِ كمال اليدُ الطولى في علوم العربيَّة والتفسير والكلام، وما مؤلفاته إلا شواهد ناطقةٌ بتقدمهِ فيها وعلوِّ كعبه بين من يعانيها، وإجالةُ نظرٍ عَجْلى على بعض فيها توقِفُ المرءَ على مكانتهِ العلميَّة الرفيعة، ومن هنا فإنَّنا لا نرى داعيةً إلى الموازنة بين العلامةِ ابنِ كمال باشا وغيرهِ من العلماء؛ كالسّيوطي وأبي السُّعود وطاشكُبري زاده وغيرهم ممن كان في عصره أو يقرُب منه؛ فلكلِّ واحدٍ من العلماء فنّ أتقنهُ وعُرف به، وشاركَ في غيره من الفنونِ وكتبَ فيها وإنْ لم يكن ممن برز فيها.

فالعلامةُ ابنُ كمال أراد أن يبرزَ في العلوم النقلية كما السُّيوطي لكنه وقف دون غايته، والسُّيوطي أرادَ أن يبرز في العلوم العقليَّة فما وصل إلى مَرامه، ونرى أنَّ الموازنة بينهما - إنْ تمت - تكون في كثرةِ التَّأليف وقوةِ التَّحرير بوجهٍ عام، وفي ترجيحِ كفة أحدِهما على الآخَر هاهنا تختلفُ الأنظار (٢).


(١) انظر: "كتائب أعلام الأخيار" للكفوي (٤/ ٣٩٠).
(٢) انظر: "مقدمة مجموع رسائل العلامة ابن كمال باشا". ط دار اللباب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>